932896
932896
شرفات

هل تصطنع لجنة التحكيم الجدل؟ «البوكر» تشعل النقاش حول موضوعية اختياراتها.. وعلاقتها بالناشرين

20 فبراير 2017
20 فبراير 2017

عاصم الشيدي -

في اللحظة التي تعلن فيها الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» قائمتها الطويلة تبدأ إلى جوار ذلك حرب إعلامية وثقافية لا تقل سخونة عن أي حرب أخرى. ويبدأ جدل طويل لا ينتهي سنة بعد سنة وكأن هذه الجائزة وجدت من أجل وجود هذا الجدل واستمراره، أو أن هذا الجدل هو أحد أسباب بقاء الجائزة وتألقها.

ورغم النقد الكبير الذي يوجهه الكثير من كتاب الرواية وقرائها للجائزة إلا أنهم ما زالوا يجمعون على أهميتها، ليس فقط من أجل قيمتها المادية، وهي قيمة جيدة، ولكن من حيث قدرتها على صناعة جماهيرية وانتشار كبير للفائز بها أو حتى للواصلين إلى قائمتيها الطويلة والقصيرة. كما يرى هؤلاء وغيرهم أن «البوكر» سبب من بين أسباب اهتمام القراء العرب بالرواية وإقبالهم الكبير عليها.

ويعرف القائمون على الجائزة هذه الإشكالية وربما يحاولون تغذيتها لتستمر، سواء من حيث التصريحات التي تخرج منهم بين حين وآخر أو من حيث اختيار أعضاء لجان التحكيم الذين يدور حولها جدل طويل في كل دورة من دورات الجائزة.. ويظهر بينهم من يصطنع الجدل ويغذيه بطريقة أو بأخرى، باسمه الصريح أو باسم مستعار كما حدث في دورات سابقة.

ويطرح الكثير من المتابعين أسئلة كثيرة من حيث: هل الجائزة جائزة نقّاد؟ أم هي جائزة قرّاء؟ وهل هدفها صناعة كاتب منتشر أم دار نشر قادرة على تحقيق أرباح كبيرة؟

وكما يدور الصراع بين الروائيين يدور صراع مواز بين الناشرين.. وعلى مدى دورات الجائزة في السنوات الماضية بقيت بعض دور النشر حاضرة في كل دورة من دورات الجائزة، على أن هذا لا ينفي وجود دور نشر مجهولة في بعض الأحيان وليس لها سجل طويل في تقديم الإبداع ونشره وصلت بعض رواياتها للقوائم الطويلة والقصيرة.

وفي هذه الدورة بدأ الجدل باكرا مع إعلان مجلس أمناء الجائزة إجراء بعض التغييرات من حيث آلية ترشيح الروايات للقائمة الأولية. وينص النظام الجديد وفق ما أعلنه مجلس الأمناء وأرسله للصحف «على اعتماد نظام جديد بدءا من دورة العام القادم يقوم على فكرة المحاصصة، بحيث تتوقف حصة الروايات التي يقدمها الناشرون على عدد المرات التي وصلت فيها كتب الناشر المعني إلى القائمة الطويلة في السنوات الخمس السابقة، بحيث تقتصر حصة الناشرين الذين لم يسبق لهم الوصول إلى القائمة الطويلة على رواية واحدة، وروايتين للناشرين الذين سبق وصولهم إلى القائمة الطويلة مرة واحدة أو مرتين، وبينما يحق المشاركة بثلاث روايات للناشرين الذين سبق وصولهم إلى القائمة الطويلة ثلاث أو أربع مرات، والمشاركة بأربع روايات للناشرين الذين سبق وصولهم إلى القائمة الطويلة خمس مرات أو أكثر، ما يعني أن حصة الروايات التي يتقدم بها الناشرون قد تختلف من عام لعام، وستُبقي الجائزة على مبدأ حق الناشرين في التقدم برواية إضافية فوق حصتهم، يكون قد سبق لكاتبها الوصول إلى القائمة القصيرة».

واعتبر كتّاب وناشرون أن هذا الأمر من شأنه تكريس حضور دور نشر بعينها تكون قادرة من الأساس على استقطاب كبار الكتاب للنشر فيها.. وسنة بعد أخرى لن تبق إلا دور نشر محدودة جدا.

وهو ما دعا منسقة الجائزة العالمية للرواية العربية، فلور مونتانارو للقول: « إن التغييرات التي استحدثت على نظام الجائزة أخيرا تهدف إلى الحفاظ على مستوى الجائزة، نافية أن تؤثر هذه التغييرات في شفافية عمل الجائزة، أو صدقيتها على الساحة الثقافية». ولكنه رأي مردود عليه بواقع الحال.

وفي الأسبوع الماضي أُعلن من الجزائر عن القائمة القصيرة للجائزة والتي ضمت ست روايات كما درجت العادة وهي: رواية «السبيليات» للكاتب الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل عن دار نوفا بلس للنشر والتوزيع ، ورواية «زرايب العبيد» للكاتبة الليبية نجوى بن شتوان عن دار الساقى للنشر، ورواية «أولاد الغيتو - اسمى آدم» للكاتب اللبناني إلياس خوري عن دار الآداب، ورواية «مقتل بائع الكتب» للكاتب العراقي سعد محمد رحيم عن دار ومكتبة سطور، ورواية « في غرفة العنكبوت» للكاتب المصري محمد عبد النبي عن دار العين، ورواية «موت صغير» للكاتب السعودي محمد حسن علوان عن دار الساقي.

وكتبت رئيسة لجنة التحكيم في الجائزة للدورة الحالية الروائية الفلسطينية د. سحر خليفة بعد إعلان القائمة القصيرة وبعد بدء موجة من النقد تقول: «186 رواية تقدمت لجائزة البوكر، كان على لجنتنا أن تقرأها وتقيمها وتختار ما تراه الأجمل والأعمق. لم تكن المهمة سهلة ولا ممتعة، فالكثير من الروايات، أغلبها، من وجهة نظرنا، لا يستحق حتى الورق الذي نشرت عليه. وفي هذه الحالة، أنا ألوم الناشرين الذين يتخذون من النشر عملية تجارية ولا يولون أي اهتمام للمستوى الفني والإنساني، ولا يولون أيضا أي اهتمام للفائدة التي يجنيها القارىء ولا خسارته المادية حين يشتري رواية لا يستطيع إكمال قراءتها لركاكتها وفجاجتها وسطحيتها. والغريب أننا تلقينا تهجمات كثيرة ممن لم يفوزوا، واتهمنا البعض بالفساد، وآخرون اتهمونا بالعمالة لجهات مجهولة غامضة، ومعظم المتقدمين، وأغلبهم من المبتدئين والمستسهلين كانوا يتوقعون الفوز وهم ما زالوا في أول الطريق أو لا يملكون الموهبة اللازمة لهذا الفن الصعب على الإطلاق. ولم يدر في ذهنهم وذهن ناشريهم أن اللجنة، أية لجنة، لا يمكن أن تغض النظر عن الركاكة والفجاجة، ولا أن تفّوز الـ 186 رواية. لكن، ورغم كل ما واجهناه من صعوبات، فقد خرجنا بحصيلة مجدية، بل رائعة، وبعضها نعتبره تحفا فنية ستظل علامة مميزة في أدبنا العربي المعاصر. أنصح الجميع بقراءتها».

ورغم أن القائمة القصيرة تضم ست روايات إلا أن تدوينة د. سحر خليفة على صفحتها في فيسبوك قلصت المنافسة بين ثلاث روايات فقط دون ان تسمها بطبيعة الحال، تقول: في قائمتنا القصيرة المعلن عنها 3 روايات (لن اذكرها بالاسم لأسباب مهنية) أراها، من وجهة نظري، تحفا أدبية وانسانية وتكاد تخلو من العيوب الفنية». ومثل هذه التدوينات من شأنها أن تشعل السجال حول الجائزة وحول لجان التحكيم. وبالفعل لقيت سحر الكثير من النقاش والكثير من الجدل والكثير من النقد من قبل كتاب وقراء ومهتمين على صفحتها في فيسبوك. ووجهت قارئة اسمها Maha Risha سؤالا واضحا لرئيسة لجنة التحكيم تقول فيه: «استاذة سحر اذا تكشّف لكم أن حبكة رواية اختيرت للقائمة القصيرة مأخوذة نصا عن فيلم أو رواية أخرى هل تعدّلون القائمة وتحذفون الرواية منها؟ فردت عليها: لم نواجه هذه المشكلة. لكن إذا النص مسروق ويثبت ذلك طبعا يحذف».

وعادت Maha Risha لتقول لها: أرسلت لك رسالة قبل يومين بخصوص إحدى الروايات في القائمة القصيرة».

وكثيرا ما شكك نقاد ومتابعون في قدرة لجنة التحكيم على قراءة كل الأعمال المتقدمة التي تزيد على 180 رواية بعضها روايات ضخمة، إلا أن د.سحر خليفة وعلى صفحتها في فيسبوك أيضا ردت بالقول: عمل لجنتنا في القراءة والتقييم يستمر لحوالي السنة. من أول خمسين -100 صفحة تستطيع الحكم ما اذا كانت الرواية بمستوى مقبول. أحيانا تبدأ الرواية بشكل جيد ثم يفقد الكاتب تركيزه فتخيب. الحكم يكون على الصدق الفني، عدم الافتعال، تطوير الشخصيات والمشاهد، العمق في التناول والاقناع، وأهمية الموضوع».

وهذه ليست المرة الأولى التي يقول فيها عضو في لجنة التحكيم إن الصفحات الأولى من الرواية تعطيك مؤشرا في الاستمرار بالقراءة أم استبعادها والذهاب إلى رواية غيرها رغم أن البعض يرون أن بعض الروايات لا تكشف عن نفسها وقوتها إلا بعض صفحات كثرة أو حتى في منتصفها، وربما تحدث إثارتها الحقيقية في النصف الثاني منها.

وسألت إحدى القارئات والمشاركات على موقع فيسبوك الدكتورة سحر خليفة رئيسة لجنة تحكيم النسخة الحالية من الجائزة حول ما إذا كانت قد قرأتها كامل حصتها من الروايات أم أنها قرأت الصفحات الأولى ولم ترد بشكل واضح وقالت: أجبت عن هذا الموضوع من قبل.

ولم يظهر أعضاء لجنة التحكيم الآخرن هذا العام أي نقاش هامشي حول الجائزة وبقيت سحر خليفة وحدها في المشهد.. وتظم لجنة التحكيم هذا العام المترجم المعروف صالح علماني.

وكانت الدكتورة سحر قد كتبت أمس على صفحتها «أمس دار حوار ونقاش طويل حول ما أوجزت عن تجرتبي كعضو في لجنة تحكيم جائزة البوكر. النقاش كان غنيا ومثيرا، فيه بعض الإساءات لي شخصيا، وهذا أمر عابر ولا يستحق التوقف عنده. لكن الغرابة تكمن في أن عددا لا بأس به من الأصدقاء يشجعون الكتاب على الاستسهال وعدم التروي والتمحيص، وأيضا عدم الشغل بجدية على تجويد صنعتهم. وأنا أقول صنعة وأصر عليها لأن الرواية مثلها مثل باقي الفنون كالموسيقى والرسم والنحت والرقص التعبيري والباليه وحتى التطريز «....» نقطة أخرى هي ألا يعتمد الكاتب على تقييمات لجان التحكيم في الجوائز ولا حتى على رأي ناقد بعينه لأن النقاد هم أيضا يختلفون بقدرتهم على الاستيعاب والتذوق.

وسيستمر هذا الجدل إلى أن يعلن اسم الفائز بالجائزة ليبدأ جدل آخر حول الفائز والأسباب الموضوعية التي بسببها نال الجائزة.

الروايات الفائزة -

السبيليات

خلال الحرب الأطول في القرن العشرين (الحرب العراقية الإيرانية) قامت القوات العراقية بدفن مداخل كافة الأنهار المتفرعة عن شط العرب بالتراب، بما تسبب بمنع الماء عن الوصول إلى غابات النخيل الواقعة على الناحية الغربية من شط العرب. بعد مرور سنوات ذبل النخيل وما عاد مثمرا، وماتت كافة أنواع الأشجار والخضار والفواكه، عدا شريان من الأرض أخضر يمتد من عند شط العرب وحتى حدود الصحراء غربا، في منطقة تدعى «السبيليات». هذه الرواية تبحث في سبب هذا الشريان الأخضر وسط المساحات الشاسعة للبوار من خلال شخصية امرأة عجوز تتكفل وحدها بضخ الحياة إلى زرع القرية وساكنيها من الجنود.

زرايب العبيد

تحترق زرايب العبيد، فينكشف كل ما كان خفيّا. تجمع بين السيد محمد والعبدة تعويضة علاقة حب تُعدّ محرمة. فيرسل الوالد ابنه في تجارة لإبعاده، وتسقي الأم تعويضة سائلاً في محاولة لإجهاض جنينها، ثم يتم تزويجها بأحد العبيد. عند عودة محمد من رحلته يعلم أن أهله قد قتلوا ابنه وأرسلوا حبيبته إلى حيث لا يدري، فيبدأ البحث عنها. «زرايب العبيد» ترفع الغطاء عن المسكوت عنه من تاريخ العبودية في ليبيا، ذلك التاريخ الأسود الذي ما زالت آثاره ماثلة حتى يومنا الراهن.

أولاد الغيتو - اسمي آدم

تروي «أولاد الغيتو - اسمي آدم» محاولة راويها آدم دنون، الفلسطيني الذي هاجر إلى نيويورك، أن يكتب رواية، ومن ثم انتقاله إلى كتابة حكايته الشخصية، فيروي عن طفولته في مدينة اللد التي سقطت عام 1948 وطُرد أغلبية سكانها. حكاية آدم الذي بقيت أمه مع رضيعها في المدينة هي حكاية الغيتو الفلسطيني الذي أقامه جيش الاحتلال وسيجه بالأسلاك الشائكة. حكاية عن البقاء ومحاولة قراءة صمت الضحية.

مقتل بائع الكتب

بتكليف من شخص ثري متنفذ، لن يعرّف عن هويته، يصل صحفي متمرس «ماجد بغدادي»، يدفعه الفضول، إلى مدينة بعقوبة (60 كم شمال بغداد)، في مهمة استقصائية، لمدة شهرين. كان الاتفاق يقتضي من الصحفي تأليف كتاب يكشف فيه أسرار حياة بائع كتب ورسّام، في السبعين من عمره، وملابسات مقتله، اسمه «محمود المرزوق». يعقد الصحفي علاقات مع معارف الراحل وأصدقائه، وسيعثر على دفتر دوّن فيه المرزوق بعض يومياته تؤرخ لحياة المدينة منذ اليوم الأول لاحتلال العراق، وعلى رسائل بينه وبين امرأة فرنسية تشتغل موديلا للرسامين اسمها جانيت كانت تربطه بها علاقة حميمة في أثناء لجوئه إلى باريس. من هذه المصادر وغيرها تتوضح شخصية المرزوق وتبين فصول من حياته المثيرة والمتعرجة، وعلاقاته وصداقاته مع النساء والرجال، وتجربته السياسية القلقة في العراق، ثم في تشيكوسلوفاكيا، وهربه منها إلى فرنسا. وما سيبقى مبهما هو سبب مقتله.

في غرفة العنكبوت

هاني محفوظ مجرد شخصية متخيلة، ولكنه مستمد من تجربة أكثر من خمسين رجلا تم القبض عليهم في قضية اشتهرت باسم قضية الكوين بوت في القاهرة عام 2001، وصدرت ضدهم أحكام مختلفة، تتراوح ما بين البراءة والسجن لعامين أو ثلاثة. يخرج هاني بعد حصوله على حكم بالبراءة حطاماً إنسانياً، ليبدأ رحلة تعافٍ نفسي طويلة، لا يجد فيها معيناً خيراً من الكتابة كل يوم عن كل شيء، بعد أن فقد قدرته على الكلام لأسباب نفسية في أثناء المحاكمة.

موت صغير

رواية «موت صغير» هي سيرة روائية متخيلة لحياة وليّ صوفيّ هو محيي الدين بن عربي منذ ولادته في الأندلس في منتصف القرن السادس الهجري وحتى وفاته في دمشق. تتناول الرواية سيرة حياة زاخرة بالرحيل والسفر من الأندلس غربا وحتى أذربيجان شرقا، مرورا بالمغرب الغربي ومصر والحجاز والشام والعراق وتركيا، يعيش خلالها البطل تجربته الصوفية العميقة التي يحملها داخل روحه القلقة ليؤدي رسالته تحت ظل دول متخيلة ويمرّ بمدن عديدة ويلتقي أشخاصا كثر ويمرّ بأحداث متخيلة وحروب طاحنة ومشاعر مضطربة.