927227
927227
عمان اليوم

فلج الساحل بإزكي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الــ12 الميلادي

19 فبراير 2017
19 فبراير 2017

927230

خزان الفلج يعد من أكبر خزانات تجميع المياه في السلطنة -

كتب – سيف بن زاهر العبري :

معلم أثري يضاف إلى منظومة التاريخ العماني القديم حيث بدا الاهتمام المتواصل مُنصبا حاليا حول فلج الساحل بمنطقة السحاماة بولاية إزكي، باعتباره من مفردات التراث العماني، والذي يعود تاريخ بنائه الى أكثر من 800 عام وتحديدا إلى القرن 12 الميلادي، وفقا للدراسة التي قامت بها وزارة التراث والثقافة والتي استعانت بفريق مختص من الأثريين والتي دلت على أن الهدف من إنشائه هو استغلال مياه وادي حلفين وزراعة المنطقة المجاورة خلال فترة حكم أسرة النباهنة، تقع المساحة المزروعة شرق خزان تجميع مياه الفلج..

حيث تبلغ مساحتها قرابة الـ 72 فدانا، كانت تستقبل مياه الأودية المتدفقة من سفح الجبل الأخضر، كما قسمت منطقة الدراسة إلى 4 أجزاء، يضم الجزء الأول خزان تجميع مياه الفلج الذي يفصل بين القناة (أ) والقناة (ب)، والمنطقة (أ) تتضمن القناة الممتدة من الخزان شرقا وحتى المساحة التي تروى بمياه الفلج، والمنطقة (ب) تتضمن القناة الممتدة من الخزان غربا وحتى منبع الفلج أو ما يسمى بأم الفلج، وغراق فلاح الذي يقع في القناة (ب) وهو عبارة عن قناة مغطاة على شكل حرف U، وتعمل على نقل المياه بين حافتي الوادي وتكون سطح الأرض على شكل أسطواني، ومن ثم المساحة التي كانت تزرع بأشجار النخيل والأشجار الأخرى.

ولنتعرف على المزيد من المعلومات عن هذا الفلج الأثري القديم كان لـ»$»زيارة استطلاعية للموقع الكائن في الجهة الشرقية من الشارع العام الذي يربط محافظتي الداخلية ومسقط، وتحديدا في منطقة السحاماة بولاية إزكي.

فقد تحدث الدكتور عبدالله بن سيف الغافري مدير وحدة بحوث الأفلاج بجامعة نزوى ورئيس الفريق الوطني لذاكرة العالم فقال إن الفلج تنبع مياهه من وادي حلفين وتمر في قنوات مغلقة ومفتوحة حتى تصل إلى غراق فلاح، ومن ثم تبدأ المياه بالوصول الى البركة أو الحوض أو اللجل وفقا للمصطلحات المتعارف عليه، والذي يتسع لحوالي 300 ألف جالون، وتبقى المياه تغذي المنطقة الزراعية المجاورة حتى عند انخفاض المنسوب بحيث لا تنقطع نهائيا، وتمر قناة الفلج على قناطر وأجزاء هندسية بديعة، وقناة الفلج مغطاة ومغلقة حيث تتدفق مياه الفلج لتصب في الخزان الذي يسمى محليا باللجل، وعندما يمتلئ الخزان بالمياه.

وقال علي بن حمود بن سيف المحروقي المدير الإداري لمجلة الدراسات العمانية بوزارة التراث والثقافة معد الدراسة المعنية بهذا الفلج، متحدثا عن مفردات الفلج وتاريخه وخطة الوزارة لحماية الموقع وإدارته في المستقبل كأحد أهم المواقع الأثرية القديمة في السلطنة، مشيرا إلى أن المرحلة الأولى لمشروع الدراسة تضمنت إعداد الدراسة، والمرحلة الثانية إعداد خطة الإدارة للموقع الأثري، وبعد إعداد الخطة سوف تتضح المواقع التي تحتاج الى ترميم حتى تكون معالم الفلج واضحة المعالم بكاملها.

وقد تضمنت الدراسة تفاصيل المسح والتوثيق لفلج الساحل، فأشارت الى أن القناة أ تمتد من خزان تجميع مياه الفلج باتجاه الشرق حيث يبلغ طولها الإجمالي 728 مترا، تبدأ القناة بفتحة تصريف المياه من أسفل الخزان، وتمتد القناة المغلقة لمسافة 300 متر حيث تظهر القناة وتنساب المياه الى أول تقاطع للقناة ومن ثم تتفرع القنوات الفرعية لري المزروعات. ويعد الخزان من أبرز عناصر فلج الساحل يتجاوز قطره 19 مترا وبعمق 4.6 متر، ويعد من أكبر خزانات تجميع المياه في السلطنة.

يبلغ عرض جدران الخزان 1.20 متر وهي مبنية بالحجارة والصاروج، ويتكون الخزان من القناة الموصلة للمياه من الجهات الغربية حيث تتدفق المياه من فتحة عمقها 1.20 متر لتصب المياه الى الخزان، ومن خلال قناة توجد أسفل الخزان في الجهة الشرقية يتم تصريف المياه الى القناة (أ) ومنها الى الأراضي الزراعية.

كما أن الخزان محاط في الجهة الشمالية بقناة تغذية جانبية تصب في القناة السفلية.

أما القناة (ب) فيبلغ طولها 6921.55 متر تشكل المساحة المغطاة منها 1855 مترا، أما 5066 مترا فيه عبارة عن قناة مفتوحة، تحاذي القناة الممتدة على طول الضفة الشمالية لوادي حلفين، وتشمل القناة على غراق فلاح الذي يوجد بالقرب من مدخل الوادي بحيث يتجنب المياه الجارفة ويحافظ على مستوى الارتفاع المطلوب لجريان المياه، يبلغ ارتفاع الجدران 6.20 متر، وما يميز القناة وجود بركة مستطيلة قبل الفتحة المصرفة للمياه تقوم بتخفيف سرعة الجريان، الى جانب وجود فتحات مستطيلة ودائرية تقوم بتهوية قناة الفلج وعند صيانتها، كذلك قناطر تصريف مياه الأمطار يجب دخول الأتربة والصخور المنجرفة الى القناة. وفي الجهة الشمالية لقناة الفلج توجد مباني حجرية مبنية بحجارة مسطحة يرجح أنها بنيت لصيانة وحراسة الفلج.

منح الموقع حماية كافية

وتحدث علي بن سعيد العدوي رئيس قسم التراث بدائرة التراث والثقافة بمحافظة الداخلية عن أهمية الموقع من الناحية التاريخية والحضارية والأثرية، فأشار الى بداية اكتشاف الموقع من خلال تعاون بعض المؤسسات العلمية التي عادة ما تقوم ببحوث ودراسات ومسوحات والتي قامت بالتواصل مع وزارة التراث والثقافة والتي قامت بدورها بعمل الرفوعات الهندسية والتنسيق مع الجهات المختصة مثل وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه ووزارة الإسكان، بهدف منح الموقع حماية كافية.

ويعد غراق فلاح من العناصر المعمارية للفلج التي جاءت من نظرية الأواني المستطرقة حول مناسيب المياه التي تعمل على تفادي مجرى الوادي، كما أن وجود الحوض في منطقة أثرية يدل على مسار القوافل القديمة التي كانت تعبر المنطقة حيث تم الكشف عن بعض الأساسات القديمة التي يعتقد بأنها مستوطنات بشرية، ولما لهذا الموقع الأثري من أهمية تم التنسيق مع بلدية إزكي لتنظيف المنطقة المحيطة وكذلك الحوض من المخلفات، كذلك تقوم الوزارة حاليا بالإعداد ليكون الفلج موقعا اثريا مسجلا، وعمل سياج يعمل على حماية الحوض من رمي المخلفات وأي أعمال عبث تؤثر عليه.

مقابر ومدافن وكهوف

وتوجد في المنطقة المحيطة مقبرة بها عدد من القبور، ومدافن فترة حفيت البرجية، ومجموعة من الكهوف أبرزها كهف به آثار نشاط بشري ونحت قناة أسطوانية، الى جانب الغطاء النباتي الذي يضم أشجار السدر والسمر وغيرها من الأشجار والشجيرات الصغيرة، والحياة الفطرية التي أوصت الدراسة بضرورة المحافظة عليها من الرعي الجائر وتأثير المشاريع التنموية والسكنية المتنامية.