أفكار وآراء

رفد سوق العمل بالمخرجات الوطنية

15 فبراير 2017
15 فبراير 2017

بخيت بن مسن الكثيري -

[email protected] -

بلا شك ان الجهود والخطط والبرامج الاقتصادية الطموحة التي تنفذها السلطنة تهدف في المقام الأول الى تنمية الموارد البشرية وقدراتها ومهاراتها للولوج لسوق العمل وزيادة انتاجيتها في الحركة الاقتصادية حيث تشير الإحصائيات الى استحواذ الفئة العمرية اقل من 29 سنة ( ذكر وأنثى) على ما نسبته 68 % من المجموع الكلي للمواطنين العمانيين . وهذا يعطي مؤشرا حقيقيا بفتوة المجتمع العماني ووجود طاقات من الشباب لعشرات السنوات القادمة من مخرجات التعليم بكافة مراحلها لدخولها سوق العمل حيث يتوجب استثمار هذه الطاقات لرفد التنمية في البلاد في كافة القطاعات.

خاصة أن هناك فرصا ومجالات متعددة للتوظيف والتشغيل في البلاد وقطاعات اقتصادية واعدة وفرت لها الدولة كل الامكانات التي نعول عليها لتقوم بمسؤولياتها في استيعاب مزيد من القوى العاملة الوطنية والتأكيد على ان تكون سياسات استقدام القوى العاملة الوافدة المؤقتة مكملة وليست بديلا عن تشغيل القوى العاملة الوطنية ولا تكون الموافقة الا بعد التأكد من عدم وجود مواطن ليشغل هذا العمل.

ولكن في المقابل يلاحظ ارتفاع طلب استقدام القوى العاملة الوافدة بصور غير طبيعية كما صرح معالي الشيخ وزير القوى العاملة مما يتطلب مراجعة الاجراءات المرتبطة بالاستقدام وتحديد المنشآت الجادة في توفير فرص العمل الحقيقية للمواطن والمنشآت غير الملتزمة والمرتبطة بتعدد السجلات التجارية فليس منطقيا الاعتماد كليا على القوى العاملة الوافدة في سوق العمل.

وهذا الجانب يتطلب اعادة النظر لسد الثغرات التي استغلها بعض الافراد والقوى العاملة الوافدة على حساب تنظيم سوق العمل واستقراره واستقدام اعداد متزايدة لا تخدم المصلحة العامة انما تشكل عبئا على البنية الاساسية.

فنحن لا ننكر اهمية الأيدي العاملة الوافدة في السوق المحلي ودورها الملموس لمسيرة التنمية. ولكن يجب ان نضع الامور في اطارها الصحيح من منطلق المسؤولية الوطنية في تنظيم استقدام القوى العاملة الوافدة المؤقتة. وليس خلط الحابل بالنابل والاستفادة من التسهيلات الحكومية بطريقة غير صحيحة في انشاء انشطة تجارية على الورق واستجلاب اعداد متزايدة من الأيدي العاملة الوافدة لتحقيق مصالح مادية شخصية على حساب الاقتصاد الوطني والمصلحة العامة واحداث خلل في التركيبة السكانية وسوق العمل. بل ان هذه الأيدي العاملة الوافدة اصبحت اليوم تزاحم المواطن وتستحوذ على نصيب كبير من كافة اوجه الدعم الحكومي الذي يمول من الميزانية العامة للدولة . فلا نستغرب اليوم اذا تحدثنا عن اهمية وضع دراسة شاملة لاستحداث نظام جديد حول الدعم الذكي للمواطن للحد من استنزاف المبالغ الكبيرة التي تستهلكها الأيدي العاملة الوافدة في الخدمات العامة والبنية الاساسية، مما دفع الجهات المعنية لاصدار قرار بايقاف تصريح استقدام الأيدي العاملة الوافدة بصفة مؤقتة لمدة ستة اشهر لمنشآت القطاع الخاص قابلة للتمديد في بعض الانشطة التجارية للحد من هذا التدفق للوافدين تحت مظلة التجارة المستترة . فلولا هذه القرارات الصادرة من الجهات المعنية بتنظيم سوق العمل لكان نسبة الأيدي العاملة الوافدة من سكان البلاد نسبة مرتفعة وعبئا على الاقتصاد الوطني. وهناك كثير من القصص التي نسمعها ونشاهدها على ارض الواقع حول معاناة المواطن لدخول قطاع الأعمال والاستفادة من الفرص التجارية بالأسواق المحلية بسبب المنافسة غير العادلة من القوى العاملة الوافدة والتجارة المستترة .

وقد تكون هناك عشرات القصص في انشطة تجارية اخرى . فنتمنى من الجهات المعنية تشديد الرقابة ومتابعة تطبيق القرارات في الانشطة التجارية التي يحظر مزاولتها من قبل القوى العاملة الوافدة ومن جانب آخر ايجاد مزيد من التسهيلات المرتبطة بنشاط المؤسسات الصغيرة والمتوسطةوالعمل على مرونة الاجراءات للشباب الجادين في الاعمال التجارية خاصة المشتريات الحكومية والشركات الكبرى حتى نعطي الثقة الكاملة لهؤلاء الشباب بالاستمرارية والنجاح. وهناك جهود طيبة تبذل من قبل الجهات المعنية في هذا الجانب فنتمنى من الشباب استغلال هذه الفرص المتاحة في السوق المحلي والدعم المقدم.

ومن جانب آخر نثمن دور القطاع الخاص خاصة المجموعات التجارية والشركات الكبرى في استيعاب القوى العاملة الوطنية ونأمل بزيادة جهودها في استيعاب المزيد من المواطنين وتوفير بيئة العمل المناسبة وفتح المجال امامها في الادارات العليا، وفي المقابل يجب على القوى العاملة الوطنية ان تكون نموذجا طيبا وعليها زيادة انتاجيتها خاصة ان القطاع الخاص ترتكز طبيعة عمله على انتاجية العامل ومساهمتة في نمو عمل المؤسسة وأرباحها.