assem
assem
أعمدة

نوافـذ: المواطن بين بيان الحكومة ومقترحات الشورى

11 فبراير 2017
11 فبراير 2017

عاصم الشيدي -

assemcom@hotmail -

شهد الأسبوع الماضي تحركا شعبيا ورسميا مهما لإيجاد حل منطقي ومنصف لارتفاع أسعار الوقود التي تحركت مرتفعة بشكل كبير بسبب تحرك أسعار خام النفط عالميا.

وتابعتُ كما تابع غيري المشهد بدءا بالاستياء الشعبي من الارتفاع الذي من شأنه أن يثقل كاهل متوسطي الدخل فما بالك بمحدودي الدخل.. ومرورا ببيان مجلس الوزراء الذي جمد سعر وقود «91» عند سعر الشهر الحالي «فبراير» وكلف اللجنة المعنية بوضع آليات وإجراءات تنفيذية لدعم الفئات المستحقة من المواطنين لتعويضها عن ارتفاع سعر الوقود.

وكذلك مناقشات مجلس الشورى التي تمخضت عن مقترحات معقولة ومقبولة «شعبيا». وبين كل هذا وذاك كان هناك ما يستحق الرصد والوقوف معه ولو قليلا تعليقا وتوضيحا.

تحرُكُ مجلس الوزراء نتيجة استشعاره حجم الاستياء الشعبي كان موفقا وسريعا ومشكورا في الوقت نفسه وينم عن أن مواقف المواطنين تجاه القضايا السياسية والاقتصادية لها مساحة من التقدير والتأثير، حتى لو كان ذلك التحرك إلكترونيا أو عبر مختلف وسائل التعبير الحديثة.

لكن النقطة المهمة في ذلك هو ما سوف تخلص إليه اللجنة من توصيات وإجراءات تنفيذية، وهل ستكون عند طموح المواطن؟ ومتى يمكن للجنة أن تنتهي من عملها؟ هذا سؤال مهم بالنسبة للناس لأن الأسعار الحالية للوقود باتت خارج نطاق التحمل.

والفكرة التي طُرحت للناس قبل سنتين أن سبب تحرير أسعار الوقود هي أن دعم الدولة للوقود والمعمول به منذ عقود طويلة موجه لمصلحة المواطن ولكنه في الحقيقة هو أقل من يستفيد منه، والمستفيد الأكبر منه هي الشركات العالمية.

لكن اليوم وبعد تحرير الوقود صار المواطن أكثر المتضررين، وبات يعتقد أنه يدفع «وحده» نتائج الأزمة الاقتصادية وتراجع أسعار النفط.. ولذلك ستكون الآليات التنفيذية التي ستتوصل لها لجنة مجلس الوزراء محل مطالعة وتحليل من الناس وانتظار وترقب. متابعة مجلس الشورى والتوصيات التي خرج بها نهاية الأسبوع الماضي كانت محل تقدير وقبول من الناس، لأنها بدت منصفة إلى حد كبير وتستحق أن تأخذها لجنة مجلس الوزراء في اعتبارها وهي تضع الآليات والإجراءات التي يفترض أنها تعمل عليها الآن.

لكن المفاجأة الكبرى هي تغيب 39 عضوا من أصل 85 عضوا عن جلسة التصويت.. وهذا أمر يطرح الكثير من علامات الاستفهام والتعجب.

خاصة أن الموضوع كان يستحق عناية الجميع لأنه شكّل رأيا عاما وكان على الأعضاء الذين انتخبهم الشعب أن يكونوا أكثر حرصا على مصلحة الموطن ومصلحة الدولة عند كل المستويات. أما إنْ كان ذلك الغياب يأتي في سياق الهرب من التصويت حتى لا يضطروا إلى التصويت ضد المقترحات علانية فهذا أمر آخر، ولا بد للمواطن أن ينتبه ويعرف، وعلى الأمانة العامة لمجلس الشورى أن تعلن أسماء المتغيبين حتى يكون المواطن على اطلاع تام ويعرف صوته وثقته إلى أين أوصلته.. ويعرف أن أمانة اختيار عضو الشورى غير المستحق يمكن أن تنعكس عليه سلبا وتتسبب في إيذائه المادي مستقبلا.

النقطة الأخيرة ولكن المهمة في مشهد ما جرى خلال الأيام الماضية تتعلق بالمواطن نفسه.. فمع التأكيد على حقه في التعبير عن رأيه في القضايا التي تخصه وتخص مستقبله ومستقبل بلده ومستوى معيشته لكن أساليب التعبير التي سمعناها وقرأناها لم تكن موفقة جميعا.

وكان لها دور مزدوج ساهم في الإساءة للشخصية العمانية والنظر إلى رأي المواطن بكثير من الاستهجان وعدم الأهلية..

فمقاطع السب والشتم واللعن ليست أسلوبا حضاريا للتعبير عن الرأي، وهي لا تعكس الثقافة العمانية التاريخية ولا حتى الآنية.

وكذلك مقاطع التحريض ضد الدولة والحكومة وضد الأفراد.

وتابعت تعليقات الكثير من الشخصيات التي كنتُ أعتقد أنها «نخبوية» فيما كانت تعليقاتها تنم عن سطحية كبيرة واستهتار، ولا تقرأ المشهد بكثير من الواقعية. تحرير أسعار الوقود ليس توجها عمانيا فقط وإنما توجه خليجي سبقتنا فيه دول ولحقتنا فيه أخرى، وأخرى قادمة في الطريق وهذه الأسعار هي أسعار الوقود في العالم خارج منطقة الخليج.. ومقترح تحرير الأسعار مقترح من بين مقترحات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مع مقترحات أخرى..

وهو مقــــترح قديم كان يمكن أن يصاحبه إجراء تعويض للمواطن ولكن الأزمــــة الاقـــــتصادية التي يعيشها العالم اليوم هي التي حتمت تطبيقه بالطريقة الحالية أثرت على المواطن بشكل عام ومحدودي الدخل بشكل خاص.

التوازن مطلوب من الحكومة كما هو مطلوب من المواطن.. ونطمح جميعا في أسعار مقبولة في المرحلة القادمة كأن يوضع سقف لا تتخطاه الأسعار خاصة وأننا نتمنى أن ترتفع أسعار النفط الخام خلال المرحلة القادمة ولا نريد أن يتمنى المواطن لو أن أسعار النفط بقيت دون ثلاثين دولارا للبرميل حتى لا يرتفع سعر الوقود عليه.