أفكار وآراء

مشروع جمع وتصنيع الألبان في ظفار أصبح حقيقة

11 فبراير 2017
11 فبراير 2017

سالم بن سيف العبدلي/ كاتب ومحلل اقتصادي -

أولت السلطنة اهتماما بالغا بقطاع الثروة الحيوانية كونه قطاعا ذا أهمية اقتصادية واجتماعية ويعول عليه للمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني من خلال رفع الاكتفاء الذاتي من المنتجات الحيوانية ومشتقاتها وبالتالي تعزيز الأمن الغذائي للسلطنة، ويتم حاليا إقامة مشاريع استثمارية كبيرة في مجالات إنتاج وتصنيع اللحوم الحمراء واللحوم البيضاء واللبان ومشتقاتها.

وهناك مشاريع أخرى مدعومة من الحكومة كبرامج الإرشاد الحيواني ومشروع تربية الدواجن المحلية والذي يهدف إلى تطوير السلالات المحلية المناسبة لرفع إنتاج البيض المحلي وزيادة دخل الأسرة ومشروع تطوير نظم الإيواء والتربية والرعاية التقليدية لقطعان الأمهات (ماعز – ضأن) في القرى الجبلية وتجمعات البدو والشوان في بعض المحافظات، من أجل تأهيل المربين وأسرهم لإدارة القطعان والمراعي بكفاءة عالية وتجنب الرعي الجائر أثناء وقت الجفاف لتحسين إنتاجيتها والحفاظ على السلالات المتأقلمة في تلك المناطق ورفع المستوى الصحي لهذه القطعان وتشجيع المربين على إدخال التقنيات الحديثة والأساليب العلمية في عمليات التربية والرعاية والتغذية.

وتتركز اغلب الثروة الحيوانية في محافظة ظفار خاصة الأبقار والجمال وذلك بسبب وجود البيئة المناسبة والمتمثلة في المراعي المفتوحة وهطول الامطار في فصل الخريف والعديد من المواطنين خاصة في الجبل يعتمدون على هذه الثروة في دخلهم، وقبل حوالي سبع سنوات قامت الشركة الوطنية العمانية لتنمية الثروة الحيوانية بإعداد دراسة جدوى لإقامة مشروع جمع وتصنيع الألبان في محافظة ظفار إلا أن المشروع لم ير النور في ذلك الحين بسبب التكلفة العالية لتنفيذه واعتماده على الدعم بشكل مباشر.

ومؤخرا تم تدشين مشروع جمع وتصنيع الألبان بمحافظة ظفار والذي ينفذ من خلال الشركة العمانية للاستثمار الغذائي القابضة وعدد من الهيئات والشركات الاستثمارية المحلية والعربية وذلك بشكل تدريجي من خلال البدء في انشاء مشروع تجريبي Pilot Project والذي يستمر لمدة سنتين الى ثلاث سنوات بحيث يتم التعاقد مع شركة اعلاف ظفار واستغلال الطاقة الفائضة لديها في التصنيع ويتم تقييم هذه المرحلة ودراسة كل العقبات والمشاكل التي قد تعتري التنفيذ بحيث يتم التغلب عليها في المراحل اللاحقة.

المشروع له خصوصية معينة من حيث طبيعته ويعتبر الأول من نوعه على مستوى المنطقة فهو يتعامل مع صغار المنتجين، ولأول مرة سوف يتم تصنيع حليب الإبل وهذا سوف يعطي المشروع ميزة تنافسية وهناك دول كثيرة نجحت في مثل هذه المشاريع والتي لها بعد اجتماعي وتنموي وبيئي واقتصادي نذكر منها الهند والتي قامت بإنشاء شركات تتعاقد مع صغار المربين لشراء منتجاتهم من الألبان مقابل تقديم الخدمات البيطرية والإرشادية لهم، وهناك تجارب مشابهة في تونس وكينيا ودول آسيوية وإفريقية أخرى.

لا شك أن هناك تحديات وعقبات متوقعة قد تواجه مثل هذه المشاريع كونها تتعامل مع صغار المربين من أهمها انخفاض إنتاجية الأبقار مقارنة بالمتوسط العالمي وعدم الحصول على الكميات المناسبة من الحليب وقد يتعرض الحليب المجمع للخلط أو التلف وغيرها من الأمور الفنية إضافة الى أن المشروع يعتمد على الدعم من قبل الحكومة.

لذا لا بد من تعاون الجميع لإنجاح هذه التجربة الفريدة من نوعها لكي تثبت وجودها ويضمن استمراريتها وتطويرها فبالنسبة للمربين ينبغي أن يتعاونوا مع الشركة من خلال تسليم الحليب الطازج في الوقت والمكان المحددين وحسب الآلية التي سوف تضعها الشركة والخاصة بعملية العلاقة التعاقدية بين الطرفين وهذه تعتبر فرصة لهؤلاء المربين من أجل تحسين دخولهم والرفع من إنتاجية قطيعهم.

اما بالنسبة للشركة الجديدة فعليها خلق علاقة تعاقدية واضحة تضمن للمربين الحصول على مستحقاتهم في الوقت المناسب كما لا بد أن يصاحب هذا المشروع برنامج تنموي وإرشادي من اجل توجيه المربين وفي المستقبل لا بد من انتخاب سلالات من الأبقار الحلوب، وعلى المستوى الوطني فإن هذا المشروع سوف يساهم في تنظيم قطاع الثروة الحيوانية بمحافظة ظفار وتقليل التصحر ورفع نسبة الاكتفاء الذاتي من الألبان ومشتقاتها.

بعد انتهاء المشروع التجريبي لا بد من تقييم التجربة واتخاذ القرار المناسب أما بالتوسع وإنشاء مصنع مستقل للشركة مع أهمية وجود مزرعة تجارية تضم قطيعا من الأبقار الحلوب أو التفكير في الاندماج مع شركة أعلاف ظفار والتي تساهم حاليا في المشروع وذلك من أجل إقامة كيان اقتصادي كبير وجميع الخيارات لا بد من دراسة تبعاتها.