أفكار وآراء

أسواق العمل في الخليج تستعيد نشاطها خلال عام 2017

11 فبراير 2017
11 فبراير 2017

د. محمد رياض حمزة -

[email protected] -

أشار استطلاع ميداني نشر في 31 يناير 2017 أن عدداً متزايداً من الشركات في دول الخليج العربية تتوجه نحو التوسع في التوظيف خلال عام 2017، وانخفاض عدد الشركات التي تخطط لتقليص أعداد العاملين. وذلك وفقاً نتائج الاستطلاع الذي أجرته شركة “جلف تالنت “المتخصصة في التوظيف ونشر عبر شبكة الإنترنت. وشمل الاستطلاع أكثر من 800 من أصحاب الأعمال في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. فبعد عام من إجراءات اتخذتها الشركات بالاستغناء عن خدمات الموظفين والعمال نتيجةً لانهيار أسعار النفط، تتوجه منطقة الخليج نحو مرحلة من الاستقرار في خفض أعداد الوظائف وتحقيق نسبة معتدلة من فرص العمل الجديدة خلال عام 2017.

وقالت”جلف تالنت “ : شارك في الاستطلاع أعضاء في الإدارة العليا لشركات تتخذ من دول مجلس التعاون الخليجي مقرًا لها، وقد تم إعداد الاستطلاع للتعرّف على توجهات التوظيف والتوقعات المرتبطة بها هذا العام. وأوضحت الشركة أن استطلاعا شمل 854 من كبار المسؤولين، ومنهم رؤساء تنفيذيون ومديرو أقسام الموارد البشرية في شركات بدول مجلس التعاون الخليجي الست، وقد أجري الاستطلاع في شهر ديسمبر 2016 ويناير 2017.

وحسب نتائج الاستطلاع، فمن المتوقع أن يتراجع عدد الشركات التي تخفض أعداد موظفيها على نحو بارز من 40% من المشاركين في استطلاع عام 2016 إلى 23٪ فقط ينوون إنهاء خدمات موظفين لديهم هذا العام. وفي الوقت نفسه، تعتزم شركات أكثر التوسع في استخدام الأيدي العاملة لترتفع النسبة من 41% العام الماضي إلى 47% في عام 2017.

وتمثل المملكة العربية السعودية استثناءً واضحًا لهذا التوجه الإيجابي عمومًا، ويُعزى ذلك إلى اعتمادها الكبير على عائدات النفط. وتشير بيانات الاستطلاع إلى أن المملكة لا تزال الأكثر تضررًا من الأوضاع الاقتصادية الراهنة، حيث ان 45٪ من الشركات المشاركة في الاستطلاع توقعت خفض أعداد الموظفين في عام 2017 مقارنةً بـ 15٪ فقط من الشركات التي تتوقع ذلك في دولة الإمارات العربية المتحدة وحسب تقارير إعلامية، بدأت الحكومة السعودية مؤخرًا سداد دفعات متأخرة للمقاولين، بعد وقت قصير من نجاحها في جمع مبلغ 17 مليار دولار أمريكي في أسواق السندات العالمية يتفق ذلك مع النتائج التي توصل إليها صندوق النقد الدولي، الذي عدّل مؤخرًا توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة وخفّضه من 2٪ إلى 0.4٪. وقد بدأت في تنفيذ برنامج أكثر شموليةً للإصلاحات الاقتصادية في المنطقة، وذلك بهدف تجاوز اعتمادها على عائدات النفط بشكل رئيسي، ومن المنتظر أن تظهر نتائج الإجراءات الجديدة خلال السنوات المقبلة، ومن نتائج الاستطلاع:

*تفاوت أداء القطاعات الاقتصادية فقد أظهر الاستطلاع تفاوتًا لافتًا في أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة في المنطقة. وتبيّن أن قطاع التصنيع هو الأكثر إيجابية في توقعاته، حيث أفادت 58% من الشركات التي شملها الاستطلاع في قطاع التصنيع أنها تخطط لزيادة أعداد الموظفين في عام 2017. ونال القطاع تركيزًا رئيسيًا ضمن جهود التنويع الاقتصادي للحكومات على مدى العامين الماضيين. وذكرت بعض الشركات مسألة تبسيط اللوائح التنظيمية ضمن العوامل التي تسهم في تنفيذ خطط نموها، بينما تستفيد الشركات التي تقدم السلع الاستهلاكية أيضًا من معدل النمو المرتفع لأعداد المواطنين في المنطقة.

*وجاءت مؤسسات الرعاية الصحية، والتي تشمل المستشفيات، في المرتبة الثانية في معدل نمو الوظائف، حيث أشارت 55٪ من الشركات العاملة في هذا القطاع أنها تخطط للتوسع في عمليات التوظيف. ويأتي ذلك كنتيجة للنمو المرتفع في عدد السكان والاستثمارات الحكومية والتغييرات التنظيمية التي تتطلب من أصحاب الأعمال توفير التأمين الصحي للموظفين.

*أما قطاع المصارف فيتوقع سنة ايجابية نسبيًا، حيث بلغت نسبة المصارف التي تخطط لزيادة أعداد موظفيها 44%. وتخطط 8٪ فقط من المؤسسات المصرفية تقليص أعداد موظفيها هذا العام، مقارنة بنسبة 38٪ من الشركات التي أرادت إنهاء خدمات عدد من موظفيها في عام 2016. وعلى الرغم من أن القطاع المصرفي لا يزال يواجه مخاطر عالية نتيجة التخلف عن سداد القروض بسبب ظروف السوق الصعبة، يشعر الكثير من المديرين التنفيذيين الذين شملهم الاستطلاع أن المخاطر تحت السيطرة ويتم التعامل معها بشكل كاف من خلال إجراءات سابقة تهدف إلى خفض التكاليف.

*ويواصل قطاع النفط والغاز، الذي تعرض لصعوبات كبيرة لسنتين بسبب انخفاض أسعار النفط، تقليص حجم عملياته. ولكن وتيرة التقليص اتجهت نحو الاعتدال حيث أن ثلث الشركات فقط تنوي خفض عدد الوظائف في عام 2017، مقارنة مع نصف تلك الشركات تقريبًا في عام 2016. وقال مديرون تنفيذيون لشركات النفط الذين شاركوا في الاستطلاع أنهم أكثر تفاؤلًا بهذا العام، وتوقع 77% منهم ارتفاع العائدات في عام 2017، بفضل ارتفاع أسعار النفط بعد التوصل إلى اتفاق تخفيض الإنتاج في اجتماع منظمة أوبك في شهر نوفمبر الماضي.

*ولا يزال قطاع البناء والإنشاءات من بين القطاعات ذات أسوأ أداء في المنطقة. إذ أشارت 45٪ من شركات البناء التي شاركت في الدراسة إلى أنها تنوي خفض أعداد موظفيها هذا العام، ما يمثل نسبة أفضل بقليل من نسبة الشركات التي قالت أنها ستخفض أعداد موظفيها في عام 2016 والتي بلغت 55%. وقد تأثر القطاع بشكل كبير من تخفيض الميزانيات الحكومية وإلغاء أو تأجيل المشاريع، كما عانى القطاع من تأخر دفع مليارات الدولارات ما أدى في بعض الحالات إلى عدم دفع رواتب آلاف العمال لأشهر عديدة .

*الاحتياجات المتغيّرة للمهارات: وتبين من نتائج الاستطلاع أن العديد من الشركات نفسها التي تخفض أعداد موظفيها تخطط لتوظيف موظفين جدد خلال عام 2017، حيث أن التخفيض الطبيعي في أعداد الموظفين وتغير متطلبات الأعمال يولدان شواغر يجب شغلها. وأن بعض الشركات، في سياق جهودها لخفض التكاليف، تلغي مجموعة كبيرة من الوظائف لتقليل حجم أقسامها وتوحيد بيانات الوصف الوظيفي المتعددة ضمن الوظيفة الواحدة. قد يكون هذا التوجه خبراً ساراً لمن يتمتع بمجموعة من المهارات المهنية، ولكنه ليس كذلك للأشخاص من أصحاب المهارات والتخصصات العالية في مجال واحد” . وإن هذا التوجه أفرز طلباً على خدمات التدريب للشركات والأفراد بهدف تعزيز القدرات وتعلم مهارات جديدة يمكن الاستفادة منها في سوق العمل التي تتسم بتنافسيتها الشديدة. وكنتيجة لذلك، ولوحظ جلف تالنت ارتفاعًا في الطلب على منصة دوراتها، بما في ذلك الدورات عبر شبكة الانترنت التي يمكن حضورها عن طريق التعلم عن بُعد، بالإضافة إلى خدماتها الأساسية في مجال الوظائف والتوظيف والتي تواصل جذب آلاف المهنيين يوميًا.

ولعل الذي أغفلته شركة “جلف تالنت “ أن الاستطلاع تناول التشغيل في أسواق العمل الخليجية دون التمييز بين توجه القطاعات الاقتصادية في التوظيف نحو القوى العاملة الوطنية وبين الوافدة . أي أن التغيير الإيجابي في التوظيف من سنة 2016 إلى 2017 سيتركز على القوى العاملة الوافدة.