Untitled-1
Untitled-1
الاقتصادية

القاعدة الذهبية للنجاح .. كن نفسك ولا تكن انعكاسا للآخرين

10 فبراير 2017
10 فبراير 2017

ثمن النجاح ... أفكار ومهارات وأخلاقيات -

هل النجاح بالضرورة هو الشهرة والمال أم المنصب والجاه فقط؟

تأليف: مصطفى عاطف -

عرض وتحليل: إميل أمين -

عن دار كنوز للطباعة والنشر في القاهرة صدر حديثا هذا المؤلف الشيق لصاحبه الكاتب والباحث في شؤون التنمية البشرية «مصطفى عاطف» الذي يتناول قضية النجاح وأبعادها مع ما يحيط بها من أفكار ومهارات وأخلاقيات. يخبرنا المؤلف بداية بقوله: إننا الآن محلقون فوق عرض البحر الشاسع ونرى هناك بالأسفل سفينة صغيرة. ما بالها تلك السفينة؟ أه .. إنها تتخبط وتتقاذفها الأمواج الثائرة من كل اتجاه .. إنها ستتحطم إن بقيت تسير بلا هدى وبلا قبطان يقودها إلى اتجاه صحيح محدد .... أنت تتساءل .. ما الذي سيحل بها؟ كذلك الإنسان الذي يحيا حياة بلا هدف. هل بوسعك أن تسأل نفسك هذا السؤال الآن: من أنت؟ وماذا تريد؟ ولماذا؟ تكلم براحتك دون أي قيوم، ويا حبذا لو دونت ما تفكر فيه الآن في ورقة خارجية لتعاود الرجوع إليها مرة أخرى بعد انتهاء القراءة لتقوم بعمل تقييم لما كتبت بهدف التعديل أو الثبات أو إعادة النظر وتصحيح المسار.  

اختلاف مفهوم النجاح

اختلف الناس قديما وحديثا في بواعث النجاح لدي الإنسان، فمنهم من يعتقد أن النجاح هو التفاني في العمل وهو يشمل أغلب قصص النجاح، ومنهم من يذهب إلى أن السر وراء النجاح في بعض الأحيان هو استغلال الإنسان ذكاءه للوصول إلى مراكز وتكوين صداقات، على حد قول الدكتور تشارلز جارفليد (أستاذ مساعد جامعة كاليفورنيا الأمريكية ورئيس المركز العلمي المتخصص في دراسة وبحث أسباب النجاح والتفوق لدى بعض الأشخاص الناجحين) ... فحوى دراسة الدكتور تشارلز جارفيلد على عينة كبيرة من الأشخاص الذين أخضعهم للدراسة العملية، حيث بلغ عددهم 1500 شخص من الفئة الناجحة والمتفوقة في حياتها العملية ... تابع «جارفيلد» هذه العينة المدروسة من الأشخاص عبر مراحلها في سلم الحياة، أي مرحلة إبان حياة هؤلاء الأشخاص ... وكانت النتائج المتحصل عليها أنهم يشتركون في صفات ومميزات غير فطرية، أي مكتسبة، بحيث يمكن لأي شخص أن يتعلمها بسهولة، الأمر الذي يعني أن كل شخص يستطيع أن يحوز رئاسة مؤسسة أو يفوز بالميدالية الذهبية، أي أن كل شخص يستطيع أن يستغل مواهبه بعض الشيء.

القناعات قبل المهارات

يعتقد صاحب الكتاب أن النجاح قبل أن يستلزم بعض المهارات فهو يستلزم أيضا مجموعة من القناعات والأفكار التي يجب أن تتغير و تتعدل لتتوافق مع الشخصية الإنسانية الناجحة. بل قد تكون القناعات الذهنية هي حجر الأساس، هي لب عملية التغيير، هي المحرك الأساسي الذي يحرك دوافعك نحو عملية النجاح . ماذا تفيد المهارات لو تملكت منك قناعة ذهنية متمثلة في (أنك أذكى وأعظم شخص في الحياة أو في من حولك)، أكيد ستستقر بك بالقرب من أقرب مستشفى للأمراض العقلية. تمثل القناعة الذهنية الخاطئة سببا مباشرا لمشاكل الكثيرين في حياتهم، على الرغم من تمكنهم من مهارات إنسانية وتكنولوجية عديدة، غير أن القناعات الذهنية التي تربينا عليها منذ زمن تقف عائقا في أحيان كثيرة أمام تقدمنا ورقينا الفكري والعملي. فقناعات : «الحظ» و«الواسطة» و«تفتيح المخ» و«مشي حالك» هي قناعات أصلية لبعض الفئات في كل طبقات المجتمع وهي أشد فتكا من نقص مهارات النجاح . إن الإدراك يمثل نحو 50% من التغيير، فعندما أدرك أنني أعاني من مشكلة في التواصل مع الآخرين سأبدأ على الفور تنمية هذه المهارة وأقوم بتدريب نفسي عليها تدريجيا. الجزء الأهم في هذه العملية هو الإدراك وهو عملية عقلية بحتة تقوم على مجموعة من الأفكار المخزنة لديك باعتبار أننا كلنا بشر فينا أوجه قصور نسعى لمعالجتها وترميمها.

إذن، ما سنسعى إليه في هذه السطور هو مراجعة وفحص وتعديل لبعض القناعات والأفكار الذهنية التي تربينا عليها ويشوبها بعض القصور، أو عدم الملاءمة لتطورات هذا العصر أو أن تكون هذه الأفكار مخالفة صريحة لثوابت لم نكن نكتشفها من قبل. دعونا ننزل المياه تدريجيا، ثم نسبح باستمتاع في بحور الأفكار والرؤى التي سيجد فيها العقل خير مرشد موجه، ونعدك ألا تغرق إلا في حب كل ما يحيط بك من وسائل مساعدة سخرت من أجل سعادتك ونجاحك.

ماذا تعني لك كلمة نجاح؟؟

إن النجاح ليس بالضرورة الشهرة أو المال أو المنصب ... إن النجاح قد يكون شيئا لا يقدره الآخرون لكنه قد يكون قمة النجاح بالنسبة للشخص نفسه .. من يسعى لعمل علاقات صداقة عديدة ومفيدة ويتواصل مع الناس بكفاءة ومهارة فهو ناجح، الرجل الذي يدعم أولاده ويكدح آناء الليل وأطراف النهار في تلبية طلبات أولاده يقدم نموذجا فريدا من النجاح، وكذلك المرآة التي تربي أطفالها لتنشئ آباء وأمهات صالحين في المجتمع تصنع أقوى سيمفونية نجاح في البشرية. إن الرجل العابد الذي يؤدي فروض الله ويبتغي الثبات على طاعته حتى يلقى ربه وهو ثابت على الحق قد نجح، والمؤذن الذي يوقظ الناس فجرا للصلاة، والفلاح، والمرأة التي تقش المسجد، والشباب الذي يسعى في العمل التطوعي لسد حاجة الملهوف لفي قمة النجاح. كلها نماذج مختلفة من النجاح تختلف من شخص لآخر، وتختلف كذلك من سن إلى أخرى، ففي عمر 4 سنوات النجاح هو اعتمادك على نفسك في دخولك لدورة المياه، وفي عمر 6 سنوات النجاح هو إيجاد طريقك للبيت من المدرسة،وفي عمر 12 النجاح هو وجود أصدقاء، وفي عمر 18 النجاح هو الحصول على رخصة قيادة، وفي عمر 23 الحصول على وظيفة. وفي عمر 28 الارتباط بشريكة الحياة، وفي عمر 35 النجاح هو الحصول على المال، وفي عمر 45 الحصول على المزيد من المال لتأمين مستقبل الأولاد، وفي عمر 55 النجاح هو الحصول على تأمين صحي مناسب، وفي عمر 60 النجاح هو أداء فريضة الحج . إن تناول تعاريف النجاح من الممكن كتابتها حتى آخر نقطة في آخر سطر في آخر فقرة.

الاختيار يقضي على العادات السلبية

ذهب مريض في الثانية والثلاثين من عمره لاستشارة المعالج الفيزيائي ريتشارد كوراولي، قال شاكيا: لا أستطيع التوقف عن مص إبهامي. أجابه «كراولي» لا تقلق، فقط أختر أصبعا مختلفا للمص في كل يوم من أيام الأسبوع. وبالفعل بذل المريض جهده؛ لاتباع هذه النصحية. فكلما رفع يده إلى فمه، وجب عليه أن يختار بشكل واع الأصبع الذي سيمصه ذلك اليوم، وقبل أن ينتهي الأسبوع كان قد شفي تماما.

عندما تتحول قراراتنا في الحياة إلى عادة، تصعب مكافحتها، لكن عندما تتطلب منا مواقف وقرارات وخيارات جديدة يتحول الأمر حينها إلى مسؤولية واعية، وعندما يظهر الوعي تخفت العادة.

التقدم بسرعة والاتجاه الصحيح ؟

هل من الممكن أن تمتهن مهنة فقط لمجرد أنك وجدت أشخاصا آخرين يعملون في تلك المهنة؟ ولو أن الأمر كذلك .. هل هذه المهنة لا تمتلك أي معايير يجب على أساسها تقييم نفسك إلى أي مدى تتلاءم هذه المهنة مع قدراتك وإمكانياتك ومهاراتك؟ ولو هي ملائمة فعلا، ما المهارات المطلوبة حتى تكون مناسبا وفعالا ومحترفا لهذه المهنة؟

قبل المضي قدما في تطوير الذات يجب أولا تحديد مواطن القوة والمواطن التي تستحق التطوير، والتي كانت تسمى قديما مواطن الضعف، ولكن هذا الاسم انتهى عالميا وتم استبدال «مواطن التطوير والتنمية» به حتى يتم التعامل مع النفس البشرية بشكل أكثر إيجابية وتحضر، كما أن تطور العلوم الإنسانية المتنامي في الفترة الأخيرة غير طريقة النظر إلى الإنسان أصبحت أوجه القصور أوجه تطوير وتنمية.

الكثير من الأشخاص المحبين للتغيير ولتطوير ذواتهم يقضون وقتا كبيرا في حضور ورش العمل والدورات التدريبية، وهذا شيء إيجابي جدا، فالكثير ممن أقابلهم في أثناء تدريبي لهم يمتلكون طموحا رائعا وأهدافا نبيلة، ولكن هناك من يستغل ذلك بالمتاجرة بالأمل، ولا يبذل من الجهد بقدر ما يسعى للاتجار بالأمل، فيقوم باجتذابهم إلى دورات كثيرة جدا قد تفيدهم، وفي أحيان كثيرة لا يفيدهم ويكون ذلك بغرض ترويجي بيعي بحت. ومن المهم جدا قبل أن تخطو أي خطوة أن تعرف إلى أين ستقودك قدماك بعد هذه الخطوة . وليكن السؤال «ماذا أملك من المهارات التي تحقق هدفي؟».

ماذا ينقصني من مهارات لأحقق هدفي؟

معرفتك للوسيلة التي تتخذها للوصول إلى طريقك لا تقل أهمية عن معرفتك الهدف الذي تريده، فقبل إنفاقك المال والوقت والجهد يجب عليك توخي الحذر من الدعاية التسويقية القائمة على الخبرة القليلة التي تستغل الرغبة السريعة في النجاح.

لا يوجد طريق سريع للنجاح من وجهة نظر الكاتب حتى لو تحققت أهدافك بشكل مشروع، فلابد من تقديم ثمن كما ذكرنا من قبل، وهذا الثمن يتنوع من فترة لأخرى، يمكن أن يكون هذا الثمن مالا، أو وقتا، أو جهدا أو عناء، لكن المؤكد أننا سندفع ثمنا، ولذلك ينبغي علينا أن نكون أكثر حرصا على أن يوجه هذا الثمن في مكانه الصحيح متناغما مع القدرات والمهارات والإمكانيات الشخصية.

لا تنفق أموالك إلا عندما تتأكد أنها في الطريق الصحيح، ولا تنفق مجهودك بشكل غير واع، ومع ذلك لا تدمر ماضيك، استفد منه تماما ولا تبك على ما مضى واستثمره لصالحك، كن نفسك ولا تكن انعكاسا لآخرين. من المهم جدا ترتيب احتياجاتك التدريبية بشكل أكثر عملية وتوافقية مع أهدافك الطموحة، فمن الهدف يأتي دائما التخطيط ومنه البداية دائما، فحسب أهدافك تستطيع أن تحدد المهارات الواجب توافرها في الهدف المراد. وبالتالي ستكون الأمور أسهل في تحديد الدورات التي أحتاجها لكي أكتسب منها مهارات محددة تؤهلني لأكون كذا وكذا.

لماذا لا نحقق ما نريده؟

إذا كان السؤال بسيطا فإن إجابته ليست كذلك، وتحتاج الإجابة عنه قدرا كبيرا من الوعي الذاتي والحضور المستمر النابع من التقييم المتكرر.

أحيانا قد لا نحقق ما نريده، لأننا لا نعرف بالضبط ما نريده، كما ذكرنا من قبل، رغبة البعض في أن يكون مثل فلان أوعلان وبالتالي يعيش أسيرا لحلم أو هدف هو في الأصل لا يناسبه لأنه خلق لغرض ما لم يقم بالبحث عن معرفته حتي الآن. وقد لا نحقق آمالنا لأننا لا نعرف ماذا نفعل تجاه تحقيق ما نريده، ويترتب على ذلك أداء مشوش متخبط مترنح يعتمد على تقليد البعض فيما يفعلونه متناسيا الفروق الشخصية بين الأفراد التي تختلف باختلاف الأشخاص والإمكانيات والمهارات. وقد لا يتحقق ما نريده لأن البعض لا يؤمن أنه في استطاعته تحقيق ما يريد من الأهداف، فكثير من هذا البعض لا ينقب عن كنوزه الثمينة ومجوهراته الداخلية المدفونة في باطنه، ولذلك لا يرى سوى هذا القدر البسيط الذي يعرفه عن نفسه، أو بمعني أصح ما يعرفه عنه الناس.

اكتشفت بصمتك الشخصية

إن أهم ما يمهد طريقك للنجاح هو قدرتك على اكتشاف مواطن القوة لديك التي تختلف من إنسان إلى آخر، تماما مثل البصمة الشخصية، فلكل منا بصمة تميزه عن غيره من الناس، وأعتقد أن لهذه البصمة مدلولا آخر داخليا، فكما نتمايز كآدميين من حيث البصمة فمن المؤكد أننا نتمايز أيضا من حيث المهارات والمواهب والفروق الفردية، ويتوقف نجاح العديد من الناس على مقدار إدراكهم لهذه البصمة، فإما أن يكتشفوا بصمتهم وحينها سيشعرون بالتفرد والتميز، وإما أن يواصلوا الدوران في فلك آخرين (وهم وحظهم)، وإما أن يسعدوا ويحققوا ما يحققه هؤلاء، وإما لا يحققون شيئا فيتخبطون في غيابات الحياة.

كيف اكتشف البصمة؟

قم بعرض نفسك على الأنشطة المختلفة والمتتالية، والتي من الممكن أن توفرها لك بعض الجمعيات الخيرية، أو التجربة المستمرة، مثل العمل بمهن مختلفة ذات طبائع مختلفة، في ظروف مختلفة، مع أشخاص مختلفين، مع قدر كبير جدا من التقييم الذاتي قد يساعدك على وضع بعض الملامح المتعلقة بما يمكنك فعله، وبهذا قد تستطيع اكتشاف ما تريده، وما تحتاجه، وما هو ما لا طاقة لك به، ستدرك الكثير من الأمور ولكن؟

يتوقف ذلك علي مدي صراحتك واتساقك مع ذاتك أولا، إضافة إلى التقييم الدائم المستمر لنفسك من جانب نفسك، ومن جانب من تثق في أنهم يريدون الخير لك ثانيا.

ويعقب كل تقييم تعديل لما كان أو تغيير محتمل أو تثبيت للوضع الحالي، وفي كل الأحوال عليك بالتمهل والتريث وعدم الاندفاع، فرحلة النجاح طويلة لا تسع للنهاية السريعة، لأن الزمن يجود عادة بالحلول للعديد من المشكلات والأوضاع المغيمة، بشرط أن تكون توجهاتك إيجابية تصحيحية.

النجاح إبداع

هل من الممكن أن تتصور حياتك بدون بعض الاختراعات الموجودة في حياتنا الآن .. سواء كانت في المنزل، أو العمل، أو في ممارسات حياتك الشخصية والمهنية، أجهزة جديدة أصبحت من الأساسيات في كل مفاصل حياتنا، تعودنا عليها حتى أصبحت جزءا منا، نستعملها تقريبا كل يوم، وعندما يصيبها أي عطل، يصبح من أولويات عملنا تصليحها، أو شراء غيرها؟ ولكن هل مر في مخيلتنا سؤال عن كيفية اختراعها؟ وأهمية اختراعها؟ أغلب من قاموا بهذه الاختراعات التي غيرت أسلوب حياتنا هم بشر وأشخاص عاديون مثلنا لكنهم اتسموا بسمة الإبداع والابتكار، فبعض تلك الاختراعات لم تكن سوى تطوير لاختراعات سبقت دون نفي أن هناك ما هو جديد، لم يكن موجودا من قبل، خاصة في مجال الاتصالات والتكنولوجيا.

الشاهد أن كل من قاموا بتلك الاختراعات لم يفكروا بشكل تقليدي، وإلا لما كانت هذه هي النتيجة التي يحصلون عليها. إن أصحاب العقول الذين يفكرون بهذا الشكل من المؤكد أنهم يفكرون بطريقة تختلف بشكل ما عن العقلية التي تستهلك ما يخترعونه. أن تفكر في فعل الشيء بطريقة لم يفكر بها أحد من قبلك» ... هذا هو المفتاح .. هذا هو بداية الطريق للإبداع، وهو بداية الطريق لمنهج التفرد.

إن القوى الموجودة في الإنسان كبيرة وهائلة، ولا نستخدم منها إلا أقل من 5 بالمائة، فكل إنسان لدية قوة التأثير، ولديه قوة الإرادة ولديه التركيز والتفكير ولديه قدر كبير من الذكاء، ولكنه نادرا ما يستخدمه، ليحرر ويطلق هذه القوى ويستفيد منها. إذا أردت أن تكون ناجحا كن مبدعا، وإذا أردت أن تكون مبدعا، أعتقد أنه بإمكانك أن تكون مبدعا بما فيه الكفاية لخلق فرص أكثر قد لا تخطر على بال آخرين.

فالغالبية العظمى للأسف تستهل الطرق المعروفة والواضحة التي غالبا ما تكون مزدحمة وأحيانا طويلة، لكن الوصول عن طريق ابتكار وسيلة جديدة أو طرق جديدة غير معروفة وغير مشهورة قد يتكلف بعض المخاطرة أو المجهود لكنه بلا شك سيحصد مذاقا لذيذا وطعما مختلفا للنجاح. ولن يدوم الوضع طويلا، فمن المؤكد أنك ستجد من يتبعك ويقوم بمثل ما تقوم به ولكن ستكون أنت الأقوى. وقوتك تكمن في التنقل المبكر إلى طريق آخر ومسلك آخر، فرحلة الابتكار والإبداع لا تتوقف والأفكار لا تنضب، وهذا ما يصعب على الآخرين فعله، خاصة أولئك الذين يخافون من التجربة لأنها لم تجرب.

كل الناس لا يقولون: سقطت التفاحة من على الشجرة، ولكن هناك شخص واحد سأل: لماذا سقطت التفاحة من على الشجرة؟ درب عقلك على أن يبحث دائما عن الغريب والجديد.

الرزق في الـRisk

قبل عدة أعوام كان هناك اعتقاد بين رياضي الجري أن الإنسان لا يستطيع أن يقطع ميلا في أقل من أربع دقائق، وأن أي شخص يحاول كسر الرقم سوف ينفجر قلبه، ولكن أحد الرياضيين سأل: هل هناك شخص حاول وانفجر قلبه؟ فجاءته الإجابة بالنفي، فبدأ بالتمرن حتى استطاع أن يكسر الرقم ويقطع مسافة ميل في أقل من أربع دقائق. في البداية ظن العالم أنه مجنون أو أن ساعته غير صحيحة لكن بعد أن رأوه صدقوا الأمر واستطاع في العام نفسه أكثر من 100 رياضي أن يكسروا ذلك الرقم. بالطبع لو ظل على قناعته السابقة لما تغير شيء وما كان بإمكانه حصد الجائزة، وكسر الرقم القياسي.

سيبقى البشر قسمين: الأول يحب المخاطرة ويرى فيها فرصة عظيمة للنمو، والثاني يخشاها، الأول سيذكر لك قصصا تؤكد صحة قراراه، وكذلك سيفعل القسم الثاني، وفي كلتا الحالتين يجب أن نعترف أن المنتمين إلى القسم الأول كما أنهم يخاطرون ومعرضون للخسارة فإنهم أكثر الناس حظا لإدراك هذا النجاح. وكما ذكرنا من قبل أن لكل شيء ثمنا، وللنجاح ثمنا، والمغامرة والمخاطرة تعتبر من أغلى وأبهظ الأثمان التي يدفعها المرء طلبا للتفوق والريادة. لو افترضنا هذا الحوار الافتراضي بين بذرتين جنبا إلى جنب في الربيع، وكانتا تتحدثان لبعضهما البعض، فقالت البذرة الأولى: أريد أن أنمو، وأمد جذوري في الأرض، وأخترق قشرتها بساقي، لأنشر براعمي كرايات للإعلان عن قدوم الربيع، وحينها أريد أن أشعر بدفء أشعة الشمس على وجهي، وبرقة الصباح على أوراقي، ولذلك نمت.

أما البذرة الثانية فقالت: أخشى إذا مددت جذوري في الأرض تحتي لا أعلم ما الذي سوف أواجهه في الظلام، إذا دفعت ساقي في الأرض الصلبة التي تعلوني فقد أؤذي برعمي، ما إذا تركت براعمي تتفتح، وأكلتها إحدى الحشرات؟ وإذا أزهرت فقد يأتي طفل صغير وينتزعني من الأرض، لا، الأفضل بالنسبة لي أن أبقى في الأرض حتى أكون آمنة، ولذلك انتظرت، وبينما كانت تقوم دجاجة بنبش الأرض، في بداية الربيع، بحثا عن الطعام وجدت الحبة، وأكلتها. تخبرنا «باتي هانسن» عن مغزي هذه القصة أن هؤلاء الذين يرفضون المخاطرة والنمو سوف تبتلعهم الحياة.

(الرزق في Risk) تركيبة هذه الجملة ابتكار وتأليف أحد الأصدقاء المقربين أثناء حديثنا عن المغامرة التي قام بها، وهي تحركه من الدولة التي كان يعمل بها في إحدى الشركات العالمية إلي الصين التي قرر أن ينتقل إليها كتفكير غير تقليدي آنذاك. الخائفون لا يبدعون ولا يصنعون المستقبل «ماذا لو قال أحدهم لكريستوفر كولمبوس قبل أن يغادر الميناء متجها في رحلته لاستكشاف أمريكا: كريس... أرجوك لا تبحر الآن، انتظر حتى نحل جميع مشاكلنا، الحروب، والمجاعة، الفقر، والجريمة، الأمية، والأمراض».

قالوا عن المخاطرة

بيل جيتس:« أعظم مخاطرة في الحياة هي عدم المخاطرة، فمن لا يخاطر لا يفعل شيئا، لا يملك شيئا، ليس شئيا، ويصبح لا شئ». د.نورمان فينسنت مؤلف كتاب «قوة التفكير الإيجابي»: الأمان فكرة خرافية غير موجودة في الواقع، ولا يختبرها الإنسان في طفولته، تجنب الخطر ليس أكثر أمنا علي المدي الطويل ـ من الإقبال علي الحياة .. الحياة إما مغامرة شجاعة أو لا شيء.

هيلين كيلر ... أديبة ومحاضرة أمريكية: إذا لم تشعر أبدا بالخوف، أو بالإحراج، أو بالإحراج، أو بالجرح، فأنت أبدا لم تجازف، فالسفن تكون آمنة عندما تكون راسية علي الموانئ، ولكنها لم تصنع لهذا، انطلق إلى البحر وافعل أشياء جديدة. لا تخف من التجربة فالهواة بنوا سفينة نوح، والمحترفون بنوا سفينة تيتانيك .... أنيس منصور

إذا أردت شيئا ... اسع

هناك مثل بلغاري يقول : «إذا كنت تريد التفاحة فعليك هز الشجرة». لن تحصل علي التفاحة طالما وقفت أمامها ونظرت إليها فقط، لا عليك سوى أن تتحرك، هذا أمر لا مفر منه، فهو طريق الرسل والأنبياء والناس أجمعين، طريق كل البشر، عندما تقرر المضي قدما في رحلة النجاح في حياتك فلا بد من الإعداد لها والاستعداد لهذا الطريق حتى تتعود علي الاحتراف في جميع جوانب حياتك.

بكي الطفل «إسماعيل» فهو يعاني في تلك الصحراء المحرقة من العطش الشديد، وكانت قد تعرضت حياته للخطر من شدة العطش وكان يبكي بشدة ويعتصر فؤاد أمه (السيدة هاجر) الألم من مشاهدة عدم استقرار طفلها وراحت تبحث عن الماء له، فإذا بها تتجه نحو السراب سبع مرات وتعود بين الصفا والمروة وهي متلهفة بحثا عن الماء ولعلها تعثر عليه كما تشاهده من بعيد بين جبل الصفا والمروة؛ ولتنقذ به حياة طفلها العزيز. الأم التي كانت تركض من هذا الجانب من الجبل إلى الجانب الآخر منه لتحصل على الماء ومع وجود حالة الرضا والتسليم في نفسها فإنها لم تجلس إلى جانب طفلها ليحدث حادث ولتخرج يدا من الغيب وتحصل المعجزة بل إنها تذهب سعيا على قدميها بحثا عن الماء، ففي تلك اللحظات الصعبة التي تعاني منها هذه الأم محروقة الفؤاد التي انقطعت عنها كل العوامل المادية فعقدت الأمل على لطف الله ورحمته طالبة منه العون، وإذا بها ترى الماء ينبع من تحت أقدام ابنها، فعندما شاهدت الماء علمت أن اللطف الإلهي قد شمل حالها وحال ابنها، وأنها لم تنس الله الرحمن الرحيم.

استثمر الفرص الخفية

التحق شاب أمريكي يدعي «والاس جونسون» بالعمل في ورشة كبيرة لنشر الأخشاب، وقضى الشاب في هذه الورشة أحلى سنوات عمره، حيث كان شابا قويا قادرا على الأعمال الخشنة الصعبة، وحين بلغ سن الأربعين وكان في كمال قوته وأصبح ذا شأن في الورشة التي خدمها لسنوات طويلة فوجئ برئيسه في العمل يبلغه بإنهاء علاقته بالورشة وعليه أن يغادرها نهائيا بلا عودة.

في تلك اللحظة خرج الشاب إلى الشارع بلا هدف، وبلا أمل .. وتتابعت في ذهنه صور الجهد الضائع الذي بذله على مدى سنوات عمره كله. فأحس بالأسف الشديد وأصابه الإحباط واليأس العميق، وأحس ـ كما قال ـ وكأن الأرض قد ابتلعته فغاص في أعماقها المظلمة المخيفة. لقد أغلق في وجهه باب الرزق الوحيد، وكانت قمة الإحباط لديه هي علمه أنه وزوجته لا يملكان مصدرا للرزق غير أجره البسيط من ورشة الأخشاب، ولم يكن يدري ماذا يفعل؟ وذهب إلى البيت وأبلغ زوجته بما حدث، فقالت له زوجته: ماذا نفعل؟

فقال: سأرهن البيت الصغير الذي نعيش فيه وسأعمل في مهنة البناء، وبالفعل كان المشروع الأول له هو بناء منزلين صغيرين بذل فيهما جهده، ثم توالت المشاريع الصغيرة وكثرت وأصبح متخصصا في بناء المنازل الصغيرة، وفي خلال خمسة أعوام من الجهد المتواصل أصبح مليونيرا مشهورا .. إنه «والاس جونسون» الرجل الذي بني سلسلة فنادق (هوليداي إن) لقد أنشأ عددا لا يحصي من الفنادق وبيوت الاستشفاء حول العالم. يقول هذا الرجل في مذكراته الشخصية: لو علمت الآن أين يقيم رئيس العمل الذي طردني، لتقدمت إليه بالشكر العميق لأجل ما صنعه لي، فعندما حدث هذا الموقف الصعب تألمت جدا ولم أفهم لماذا سمح الله بذلك، أما الآن فقد فهمت أن الله شاء أن يغلق في وجهي بابا ليفتح أمامي طريقا أفضل لي ولأسرتي.

تتوقف الفرصة علي طريقة نظرتك لها، وفي الكثير من الأحيان تأتي الفرص في ثياب تنكرية. وبوجوه مختلفة، فالفرص ما هي إلا لحظة يظهر فيها أمامك طريق جديد لم تبصره من قبل، وينفتح في وجهك باب كنت تظنه مغلقا لسنوات طويلة، وبالتالي تقف أمام لحظة اختيار بين المضي في الطريق الذي أنت فيه، أو تظل تبكي علي اللبن المسكوب، فأحيانا ما تأتي إلينا فرص عظيمة، ولكننا لا ندرك أنها كذلك لأننا لا ننظر إليها بشكل إيجابي، لكن بمرور الوقت نكتشف أنها كانت منة إلهية كبرى، وهذا ما حدث في القصة السابقة، فلو استسلم الرجل للحالة النفسية السيئة التي تبعت رحيله عن العمل، ربما كان قد انتهى به الحال على أحد المقاهي، أو إحدى المصحات النفسية، ولكنه تحرك بشكل إيجابي حتى حقق نجاحا لم يكن ليدركه لو لم يرحل عن عمله السابق. دوما لا تظن أن أي تغيير يمر بحياتك هو نهاية لك .. فقط فكر جيدا كيف تستثمره.