الاقتصادية

البيت الأبيض: خطة ترامب الضريبية ستساعد الشركات والأمريكيين

10 فبراير 2017
10 فبراير 2017

واشنطن - (رويترز) - قال البيت الأبيض امس الأول إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للإصلاح الضريبي المقبل ستكون شاملة وستهدف إلى إعطاء الشركات حوافز لإبقاء الوظائف في الولايات المتحدة والمساعدة في تحفيز النمو الاقتصادي الأمريكي.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر للصحفيين خلال إيجاز صحفي يومي إن خطة ترامب ستهدف إلى تخفيف الضرائب عن كاهل الطبقة المتوسطة من الأمريكيين. أضاف أن المزيد من التفاصيل سيكون متاحا عندما تُنشر الخطة في الأسابيع المقبلة .

وعن استعادة الحزب الجمهوري الأمريكي البيت الأبيض بفوز مرشحه دونالد ترامب بالرئاسة، ومع احتفاظ الحزب بالغالبية في الكونغرس بغرفتيه، بات شبه مؤكد أن تقوم الحكومة الأمريكية بما يصفه الجمهوريون «أكبر خفض ضريبي» في التاريخ الحديث للولايات المتحدة. ويَعد الجمهوريون، الذين يسيطرون على الحكم في واشنطن، بربط الخفض الضريبي بتقليص مشابه لمدفوعات الحكومة الفيدرالية، بهدف الإبقاء على موازنة متوازنة وعدم رفع العجز السنوي، أو التسبب بارتفاع حاد في الدين الفيدرالي العام.

فيما تهلل القاعدة الشعبية للحزب الجمهوري ترحيبا بهذه الخطوات، التي تعتقد الغالبية الجمهورية، أنها ستخرج الاقتصاد الأمريكي من نموه البطيء، ورفع نسب نمو الناتج المحلي الى ما كانت عليه في الثمانينات، خلال حكم الرئيس الراحل رونالد ريجان.

لكن نمو الناتج المحلي الأمريكي لن ينعكس بالضرورة على توزيع الثروات بين الأمريكيين، وقيام الحكومة الأمريكية بتقليص ضرائبها وإنفاقها، هو في مصلحة الولايات ذات الغالبية السكانية من مؤيدي الحزب الديمقراطي المعارض. وتظهر بيانات «مكتب الموازنة» أن واردات الحكومة الفيدرالية ارتفعت 2.2 في المائة خلال هذه السنة مقارنة بعام 2015، لتصل إلى 6.5 تريليون دولار. وتوقعت أن «تسجل الواردات زيادة أعلى العام المقبل تصل إلى 7.7 في المائة مقارنة بالعام الحالي، لتصل الواردات الفيدرالية إلى 7 تريليونات دولار، هذا في حال لم يعبث ترامب بنسب الضرائب المفروضة حاليا.

وتتصدر الولايات ذات الغالبية السكانية المؤيدة للحزب الديمقراطي المساهمات في واردات الحكومة الفيدرالية، وفي طليعتها كاليفورنيا، التي سددت اكثر من 370 بليون دولار عام 2015. فيما حلّت ولاية نيويورك الديمقراطية أيضا، في المركز الثالث بمساهمة تعدت 250 بليونا، تلتها فلوريدا وايلينوي ونيوجيرزي واوهايو وبنسلفانيا وماساشوستس ومينيسوتا، وكلها ولايات اقتنصها الرئيس باراك أوبــــاما في انتخابات عام 2010. فيما انتزع منها دونالد ترامب فلوريدا وأوهايو وبنسلفانيا، لكن بفوارق انتخابية ضئيلة جدا لم تتعد ألفي صوت في حالة فلوريدا.

لكن لدى قلب الرسم البياني من ضريبة فيدرالية إلى إنفاق فيدرالي، تنقلب الصورة وتصبح الولايات المتصدرة في تمتعها بالإنفاق الفيدرالي هي ميسيسيبي ونيومكسيكو ووست فيرجينيا وهوايي وساوث كارولاينا وألاباما وماين ومونتانا وألاسكا، التي تحصل على التوالي على 4.7 و4.26 و4.23 و3.41 و3.05 و3.02 و2.91 و2.44 و2.36 دولار من الحكومة الفيدرالية، في مقابل كل دولار ضريبي تسدده كل من هذه الولايات. وكل واحدة من الولايات التسع المتصدرة جدول الإنفاق الفيدرالي عليها، تقطنها غالبية من مؤيدي الحزب الجمهوري باستثناء ولايتي نيومكسيكو وهوايي.

هذا التباين بين الولايات الأكثر مساهمة في تمويل الحكومة الفيدرالية وهي في معظمها ديمقراطية، والولايات المستفيدة أكثر من أموال الحكومة الفيدرالية، وهي في معظمها جمهورية، هو في صلب توزيع الثروات الذي يتمسك به الحزب الديمقراطي ويعارضه بشدة الجمهوريون. وهذا يعني أن في حال التزم ترامب والكونجرس الجمهوري بوعود خفض الضرائب، فهم سيخففون بذلك العبء الضريبي على الولايات الديمقراطية أكثر منها على الولايات الجمهورية. وهذا يعني أيضا أن في حال التزم الحزب الجمهوري الحاكم بتقليص الإنفاق، ستكون الولايات ذات الغالبية السكانية المؤيدة للجمهوريين هي المتضرر.

هذه المفارقة تعني أن الناخبين الجمهوريين اقترعوا لمَن سيعمل عكس مصالحهم المالية، وهي خطوة حيرت الخبراء، الذين يعزو بعضهم سبب قيام المواطنين الجمهوريين بذلك إلى تركيزهم على الوعود الاجتماعية التي يقدمها المرشحون الجمهوريون، مثل معاداة المثليين والأقليات العرقية، بما في ذلك المسلمون والوافدون الى الولايات المتحدة. هذه المفارقة هي التي دفعت توماس فرانك إلى إصدار كتابه عام 2004، الذي حاز على شهرة واسعة في الولايات المتحدة وحمل اسم «ماذا جرى (لولاية) كنساس؟» ويعتقد الكاتب أن سكان كنساس وغالبيتهم من العمال، يقترعون بكثافة للحزب الجمهوري على رغم أن الأخير يقرّ سياسيات تأتي دائما في مصلحة المتمولين والشركات. وعلى رغم أن الحزب الجمهوري يعمد على تقويض برامج الرعاية الاجتـماعية التي يحتاج إليها سكان كنساس من ذوي المداخيل المحدودة، أكثر بكثير من سكان نيويورك الذين تنتمي غالبيتهم الى الطبقتين العليا والمتوسطة. وخلال الحملة الانتخابية الرئاسية عام 2008، عمد المرشح الجمهوري جون ماكين إلى استخدام عبارة «جو السمكري» للدلالة على المواطن الأمريكي العادي، اذ أطل على قناة «فوكس» اليمينية أمريكي اسمه جو ويعمل سمكريا. وحاز جو وقتذاك على شعبية، وصار يطلق تصريحات تراوحت بين تأييده اسرائيل ومعارضته المشاريع التي تموّلها الحكومة الفيدرالية. أما أبرز ما عارضه «جو السمكري»، فكان قانون الرعاية الصحية الذي كان أوباما يقدمه للأمريكيين كوعد انتخابي.

وفي احد الحوارات المتلفزة، سأل مؤيد للديمقراطيين السمكري الجمهوري: «ألديك تأمين صحي؟»، فأجاب الأخير بالنفي، ليسأله الناشط الديمقراطي «إذا ماذا تنوي فعله في حال تعرضت لوعكة صحية واحتجت لرعاية صحية مكلفة». أجاب السمكري: «أفضل الموت حرا على العيش وأنا أسدد الضرائب للحكومة». هذه الحرية التي يبيعها الحزب الجمهوري لمؤيديه، فيضاعف أصحاب رؤوس الأموال ثرواتهم، ويغرق الأحرار في شقائهم، ويعاودون الكرة بالاقتراع لمَن يقوض برامج الرعاية الفيدرالية التي لا يدفعون ثمنها أصلا.