921048
921048
العرب والعالم

ترامب مدافعا عن بوتين: هناك الكثير من القتلة.. وأمريكا ليست بريئة تماما!

07 فبراير 2017
07 فبراير 2017

«حركة شعبية» تجمع توقيعات لعزله -

واشنطن- «عمان» - عماد الدين عبد الرازق:-

انطلقت حركة شعبية تهدف لعزل الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين دونالد ترامب في غضون أقل من أسبوعين من تنصيبه.

ونجحت الحركة التي ترفع شعار ‹ اعزلوا دونالد ترامب الآن› في جمع أكثر من 580 ألف توقيع حتى الثاني من فبراير الجاري.

ويذهب منظمو الحركة إلى القول بأن الرئيس ترامب أثار غضب وحنق العديد من حلفاء الولايات المتحدة منذ دخوله البيت الأبيض كان آخرهم رئيس وزراء استراليا « مالكوم تيرنبول» حيث خاطبه بطريقة غير ديبلوماسية في مكالمة هاتفية بشأن اتفاق أبرمته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما حول قبول أمريكا بضع مئات من اللاجئين موجودين على جزيرة « بابوا غينيا الجديدة» المجاورة لاستراليا.

كما أغضب ترامب حلفاء أمريكا في حلف « الناتو» الذي اعتبره منظمة عفا عليها الزمن، بل وطالب أعضاء الحلف بزيادة مساهمتهم المالية في ميزانية الحلف، وبالمثل أغضب حلفاء أمريكا في الاتحاد الأوروبي، وافتعل معركة مع الرئيس المكسيكي حول الحائط المزمع بناؤه على الحدود بين البلدين، كل هذا فضلا عن الإهانات التي وجهها للمسلمين والمهاجرين من أمريكا اللاتينية، وغيرها من التصريحات المسيئة للأقليات خلال الحملة الانتخابية ومنذ توليه الرئاسة.

ولكن هل يشكل أي من هذه العوامل سببا كافيا أو أرضية قانونية لعزل الرئيس؟ بالطبع لا، يقول المدير القانوني للحركة « رون فين» مضيفا انه رغم أنه لم يحدث أبدا من قبل أن تم عزل رئيس أمريكي ولم يمض عليه أسابيع في منصبه .

أما الطريق الذي يمكن اتخاذه لتحقيق الهدف فيكون عن طريق الكونجرس حيث يتم التصويت على قرار بعزله في حال توفر أسس قانونية لمثل هذا القرار.

ويزعم « فين» أن هذه الأسس موجودة في نص بالدستور الأمريكي يخول الكونغرس عزل الرئيس في حال ارتكابه أي من الجرائم التالية: الخيانة، الرشوة، أو أية جرائم أخرى أو حتى مجرد جنحة.

في هذا السياق يزعم البعض أن عدم قيام الرئيس ترامب بالفصل التام بين امبراطوريته في مجال العقارات وغيرها من ممتلكاته كفيل بأن يجعله يحاكم بتهمة ارتكاب «جريمة كبرى».

ومع ذلك فإن نقطة البداية للسير على هذا الطريق لا تحتاج بالضرورة لوجود أدلة دامغة تدين الرئيس، فذلك قد يأتي- أو لا يأتي- لاحقا.

وإنما البداية تكون بتقديم عضو واحد في الكونجرس مشروع قانون لبدء تحقيق حول إمكانية عزل الرئيس لارتكابه أيا من المخالفات أو الجرائم المشار إليها.

ويتلو ذلك تصويت مجلس النواب على مشروع القرار وفي حال حصول القرار على أغلبية تتم إحالة القرار إلى مجلس الشيوخ.

وهذا هو بالضبط الطريق الذي سلكه الكونجرس في سعيه لعزل الرئيس الأسبق بيل كلينتون في ديسمبر 1989، بعد تفجر فضيحة إقامته علاقة جنسية مع « مونيكا لوينسكي»، المتدربة السابقة في البيت الأبيض.

ولكن كما يعلم الجميع فقد صوت مجلس النواب بأغلبية على إدانة كلينتون بتهمتين، لكن الاتهامات ذاتها لم تحصل على أغلبية الأصوات في مجلس الشيوخ، وتمت تبرئة كلينتون، ومن ثم لم يتم عزله واقتصر عقابه على توجيه « توبيخ» له على فعلته.

هل يمكن عزل ترامب حقا؟

يقول « فلين» « انه ما من رئيس أمريكي سبق له أن اظهر لامبالاة بالدستور وسيادة القانون مثلما فعل الرئيس ترامب». مضيفا « فالانتهاكات، والفساد، والتهديدات للشعب الأمريكي جميعها حدثت بالفعل وسوف تزداد خطورة وسوءا طالما ظل في السلطة.

إن الشعب الأمريكي يستحق رئيسا لا يكون رهينة لحكومات ودول أجنبية حتى يحافظ على مصالحه التجارية الشخصية، في الوقت الذي يتخذ فيه قرارات تمس حياة الناس وأرزاقهم بل وأحيانا بقاءهم على قيد الحياة أو فناءهم، بينما الهدف الرئيسي منها هو الحفاظ على أرباحه وأبراجه العملاقة حول العالم».

كل هذا يدخل في إطار الكلام البلاغي القوي الذي نسمعه دائما من كلا الطرفين الديمقراطي الليبرالي من ناحية، والجمهوري المحافظ من ناحية أخرى في سياق الحروب الإعلامية التي تصطبغ بها المناورات السياسية كملمح أساسي في الصراع الحزبي الدائر في أمريكا منذ عقود.

ولكن ما هي فرص النجاح الحقيقية لمثل هذه الحركة في الوصول إلى هدفها؟ يقول « فلين إن الحركة أجرت اتصالات أولية مع عدد من أعضاء الكونغرس بدت نتائجها مبشرة».

لكن واقع الخريطة السياسية في الولايات المتحدة حاليا ينبئ بغير ذلك تماما، كما تقول « غورانا غريغتش» المحاضرة في « مركز دراسات الولايات المتحدة» بجامعة «سيدني» والمتخصصة في السياسة الأمريكية « لا اعتقد أننا سنرى أي بوادر لعزل الرئيس ترامب تقريبا».

والسبب ببساطة « إن الحزب الجمهوري لديه أغلبية في الكونجرس بمجلسيه ومن ثم فإن هناك شبه اتفاق عام بين قيادات الحزب على ترك الرئيس ترامب يكمل مدته، ذلك أنه أمام الجمهوريين فرصة ذهبية لا تتكرر إلا مرة كل جيل وربما عدة أجيال لتنفيذ أجندتهم السياسية كاملة لأن لديهم الأغلبية في الكونغرس بمجلسيه ورئيس جمهوري في البيت الأبيض.

ثم إن مجرد فتح تحقيق كهذا، تضيف « غريغتش»، يمكن أن يستغرق اشهرا طويلة ومن ثم سيكون له تأثيرات سلبية على انتخابات التجديد النصفي في عام 2018 والتي يحرص الجمهوريون على الفوز فيها للاحتفاظ بأغلبيتهم في الكونجرس بمجلسيه.

وبالمثل يتفق عدد من المراقبين وبينهم خصوم لدودين للرئيس ترامب، أنه لابد من وقوع سلسلة أحداث خطيرة أو أن يرتكب الرئيس أخطاء جسيمة حتى تبرز هناك إمكانية قوية للبدء في إجراءات عزله قبل استكماله مدته.

ترامب يوغل في الدفاع عن بوتين

فهل هناك حقا بوادر لظهور مثل هذه المسوغات على الساحة السياسية قريبا؟ ليس الأمر مستبعدا كما يرى البعض.

وفي مقدمة هذه المسوغات موقف الرئيس ترامب المحير والملغز من الرئيس الروسي « فلادمير بوتين» والذي برز مجددا فجأة الى الواجهة السياسية في الساعات الأخيرة فقط، وأثار لغطا واعتراضات قوية من داخل صفوف الحزب الجمهوري ذاته.

ففي حوار مع مذيع شبكة « فوكس نيوز» الإخبارية « بيل أورايللي» وردا على سؤال بشأن بوتين والذي سبق وأن وصفه أعضاء كونجرس في مقدمتهم السناتور « جون ماكين» بأنه « قاتل» قال ترامب « « وماذا في ذلك هناك الكثير من القتلة في العالم.

ثم إن الولايات المتحدة ليست بريئة تماما».

فتحت هذه التصريحات أبواب الجحيم على ترامب، خاصة وأنها جاءت مناقضة تماما لتصريحات المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة والتي كانت قوية في إدانتها للرئيس بوتين على ضوء اشتعال القتال مؤخرا بين الانفصالين في شرق أوكرانيا المدعومين من روسيا وقوات الحكومة الأوكرانية، وأيضا متناقضة مع تصريحات نائبه « مايك بنس» الذي حذر موسكو قائلا: « نحن نراقب روسيا عن كثب».

وتلقف الإعلام المناهض لترامب تصريحاته تلك ساعيا لاستيضاح رجالات الحزب الجمهوري واستنطاق آرائهم في تلك التصريحات.

وجاءت ردودهم جميعا ناقدة للرئيس ومخالفة له.

بل واستنكف الكثيرون منهم عن مجرد عقد مقارنات من أي نوع بين الولايات المتحدة ونظامها السياسي الديمقراطي التعددي، وبين نظام ليس فقط روسيا في عهد بوتين بل والنظام السابق في الاتحاد السوفييتي، وكيف أن كليهما يسير على نفس الدرب الاستبدادي الأوتوقراطي من حكم الرجل الواحد القوي المطلق.

ليست هذه هي المرة الأولى التي ينبري فيها ترامب للدفاع عن بوتين الذي يبادله إعجابا بإعجاب، وهذا الإصرار من جانب ترامب هو بيت القصيد في تلك القضية، خاصة في ضوء تفجر « شبه فضيحة» تزعم أن المخابرات الروسية تملك وقائع مشينة يمكن أن تدين ترامب على أكثر من صعيد، فضلا عن فضيحة التجسس الإلكتروني الروسي على مواقع ومؤسسات سياسية أمريكية من بينها الحزبان الجمهوري والديمقراطي خلال الحملة الانتخابية، ما قد يكون قد لعب دورا في فوز ترامب.

علما بأن التحقيق في هذه المزاعم القوية لا يزال جاريا بواسطة « لجنة الاستخبارات والشؤون العسكرية» بمجلس الشيوخ والتي يقودها السناتور « جون ماكين» الخصم اللدود للرئيس ترامب.