920068
920068
شرفات

باحثون يستقرئون الرواية العمانية فنيا واجتماعيا وتاريخيا

06 فبراير 2017
06 فبراير 2017

[gallery size="large" ids="435914,435916,435915"]

في ندوة بجمعية الكتاب ضمن برنامج مهرجان مسقط -

عاصم الشيدي -

تباين الطرح والتناول في الندوة التي نظمتها الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بالتعاون مع اللجنة الثقافية لمهرجان مسقط والتي حملت عنوان «واقع الرواية العمانية: الفني والاجتماعي والتاريخي» والتي أقيمت أمس الأول. وشارك في الندوة الدكتور هلال الحجري بورقة حملت عنوان «القبض على الجمر.. سرد التاريخ السياسي في روايات علي المعمري» والدكتور محمد زروق بورقة حملت عنوان «معمار الرواية نماذج من الرواية العمانية» والدكتور خالد البلوشي بورقة حملت عنوان «الرواية العمانية خطابا ثقافيا عبر شخوصها». وطرحت نقاشات الندوة أسئلة جوهرية حول حقيقة مصطلح الرواية التاريخية رغم الحديث عن سياق تخيلي في الكتابة، وعن أسباب تورط الرواية العمانية في مسألة التاريخ السياسي وتركيزها على حقبة الخمسينات والستينات من التاريخ السياسي العماني.

وذهب الدكتور محمد زروق في ورقته للقول: إن للرواية العمانية آفات وآفاقا، هي في مسارها سائرة بين طريقين بينين، طريق التكثيف في الكتابة على غير هدى، وطريق التفكر والتمعن، والبحث عن أقوم المسالك المحققة لسرد مختلف، ينفر التكرار، وينبذ الرتابة، ويجهد القارئ ويهز ثباته حتى يبقى متيقظا في قراءته، وذلك بواسطة الاجتهاد في البحث عن البنى الملائمة للمحتوى، وعن الشخصيات حمّالة الأرزاء والمتاعب في توزيعها وتعالقها وتواصلها، وفي وسائط إقامة الحدث وتصريفه، وفي تركز الرؤية السردية واتخاذ موقع من الشخصيات والأحداث غوصا فيها وتدخلا في دقائقها، أو فرقة وعزلة، وفسحا لمجال أوسع للقارئ أن يملأ فراغات يتركها الراوي الرأس عمدا.

وتناول الدكتور زروق في ورقته ثلاثة مظاهر: الأول تشظي الحكاية وتنجيم الأحداث، وثانيا تشظي الشخصيات ورابعا تعدد الأصوات.. واختبر الباحث تلك المظاهر من خلال استقراء مجموعة من الروايات هي: حوض الشهوات لمحمد اليحيائي، والذي لا يحب جمال عبدالناصر لسليمان المعمري، ونارجة لجوخة الحارثي، وسندرلات مسقط لهدى حمد.

وفي تناوله للمظهر الأول يقول الدكتور محمد زروق إن الراوي يعمد أحيانا إلى بعثرة الأحداث، وعدم خيطها إلى نظام زمني أو حدثين فهو لا يفرغ إلى رواية حكاية واحدة يأخذ بتلابيبها من البداية إلى النهاية فيقطع الأحداث ويكلف القارئ عبء جمعها وإعادة ترتيبها.. وهي الظاهرة الغالبة في رواية نارنجة وفي رواية حوض الشهوات. ففي نارنجة تنتقل الذات الراوئية بشكل يبدو متهافتا فيما ابتدعته من عناوين وفصول، بين زمنين وحدثين وبؤرتين للسرد، وقد تنتقل داخل الفصل الواحد بين هاتين البؤرتين، وفي «حوض الشهوات» نجد رواية داخل الرواية، وأحداثا جمة متفارقة زمنا ومنزلة، بين تبئير الذات في صناعة الرواية، وأحداث «روز» وعالمها، الحرب، الفكر، الحب، الموت، قضايا عديدة وتواريخ متراكمة، وإحالات مرهقة، لم تقدر الرواية على حملها، فجاءت مكثفة، تريد أن تقول كل شيء بشكل تخييلي، فضاقت العبارة واتسعت الرؤية.

ويضيف الباحث: «لقد بنيت الأحداث في رواية نارنجة، على عبثية في ترتيب عناصر الحكاية ومواطن تبئيرها، تناوبا بين الفصول أو تناوبا في الفصل الواحد، ولا علة تبرر التنقل من محور إلى آخر في أحايين عديدة. وحسب الباحث فإن جوخة الحارثية لم تقدم رواية متواصلة، تأخذ لواحقها بأسباب مبادئها، وإنما وزعت الحكايا وتفرقت عناصرها، وفق نثر لعُقد يمكن نظمه.

ويواصل الباحث حديثه عن الفكرة نفسها: على نسق مشابه تسير الأحداث في رواية «حوض الشهوات» فالأحداث فيها لا تتالى تتابعا، وإنما هي مقطعة، بفعل سارد قادر، يُصرّف الأحداث ويعمل على تخفية أثرها.. يتنقل من مجال حكائي إلى آخر، إذا يفتح السرد من السرد أبوابا مثقلة، ويبحث عن الطريقة المثلى لرواية تلك الأحداث، فتتوه الحكاية الأصلية منه في رغبته في محو أثرها، وتعميتها، وإخراجها من إمكان الإحالة إلى حتمية التخييل.

ولا تعرض الأحداث في هيئة بسيطة، وإنما تعمل الذات الراوية إلى المخاتلة والمراوغة في بناء الحكاية بدءا من تبئير الذات الراوية في شكلها وإيمانها، في وجودها وعدمه وفي تسليم عهدة الحكاية إلى صوت من مخلوقات الخطاب، فتتكثف الأصوات، وتحتوي الحكايةُ الحكايةَ، ويتوه القارئ أحيانا بحثا عن صاحب الصوت، فتتداخل الحكايات.

تلك طريق في البناء آثر بمقتضاها المؤلفان عدم المؤالفة، وتشتيت الأحداث وبعثرتها، صياغة لقارئ له القدرة على التفكير والتدبر، لأعمال الذهن، وإعادة ترتيب ما تناثر.

وفي المظهر الثاني الذي تناولته ورقة الدكتور زروق وهو «تشظي الشخصيات» تناول روايتي «الذي لا يحب جمال عبدالناصر» و«سندرلات مسقط». يقول الباحث: بسيوني في رواية «الذي لا يحب جمال عبدالناصر» شخصية ممكنة التحقق، ممكنة الوجود، توزعت أحداثها بين أقول شخصيات متفارقة المنازل، مختلفة المنشأ، تشظت الشخصية المركز بين عدد من الروايات، وإن لم تكن مقصودة لذاتها، وإنما هي شخصية تكئة، استندت عليها الذات الراوية للنفاذ إلى تعرية واقع سياسي. ولكن بالرغم من ذلك يمكن اعتبارها الشخصية الوتد التي شدت متفرق الأصوات والحكايات. ويقول الباحث: لسنا في رواية «الذي لا يحب جمال عبدالناصر» إزاء شخصيات مفتتة بل نحن إزاء شخصية واحدة، ينُظر إليها من زوايا مختلفة، غير أن هذه الزوايا المختلفة انعكست بتمامها على مرآة الشخصية الناظمة، بسيوني فتفتت الشخصيات وهي تنعكس على مرآة بسيوني.

أما الشخصيات المفتتة فنجدها بشكل بين في رواية سندرلات مسقط، إذ تضيع صورة الشخصية الرابطة الواصلة، وتتفرق البطولة بين ذوات نسائية عدة، فسار السرد في مسار كسر صورة الشخصية الرابطة المركزية، لتتحول كل السندرلات إلى شخصيات مركزية في مساحاتها المخصصة لها، مع وجود رابط باهت، تخفيه الذات الراوية قدر الإمكان، وهو الطباخ رامون، ووظيفته الاستماع وكسر نمطية السرد، وكل شخصية من هذه الفتات تحقق حريتها في تقليب منظورها وانتقاء مراكز حكايتها ومرتكزاتها، وفي تبئير ذاتها وتبئير الآخرين، فيكون الوجود الفعلي لشخصية واحدة هي السندريلا التي تتشقق إلى عدد من الشخصيات تأخذ أسماء مختلفة ولها أحداث متباينة، وتنشد إلى ثيمات غير متشابهة بالضرورة، الرواية كتبت بتوظيف تقنية القصة القصيرة.

وفي المظهر الثالث من المظاهر التي رصدها الباحث «تعدّد الأصوات» يقول الباحث إن السمة الجامعة بين النماذج الروائية التي اختارها في بحثه هو التركيز على عدم الاستبداد بالرؤية، وفسح المجال للشخصيات لتتحول من وجودها كائنات مصنوعة منظورا إليها، إلى أن تكون رواية ناظرة، فاعلة ترى ما تريد وتحقق رؤيتها للكون وللفضاء السردي.

ويضرب مثالا بالأصوات العديدة داخل رواية «حوض الشهوات» التي يعلو بعضها ويتخذ مساحات من السرد مديدة، فيما يخفت بعضها ويأخذ من الرواية مجالها البسيط، صوت سالم مطر، الذي يتخذ هيئتين: هيئة الشخصية المحكمة المنظور إليها من جهات عدة، من التقارير الأمنية، من الصديق، وهيئة الشخصية الحاكية الناطقة وفي هذا التعدد الصوتي توظف وسائط عديدة لعرض الحكاية، الرسالة الإخوانية والتقارير والسيرة الذاتية «صديقي العزيز مبارك، لا أفهم انزعاجك من قولي إن الأمور تبدو على ما يرام، وإن البلاد تمضي في طريق التقدم».

ولكن هذه الديمقراطية في توزيع الأصوات يفسح المجال للشخصية أن ترى ذاتها، لم يمنع كبير الرواة من أن يكون عارفا عالما، مداخلا للنفوس، مظهرا ما يخالجها، وما يدور فيها. غير أن كبير الرواة يجتهد أن يكون مصابحا في رؤيته، لا يروي إلا ما يراهن ويفسح المجال لعلم الرواة، الشخصيات، فقد تشكلت الرواية على هذه الهيئة: رؤية من زوايا مختلفة، ولذلك تضمنت الرواية بوعي شديد تقريرا أمنيا لم ينقل فيه الراوي الأمني إلا ما بد له ظاهرا ولذلك ففي سياق لقاء سالم مطر مع صديقه مبارك بن حمدان لم يتمكن المخبر من الاقتراب منهما لسماع الحوار الدائر بينهما، فحذف هذا الحوار وبقي مجهولا.

تتشابك الأصوات في حوض الشهوات حتى يلتبس الأمر أحيانا على القارئ بحثا عن المتحدث، وبيان الصوت المحدد للرؤية، أصوات عدة تريد أن تكون في الرواية.

أما في رواية «الذي لا يحب جمال عبدالناصر» فإن الشخصية تتخذ كما سلف ان ذكرنا مطية لعرض أحداث مهمة، هي الشخصية المرتكز وتشتيت الرؤى والأصوات يمثل سبيلا اقتفاء الراوي للمدير للعبة السرد. إذ اتخذ حدثا مركزيا وهو دخول شخصية بسيوني في غيبوبة قاتلة بسبب رؤيته من لا يحب سبيلا لانطلاق شخصيات عدة، وهذا الحدث ولدّ رؤى الشخصيات لتلك الدائرة الحديثة التي تظل تنفتح استرجاعا لتقديم صلة الشخصية المتكلمة ببسيوني. وفي رواية نارنجة تتداخل الأصوات والذوات رغما عن غلبة الذات الراوية زهور، ذلك ان زهور لا تنقل صوتها فقط، بل هي ناقلة لصوت بنت عامر ولمرئياتها، ولصوت كحل، وقد تتماهى أحيانا مع الجهتينن رواية الراوي العليم مكنتها من الدخول إلى ذوات وإظهار أهوائها وأمزجتها.

وقدم الدكتور هلال الحجري ورقة في الندوة حملت عنوان «القبض على الجمر: سرد التاريخ السياسي في روايات علي المعمري».. تناولت الورقة روايتين للقاص الراحل علي بن هلال المعمري هما: همس الجسور، وبن سولع.

وحسب الحجري استطاع المعمري في الروايتين أن يقبض على جمرة التاريخ باقتدار باهر؛ فالعملان يكشفان عن دراية المعمري بأسرار التاريخ السياسي لعمان والجزيرة العربية في مرحلة مسكوت عنها غالبا، وقدرته على الإمساك بخيوط السرد في نسيج متماسك.

يقر الحجري أن همس الجسور رواية تاريخية رغم تداخلها مع ما يشبه السيرة الذاتية، ولو انتزعنا منها الصفحات المتعلقة بالتاريخ السياسي لعمان خلال الفترة من 1969 إلى عام 1975 والأحداث التي ارتبطت بها حين عادت أمينة إلى مسقط سنة 1991 لما تبقى من الرواية غير نزر يسير يتصل بالتسكع في أزقة اسطنبول وجسورها وحاناتها، ومطاعمها بحسب الحجري الذي يواصل ويقول: لا جدوى من الدخول في جدل نقدي حول تجنيس رواية همس الجسور، وأيضا رواية بن سولع؛ لأن الرواية التاريخية العربية الجديدة تطورت ولم تصبح تلك الرواية التاريخية الكلاسيكية التي عرفانها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر عند روادها.

ويقول الحجري: إن الذين تناولوا روايتي علي المعمري شبه متفقين على إحكام السرد واكتمال البناء الروائي في العملين، وإن ذهب بعضهم إلى وجود هنات فنية في البناء الروائي.

ويقول الحجري في سياق ورقته إن القدرة على كتابة الرواية والتخييل وحدهما لا يكفيان، ومن يتصدى لهذا النوع من الروايات ينبغي أن يكون متسلحا بكل تفاصيل الزمن والحدث الذي يتمثله أو يكتب عنه. وقد تبين من الروايتين أن علي المعمري كان ملما بالأرشيف السياسي لحركات التحرر في الخمسينات والستينات من القرن الماضي في كوبا وفلسطين وسوريا والعراق وعُمان. كما أنه كان ملما بالأرشيف السياسي البريطاني والأمريكي في عُمان والخليج العربي، وكان واعيا بالتفاصيل الدقيقة للأحداث السياسية التي أثرت على المنطقة حاضرا ومستقبلا.

وتحدث الباحث عن توظيف المكان في العملين، معتبرا أن له دور فعال في تماسك البناء الروائي؛ إذا أن الكاتب نجح في خلق تلاحم بين المكان والأحداث والشخصيات. وفي همس الجسور مثلا، مسرح الأحداث منسجم جدا مع الحدث الأساسي للرواية وهو الثورة في الجانب العماني آنذاك، فحشد لها الكاتب مناطق التوتر السياسي المتصلة بحركات التحرر، فكانت كوبا وبيروت ودمشق وعدن. أما أسطنبول فحتى لو لم تكن تلتقي مع هذه المدن إبان الثورة فإنها استوعبت بانفتاحها التقاء الشخصيات الأساسية في الرواية لاحقا لتسرد لنا ما حدث في سياق الجسور والحانات والدوران الذي لم يفض إلا إلى الانتحار والموت، وبما يعكس رؤية الكاتب للجبهة الشعبية وموقفه منها.

وتحدث الباحث عن تمكن المعمري من ربط الأحداث التاريخية بذكاء بحيث لا يشعر القارئ بأنها مقحمة على النص؛ فحين أراد الكاتب في همس الجسور لحمدان بن يعرب أن يكون بطلا عمانيا شيوعيا، هيئ له مناخا سياسيا مشتعلا بدأ من أحداث زنجبار مرورا بعدن إلى مدريد ليعيش هناك في عهد الطاغية فرانكو، حيث كانت التيارات السياسية والعقائدية تشتد بين الطلاب.

وقال الباحث متحدثا عن تضمين قصص العشق والجنس في العمل بأنهما لا يؤديان فقط وظيفة التشويق وكسر رتابة السرد التاريخي؛ وإنما يسهم ذلك في بناء الحدث العام في الرواية وخلافا للروايات التاريخية الكلاسيكية نجد في روايتي المعمري اندماجا واضحا بين الحدث العالم للرواية والقصص المضمنة فيها؛ فهي لا تنمو نموا خاصا بها بعيدا عن الحدث العام بحيث يصعب سلخها عن الحكاية الأم.

ثم يتحدث الدكتور هلال الحجري عن العلاقة بين التاريخ والرواية واصفا إياها بأنها علاقة ملتبسة؛ التاريخ يركن إلى الحقائق والتوثيق، بينما الرواية تعتمد على الذاتية والتخييل. وقال إن علي المعمري ربما تحرش بتاريخ الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي وأسقط عليها رؤيته الخاصة، وهي رؤية قد يختلف معه حولها البعض ولكنها تظل رؤية مقدرة.

وواصل الحجري استقرار الروايتين فيصل إلى الشخصيات التي رأى أن الكاتب قد أمعن في إقصائها وخاصة الثوري منها موصل إياها إلى آفاق العبثية والانتهازية والخوف والجنون والنفاق الديني والنهايات التي قد لا تليق بهم.

فأبو خلفان يعرب بن حمدان بن مبارك بن يعرب سليل الثورة وابنها يتحول إلى شخصية كارهة للثقافة والفكر، بل إلى شخصية عابثة سادرة في الملذات واللامسؤولية.

والدكتور تبوك حمران خريج جامعة هافانا يتحول لاحقا إلى رجل خائف انتهازي، والرفيقة خيار مفتاح تتحول لاحقا إلى «خيمة سوداء» ترتدي العباءة، والرفيقان البحرينيان يتحولان لاحقا إلى برجوازيين.

كما قدم في الندوة الدكتور خالد البلوشي ورقة حملت عنوان «الرواية العمانية خطابا ثقافيا عبر شخوصها».

ويقول الباحث في ورقته إن الرواية تعد نقطة حاسمة في مسار الثقافة والفكر العمانيين، إذا نرى أن الحاضر، بعامة ناسه، خيرهم وشرهم، كبيرهم وصغيرهم يشكل المادة الأساسية لها، فشخصياتها ليسوا سلاطين ولا أئمة ولا شيوخا ولا أعيانا ولا أصحاب وجاهة، وإنما هم عوام الناس وبسطاؤهم، وهم زهرة في تقبلها وتناقضها.

وتحدث الباحث عن رواية الباغ فرأى أنها تتميز بأنها متعددة الشخصيات فالأصوات التي تخالف بعضها بعضا مثل الحكومي والثوري مقدمة على نحو متزن متواز، من غير تقييد ومن غير حكم قيمة، إذ تجد كليهما إنسانا لا نموذجا لتصور مسبق للإنسان. كما تجد داخل الصوت الواحد أصواتا متعددة، فراشد مع أنه يعمل للحكومة وينتصر لها ترى فيه وجها يتعاطف مع الثوار المناوئين له وللجهة التي يحارب لأجلها. وزاهر وراء جهره بثوريته أصواتا مختلفة صوت معلم توظفه منظومة تعليميته وصوت مذيع توظفه منظومة سياسية وصوت مروج يأتي عنيفا على حنجرته فيقول صائحا صارخا «يحيا ماركس يحيا لينين».

وكذلك شخصيات سندريلات مسقط فمع أن هناك أصواتا مختلفة متعددة في الرواية لافتة في خروجها على المجمع عليه، في احتفائها بما تعده المنظومة تافها وغير ذي باب أو غير واقعي إلا أن تفرع الحبكة الإطار إلى حبكات مضمنة فرعية، كل لها شخصياتها يصرف نظر القارئ عن الشخصيات إلى ما يحدث، إلى البحث عن خيط يربط الإطار بالمضمون الرئيسة بالفرعية.