العرب والعالم

التوتر بين تركيا واليونان «في تصاعد»

05 فبراير 2017
05 فبراير 2017

إسطنبول - (أ ف ب): يتصاعد التوتر بين تركيا واليونان رغم أن تعاونهما يعتبر أساسيًا لمواجهة تحديات إقليمية عديدة، لكن من المستبعد أن تتحول الحرب الكلامية الأشرس بينهما منذ سنوات إلى مواجهة عسكرية.

وقبل نحو شهرين من تصويت الأتراك في استفتاء مصيري لتعزيز سلطات الرئيس، يغذي تجدد هذا النزاع المشاعر القومية في تركيا.

وتعتبر إقامة علاقات براجماتية أكثر مما هي أيديولوجية مع اليونان من اهم مكتسبات حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الصعيد الخارجي منذ تسلمه السلطة عام 2002.

إلا أن التوتر حول جزر يونانية في بحر إيجه وانتهاك المجال الجوي والخلاف بخصوص كيفية التعاطي مع التراث البيزنطي في تركيا، تعيد جميعها إحياء الشرخ المزمن بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي.

وتعمق الخلاف مع رفض محكمة يونانية الشهر الماضي تسليم ثمانية عسكريين أتراك متهمين بالمشاركة في انقلاب فاشل على أردوغان في 15 يوليو الماضي.

وهرب الضباط إلى اليونان على متن مروحية في 16 يوليو غداة محاولة الانقلاب الذي تتهم تركيا الداعية الإسلامي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن بتدبيره.

واعتبر وزير الدفاع التركي فكري ايشيك قرار المحكمة اليونانية «خيبة أمل كاملة».

إلا أن مارك بيريني الخبير في مؤسسة كارنيغي أوروبا، يرى أن «أي قرار يتخذه شركاء تركيا بخصوص الانقلاب الفاشل، سواء كان تسليم الولايات المتحدة لغولن أو اليونان للضباط، سيثير جدلاً واسعًا».

«مجازفات كثيرة»

وفي رد واضح، دخلت بارجة للبحرية التركية على متنها قائد الأركان الجنرال خلوصي أكار يرافقها زورقان للقوات الخاصة المياه الإقليمية اليونانية قرب جزر إيميا التي تطالب بها أنقرة في بحر ايجه في 29 يناير، ما دفع سفنا لخفر السواحل اليونانيين يرافقها زورق استطلاع للبحرية إلى مواكبتهم.

وسبق أن أثارت جزر ايميا التي تبعد سبعة كيلومترات فقط عن السواحل التركية توترًا شديدا بين أنقرة وأثينا.

وكادت الأمور أن تتطور إلى مواجهة عسكرية بينهما عام 1996 لولا ضغوط دبلوماسية مارستها الولايات المتحدة.

والأربعاء الماضي حلق وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس بمروحية فوق الجزيرة حيث ألقى إكليلا من الزهور في البحر تكريما لثلاثة جنود يونانيين قتلوا عندما تحطمت مروحيتهم خلال أزمة عام 1996.

وأثارت الخطوة غضب تركيا التي حذر وزير خارجيتها مولود تشاوش أوغلو من أنه «في حال تصعيد الأوضاع، لا سمح الله.. فلن يكون من الممكن إصلاحها».

أما وزير الخارجية اليوناني نيكوس كوتزياس فأرجع التوتر بين البلدين إلى الوضع في تركيا قائلا: إن «أمورًا كثيرةً في السياسة الخارجية لا تسير كما يرغبون ولديهم مشاكل داخلية كبيرة».

وأوضح مدير مركز الدراسات الدولية والأوروبية في جامعة قادر في إسطنبول أن الشراكة الرسمية بين تركيا واليونان لم تتجاوز قط الحوار السياسي والآمال لتعزيز العلاقات التجارية. وقال المحلل: «دون أن تتضمن العلاقات إطارًا قانونيًا وسياسيًا قابلاً للتطبيق.. فإن بقاء الحال على ما هو عليه يحمل مجازفات كثيرة».

وأضاف: إن تركيا تستغل الخلاف حول تسليم الضباط لتظهر بانه «يمكنها أن تلدغ إذا أرادت» في وقت تعاني فيه من اضطرابات داخلية.

تهدئة

وعادة ما تتصاعد نبرة الخطاب القومي في تركيا قبيل الانتخابات.

ويتوقع أن يصوت الأتراك في أبريل في استفتاء بشأن تعديل دستوري مثير للجدل يؤدي إلى تعزيز صلاحيات أردوغان.

وانضمت أثينا وأنقرة إلى حلف شمال الأطلسي عام 1952 في محاولة من الولايات المتحدة وأوروبا لضمان عدم دخولهما مجددا في حرب.

إلا أن العلاقات بينهما بقيت متوترة خصوصا عندما اجتاحت قوات تركية قبرص عام 1974 ردا على انقلاب سعى لضم الجزيرة إلى اليونان. إلا أن هذا التوتر وضع جانبا مع ما سمي بـ«دبلوماسية الهزات الأرضية» عام 1999 عندما استجابت اليونان سريعا لمساعدة تركيا بعدما ضرب زلزال مدمر الأخيرة.

وردت تركيا عبر مساعدة جارتها الأوروبية التي ضربها زلزال بعد شهر.

وساهم تولي حكومة أردوغان، مع جذورها الإسلامية وسعيها إلى دفع سياسة أنقرة بعيدا عن القومية العلمانية الفجة التي طبعت سياسة الحكومات السابقة، السلطة في تحسين العلاقات بين البلدين.

وتتجاوز أهمية هذه العلاقة البعد الثنائي وهو ما أشار إليه المسؤولون الأتراك الذين حذروا من أن التوتر الجديد بين الطرفين قد يلحق ضررًا باتفاق أبرمته أنقرة مع الاتحاد الأوروبي لضبط تدفق المهاجرين من أراضيها إلى أوروبا عن طريق اليونان.

ويعمل الجانبان معا كذلك لإنهاء عقود من الانقسام في جزيرة قبرص.

وقال موفد الأمم المتحدة الخاص إلى قبرص اسبن بارث ايدي انه «من الأفضل لو أن هذا التوتر لم يكن موجودًا».

وفي الوقت نفسه، أكد الخصمان اللدودان رغبتهما في إبقاء العلاقات جيدة مع تعبير كوتزياس عن أمله في «تلطيف اللهجة» بينهما.

إلا أن يوانيس غريغورياديس، الأستاذ المساعد في جامعة بلكنت في أنقرة قال: «لا أعتقد أن للطرفين مصلحة في التصعيد أكثر» متوقعًا أن تتم تنحية الخلافات جانبًا إلى حين.