yousef
yousef
أعمدة

مصريات.. قلم الروائي وكاميرا السينمائي

04 فبراير 2017
04 فبراير 2017

يوسف القعيد -

الفنان نور الشريف. هو صاحب الفضل - بعد الله سبحانه وتعالى - في لفت الانتباه لرواياتي. من حيث صلاحيتها للتحويل للسينما. كان نور في الكويت. أواخر سبعينات القرن الماضي. وتحدث عن روايتي: يحدث في مصر الآن. والحرب في بر مصر. لم يكن زمن الفضائيات العربية قد هل علينا بعد. وقد عرفت بما قاله نور الشريف - الذي لم أكن أعرفه على المستوى الشخصي - من واحد بلدياتي كان يعمل في الكويت.

بعدها بحوالي شهر كنت في السويس. أحضر احتفالها بذكرى انتصار أكتوبر 1973. عندما وجدت نفسي وجهاً لوجه أمام نور الشريف. قال لي يومها أنه سيبدأ في تحويل روايتي: الحرب في بر مصر لفيلم سينمائي. وأخذني بعيداً عن الزحام الذي يحيط به. وأكد لي أنه إن حصل على موافقة الرقابة على المصنفات الفنية لمشروع الفيلم الذي تقدم به. سيتحول من التمثيل للإخراج. وسيخرج الفيلم ولن يمثل فيه.

لكن الذى جرى فى ذلك الوقت أن الرقابة رفضت الموافقة على الفيلم. لم يكن هذا موقف نور الشريف وحده. فعل هذا مع أعمالي الأدبية بصورة مبكرة. الفنان صلاح السعدني الذي يوشك أن يحفظ روايتي الحرب في بر مصر. ويحدث في مصر الآن. بل ويُسمع كثيراً من صفحاتها من الذاكرة. وإن كان قد رفض المشاركة في المواطن مصري. لأسباب شرحها لي فيما بعد ليس هنا أوان الكلام عنها.

ولأن رواية (الحرب فى بر مصر) قد أصبحت من مكونات ذهن نور الشريف. لذلك كان وراء صناعة فيلم زمن حاتم زهران. القريب جداً من موضوع الحرب في بر مصر. ويومها أصر نور - بذكائه المعروف عنه - أن أحضر عرض نسخة عمل من الفيلم في أكاديمية الفنون بالهرم. حتى يضمن صمتي وسكوتي على عدوان فيلمه على موضوع روايتي.

استبدل حكاية ابن الغفير الذى يحارب باسم ابن العمدة. بأن يحارب شخصا له توأم. وهكذا يستشهد الفقير. ويحول الغني الحرب ونتائجها لمشروع استثماري. ونور من الفنانين القلائل الذين يتابعون النتاج الروائي المصري والعربي والعالمي. وفي الاستوديوهات يحوله زملاؤه من الممثلين لمستكشف للأدب الروائي بالنسبة لهم. وعندما يكلمهم عن الشأن الثقافي. وعلاقاته بالمثقفين. وقراءته لهم. يتجمعون حوله وينصتون له. كأنهم في محاضرة. وآخر اتصال بيننا - نور الشريف وكاتب هذا الكلام قبل رحيل نور عن عالمنا - كان يستأذنني نور الشريف أن تقوم ابنته سارة «التي اتجهت للإخراج» بإخراج روايتي: أيام الجفاف. كفيلم سينمائي تخرجه. وقد وافقت وأرسلت الرواية لها. ولا أعرف مصيرها حتى الآن.

في هذه الأثناء. فوجئت بزيارة لي في بيتي من امرأة شديدة الجمال هي روضة الجراح. زوجة المخرج توفيق صالح الذي كان يعيش في العراق في ذلك الوقت. كانت تحمل عرضاً منه بتحويل روايتي: يحدث في مصر الآن. لفيلم سينمائي يقوم هو بإخراجه. وكان يفكر في تصويره بقرية الخالصة. التي أنشأها العراق - فى ذلك الوقت - للفلاحين المصريين.

ولم أكن متحمساً لفكرة التصوير في العراق. ثم عادت زوجته تحمل إليّ فكرة أن توفيق صالح يمكن أن يحضر لمصر خلسة ومعه المعدات والأدوات أو يتولى تأجيرها في مصر. ويصور الفيلم بطريقة أو بأخرى. وكنت أميل لهذا. وإن كنت أخشى من عواقب مثل هذه المغامرة التي لا يعرف أحد إلى أين يمكن أن تصل.

لكن الذى حدث وقتها أن توفيق صالح كما اهتم فجأة بالرواية. فقد الاهتمام تماماً. ثم عاد إلى مصر واستقر بها نهائياً. وأصبحنا نلتقي في جلسات أسبوعية مع نجيب محفوظ. وقهر خجلي فضولي ولم أعرف لماذا تبخر حماسه؟ لكن في هذه الجلسات رأيت في توفيق صالح. الحب الذي بلا حدود أو الكراهية التي بلا حدود. وبنفس القدر. ويبقى الجانب الآخر لقصة القصة غير معروف بالنسبة لي. حتى الآن على الأقل.

ثم اتصل بي مخرج شاب مصري من أصول صينية. كان اسمه هاني يان. قابلته في مطعم صيني قريب من شارع الألفي وسط القاهرة. كان لديه مشروع كامل متكامل لتحويل روايتي الأولى: الحِداد، إلى فيلم سينمائي عنوانه على شكل سؤال: هوه فيه إيه؟! كان يتكلم معي وكأنه يقف على باب استوديو للتصوير. وقد وافقته على تحويل الرواية لفيلم سينمائي. وحررت له الورقة المطلوبة لكي يتقدم بها للرقابة على المصنفات الفنية ليحصل على موافقتها لتحويل الرواية لفيلم سينمائي.

مرت سنوات على هذا اللقاء. دون أي خطوة أخرى بعد هذا. ومعظم الروائيين غيري لابد وأن يجدوا أنفسهم أمام مثل هذه المواقف أكثر من مرة. وعليهم ألا يتوقفوا طويلاً أمام دلالات الاندفاع في العمل. ولا أسباب التوقف فجأة بعد ذلك. بل إن المخرج المصري من أصول مصرية اختفى تماماً، ولا أذكر أنني تابعته يقوم بأي عمل سينمائي في مصر أو خارجها.

نسيت أن أبدأ هذه الحكاية بعبارة أنني من عشاق السينما. بل ربما أعتبر الذهاب لدور السينما لمشاهدة الجديد من أفلام السينما المصرية والعربية والعالمية، ربما كانت واحدة من أهم متع الحياة بالنسبة لي. فأنا أعتبر أن مشاهدة الفيلم السينمائي في دار العرض هي المتعة الحقيقية. ولا يمكن أن تتساوى مع رؤية الأفلام معروضة في جهاز التلفزيون. وإن قمت بها، فيكون ذلك لأنها أفلام قديمة من تراث السينما المصرية. ولا يمكن مشاهدتها في دور العرض السينمائي.

ونكمل..