fatma
fatma
أعمدة

رأيها: ألطف إرث

01 فبراير 2017
01 فبراير 2017

فاطمة الاسماعيلية -

لا يشعر بقيمة وطعم التجمعات الأسرية إلا الذي يفتقدها، لذا عندما يُغيب الموت فردًا من أفراد العائلة نشعر أن طعم اللقاء فقد رونقه، فالقيمة الحقيقة لتلك التجمعات الجميلة تقتبس جمالها بوجود الجميع، وكأن (التجمع الأسري) إرث معنوي لطيف تركه الأجداد لأبنائهم وأحفادهم، لذا فالحرص على التجمعات الأسرية الأسبوعية من أجمل الأمور التي تجدد النشاط المعنوي في قلوب أفراد الأسرة وتنعش أرواحهم، ومن المهم أن يحرص الإنسان عليها حتى لا يندم على فواتها يومًا ما.

قد يتذمر الشباب بحضور تلك التجمعات الجميلة بحجة انشغالاتهم، أو تفضيلهم لوسائل التواصل الاجتماعي بهواتفهم الذكية أو الإلعاب الإلكترونية التي أبعدتهم عن الحياة الاجتماعية وعن التواصل مع بعضهم البعض، أو يفضلون الطلعات التي يسمونها (الشبابية) أكثر من مجالسة إخوانهم وأفراد أسرهم، مع أنهم مع الوقت سيدركون أهمية تلك التجمعات حتى ينهلوا كل ما هو مفيد من أحاديث الكبار ومناقشاتهم وتجديد أفكارهم ومعرفة أخبارهم التي من الأولى أن يعرفوها من بعض وليس من الغرباء.

والتجمعات لا تقتصر على المناسبات الخاصة كشهر رمضان أو الأعياد، فالأيام أصبحت سريعة جدا، و كأن شريطا من الأحداث يمر أمام أعيننا ونحن لم نفعل شيئا سوى تأجيل وتسويف كل شيء -حتى زيارة الأرحام- دون أن نشعر لنفاجئ برحيلهم.

فالموت المفاجئ يفجع قلوبنا بمن نحب ونحن لم نكتفي منهم بعد، ولم نستغل وجودهم على أتم وجه، لذا من الأولى أن تكون العلاقة دائما صافية، والتجمعات حاضرة في أجندتنا، وأن نُقرب أفراد أسرنا إلى قلوبنا كما نفعل مع أصدقائنا، الجيل الحالي من المهم أن يدرك أن العلاقات الأسرية لا يمكن تعويضها، وأن العلاقة المبنية على المحبة والتواصل الطيب هي أجمل ارث تركه أجدادنا لنا، وأنه بقربك منهم ستجدهم حولك في وقت الشدة، وأن الدفء الحقيقي هو أن تلامس أفراد أسرتك الصغيرة والكبيرة، وأن يَظل بيت أكبر أفراد العائلة مفتوحا دائما -حتى بعد رحيله- لأن بيت العائلة هو الظل الكبير الذي يجمعكم، يجمع أمانيكم وأفراحكم وهمومك وأحزانكم، هو البيت الذي يحمل بقلبه أجمل ذكرياتكم وضحكاتكم عندما كنتم صغارًا، تمسكوا به جيدًا حتى لا يتعرض للبيع إذا ما أصبحت جدرانه وحيدة يومًا ما وترحل ذكرياتكم معه.