abdullah
abdullah
أعمدة

عمود رماد: النصف الفارغ

01 فبراير 2017
01 فبراير 2017

عبدالله المعمري -

[email protected] -

على طاولة مستديرة كان الاجتماع، كل الكراسي حولها ممتلئة، وفي وسط الطاولة كأس ماء نصف ممتلئ، تحدث هو أولا بحكم أنه المدير، وقال وجهة نظره، وما أن فرغ من حديثه حتى قال لهم: ماذا تقترحون، وما هي آراؤكم حول موضوع اجتماعنا اليوم؟، لنستمع لها جميعا، فأنا أسترشد بها وأستشيركم حولها.

بدأ كل واحد منهم يقول رأيه، ويشرح، ويوضح، ويبين، وفق موقعه في العمل وتخصصه ودراسته للموضوع، أدلى كل واحد منهم برأيه، وهو منصت ويستمع دون أن يقاطع أيًّا منهم، ينتهي الأول ثم يبدأ الثاني، وهكذا حتى انتهى الأخير في إبداء رأيه.

صمت المدير لبرهة من الزمن ثم قال لهم: هل ترون كأس الماء الذي في وسط الطاولة؟ نظر الجميع إلى الكأس وإجابتهم له: نعم. فابتسم وهو يمرر نظره عليهم جميعا، وقال: إن رأيي في هذا الموضوع هو نصف الكأس الممتلئ بالماء، وأما آراؤكم التي ذكرتموها فهي تمثل النصف الفارغ من الكأس، ثم قام من مكانه وأمسك بقنينة الماء وأخذ يصب الماء منها في الكأس حتى امتلأ، وعاد إلى كرسيه وقال: حينما كان الكأس نصف فارغ كان يمثل آراءكم التي ذكرتموها، والآن ليس لها مكان في الكأس، لهذا فإن رأيي في الموضوع هو ما ذكرته لكم في بداية الاجتماع، وهو القرار النهائي، وقد انتهى الاجتماع فشكرا لكم.

أخذ كل واحد منهم ينظر إلى الآخر بدهشة وتعجب، إلا واحدًا منهم، ابتسم وقام من مكانه وأخذ الكأس متجها نحو النافذة، بعد أن فتحها، أفرغ جميع الماء من الكأس، وأعاده إلى مكانه، وعاد هو إلى كرسيه وقال: أيها المدير إن الكأس الآن فارغ بأكمله، وهو بحسب نظريتك، يمثل جميع آرائنا في الموضوع، فشكرًا لك لأنك تقبلت آراءنا واستمعت إليها من وجهة نظرنا التخصصية، والآن فقط انتهى الاجتماع وسيصلك ملف الموضوع حتى تعتمده ليرى النور ويستفيد منه الوطن، انتهى اجتماعنا الآن، فشكرا لك.