sharifa
sharifa
أعمدة

وتر: رائعة حد البكاء!

01 فبراير 2017
01 فبراير 2017

شريفة بنت علي التوبية -

تلقيت رسالة عبر تطبيق الواتساب كتب المُرسل فيها (إنها رائعة حد البكاء) ترى أي روعة في البكاء وأي متعة في الألم يدعوني إليه صاحب الرسالة، وكيف أصبح البكاء رائعاً حتى نتداوله وندعو إليه، فلم يكن الألم جميلاً بالنسبة لي حين تألمت ولم يكن البكاء رائعاً حينما بكيت، وما كان ذلك إلا في لحظة خسارة أو فُقد، لذلك أمقت الألم وأكره البكاء، وهربت منهما هروبي من النار والحرام والموت حتى أصبحت مسافة الأمان بيني وبين من تعمد إيلامي كبيرة جدا. وكم أعجب من أولئك الذين يتعمدون مشاهدة أفلام الدراما الحزينة إلى درجة أنهم يدخلون السينما ومعهم علبة محارم ورقية، متهيئين لبكاء طويل، ومن هؤلاء زميلة لي كانت تتعمد الاستماع لأغاني عبد الكريم عبد القادر ليدغدغ الحزن قلبها وتبكي فقط، وكم من المرات دعتني لأن أكون معها في هذه الحفلة الجنائزية الحزينة (تعالي نصيح) فاعتذر عن تلبية الدعوة وابتعد عن حفلاتها الجنائزية الحزينة فما كان الحزن مغرياً كي أسعى إليه، وأن طرق بابي فلن أفتح له، لقد أغلقت كل منافذ الحزن بِدءًا بقنوات الأخبار وأصدقاء الحزن.

لقد تمكن الحزن من قلوبنا وفاض من جوانب الروح فينا وأصبحت أجمل موسيقانا تلك الموسيقى الجنائزية وأجمل أغانينا تلك المواويل الحزينة، وأصبح الموت سلعتنا الرابحة المتداولة، لذلك يطاردنا الحزن بقدر ما تطاردنا الأقدار في عروبتنا، فكيف بنا تجمّل وجه الحزن أكث، وكيف بنا نتبناه قضية ندافع عنها وفكرة نروّج لها، وكيف بكم تستعجلون الحزن إذا تأخر وما اعتاد أن يتأخر، إنه موجود بحيث لا نستطيع نكران وجوده ولا تجاهله كحقيقة في هذه الحياة، وكل تلك الكوميديا الهازئة به التي اخترعها الإنسان لتركله في عرض مسرحي ساخر لم تكن كافية لطرده، فإن غفا الحزن في قلوبنا فلا توقظوه ربما ننساه وينسانا، وربما سيظل الطريق ولن يعثر علينا. هناك من الندوب والخدوش ما يكفي في قلوبنا، هناك ما يكفي من أثر الفقد في أرواحنا، لذلك في كل منا زاوية معطوبة من زوايا روحه بفعل الحزن، فلماذا لا نسعى لترميم ذلك العطب بفرح معاكس قبل أن يتمكن الحزن منا، فالحزن لا يقترب من تلك الوجوه الضاحكة المبتسمة، وذلك ما أجبت به على ابنتي حين سألتني بعد أن شاهدت المطرب عبدالله بالخير لأول مرة على التلفاز: ماما كيف لهذا الرجل أن يحزن؟