الملف السياسي

سوريا .. إشارات ما قبل خط النهاية ..

30 يناير 2017
30 يناير 2017

جمال إمام -

وضع بيان مفاوضات آستانة في كازاخستان نقطا مهمة فوق الحروف البارزة في الملف السوري وأنهى الجدلية بشأن مستقبل العملية السياسية بالتأكيد ليس على أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية ولكن بالتشديد أيضا على ضرورة الالتزام بسيادة واستقلالية ووحدة الأراضي السورية ..

في إشارات مهمة جدا قرب خط النهاية على إغلاق الملف السوري بعد قناعات مختلف القوى بأن فرص التسوية تستلزم الجلوس على مائدة المفاوضات خاصة ..  

وأن الجولة القادمة من محادثات السلام في جنيف في فبراير القادم محطة مهمة في صياغة ترتيبات المرحلة الأخيرة بعد الاتفاق في أستانة على تثبيت اتفاقية وقف إطلاق النار في أفق مهم لإيجاد حل للأزمة السورية .

ما الذي ينبغي علينا الاهتمام به من إشارات أخرى كثيرة ربما تساهم بدورها في فهم السيناريوهات القادمة لمختلف الأطراف المنغمسة في العملية السياسية ..

في مقدمة هذه الإشارات ..

•أن مفاوضات أستانة تم تنظيمها بعد أقل من شهر من بدء سريان وقف لإطلاق النار بين الحكم السوري ومختلف الفصائل السورية برعاية روسية تركية إيرانية.

وهي بذلك تكشف عن قناعات كما أشرنا بانخراط كامل في البحث عن تقريب وجهات النظر فيما يتصل بمساحات الخلاف وهذا شأن كل التسويات التي تقبل تنازلات على الجانبين .

والواقع أنه في هذه النقطة أن الشرق الأوسط والعالم العربي يقع في القلب منه في حاجة ضرورية وماسة أكثر من أي وقت مضى إلى الاستقرار وإلى الأمن وإلى وقف نزيف الدمار والحرب التي تساهم في تراجع التنمية خاصة وأن العالم العربي يملك كل مقومات التنمية الشاملة ويستحق واقعا مغايرا تماما لما عليه الآن من وضع صعب بسبب التداعيات المختلفة للصراعات الإقليمية التي تضر كثيرا بالشرق الأوسط وبالعالم العربي وبتنميته واستقراره ورخائه .

وبالتالي فالحاجة إلى رؤية مغايرة لما يجري في المشهد الإقليمي بتداعياته على العالم العربي هي من أشد الأولويات الآن وهي تحتاج إلى حصار كل الخلافات وإلى صيغة من التوافق عبر عملية سياسية تعطي الأولوية للحل السياسي بعد ارتفاع كلفة الحل العسكري على حساب الاستقرار والتنمية وأمامنا تجربة أوروبا الثرية التي خرجت من الحرب العالمية الثانية أكثر تصميما على نبذ الحرب لصالح الرفاهية والتقدم وبناء الاقتصاد .

•في النقطة الثانية .

إن عناصر العملية السياسية تلقى دعما كبيرا من المجتمع الدولي عبر مجلس الأمن الدولي من خلال قراره بشأن الأزمة السورية الذي يعمل من خلاله مؤتمر جنيف على تحقيق التسوية اللازمة وهي تقوم كما جاء في البيان المشترك لاجتماع أستانة بشأن سوريا الصادر في ختام المؤتمر بالعاصمة الكازاخية على

- دعم إطلاق محادثات التسوية السياسية في أستانة في 23-24 يناير 2017.

- تقدير المشاركة والتسهيلات التي منحها المبعوث الأممي الخاص لسوريا (ستيفان دي ميستورا) للمحادثات المشار إليها.

-إعادة تأكيد الالتزام بسيادة واستقلالية ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية باعتبارها دولة ديمقراطية، متعددة الإثنيات ، متعددة الأديان، غير طائفية، كما أكد مجلس الأمن بالأمم المتحدة.

- إبداء قناعتهم بأنه ما من حل عسكري للصراع السوري، وبأن الصراع يمكن حله فقط من خلال عملية سياسية، قائمة على أساس تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 بشكل كامل.

وبالتالي فإن الأجواء باتت متاحة الآن لبدء مفاوضات حقيقية تسدل الستار على سنوات عجاف وضعت سوريا والمنطقة في قلب صراع هدد باشتعال المنطقة وهي تحتاج الآن إلى إدارة واعية للأزمة بأبعادها المختلفة من كافة الأطراف الداخلية والخارجية للعبور بها إلى تسوية نهائية .

• في النقطة الثالثة:

إن الأطراف الإقليمية الراعية لمفاوضات أستانة وهي روسيا وتركيا وإيران قد أخذت على عاتقها الالتزامات بالرقابة على تنفيذ الهدنة ولعب دور الضامنين لعملية التسوية السورية ثم هناك مجلس الأمن الدولي الذي صادق بالإجماع في نهاية ديسمبر الماضي على مشروع قرار أعدته روسيا لدعم الاتفاقات وشدد فيه على أن مجلس الأمن يعتبرها خطوة مهمة في إطار تمهيد الاستئناف الرسمي للعملية التفاوضية بين أطراف الأزمة السورية في جنيف برعاية الأمم المتحدة،

وهذه الضمانات بمثابة سياج يضمن قوة الدفع للمفاوضات النهائية ويراقب مدى التزام كافة الأطراف بالتعهدات اللازمة لتحقيق التسوية ومن بينها تثبيت الهدنة التي

ما زالت سارية والبناء عليها ضمن إجراءات أخرى أيضا لبناء الثقة وهي ضرورية على مسار العملية السياسية والتفاوضية ،

وفي هذا الإطار فإن روسيا مازالت تثبت أنها من أقوى اللاعبين البارزين في الملف السوري وأن ما حققته روسيا عسكريا ثم سياسيا الآن يعطيها مبررا قويا للضغط من اجل التزام مختلف الأطراف بتثبيت وقف النار.

•في النقطة الأخيرة:

إن الولايات المتحدة مع الإدارة الجديدة للرئيس دونالد ترامب دخلت على الخط بقوة من خلال إعلانه من إنه «سيقيم بالتأكيد مناطق آمنة في سوريا» لحماية الأشخاص الفارين من العنف وذلك في مقابلة أجرتها معه محطة (إيه.بي.سي‭ ‬نيوز) والولايات المتحدة بذلك لم تكن بعيدة أبدا عما جرى في أستانة خاصة وأن التوقيت يواكب المفاوضات،‬

وهي خطوة تحظى أيضا بدعم وتأييد أعضاء جمهوريين بالكونجرس كبديل عن السماح للاجئين السوريين بدخول الولايات المتحدة وإن كانت تثير جدلا حول مستقبل تحرك قد يخاطر بزيادة التدخل العسكري الأمريكي في الأزمة السورية،

خاصة فيما يتصل بتداعياتها على العلاقات الأمريكية الروسية إذا قرر الرئيس ترامب فرض قيود على الطيران» فوق هذه المناطق « ..

فقد يتطلب ذلك زيادة في حجم القوة الجوية الأمريكية أو القوة الجوية للتحالف وقد يتطلب هذا أيضا نشر قوات برية لتوفير الأمن وهو متغير جديد في المشهد قد تتضح أبعاده في وقت لاحق .