luay
luay
أعمدة

عــوائق الاســـتثمـــار الأجنبي في الدول العربية

29 يناير 2017
29 يناير 2017

لؤي بطاينة -

يكثر الحديث الآن عن الاستثمارات الأجنبية ومناخ الاستثمار المواتي والواجب تواجده لاستقطاب المزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية وخصوصاً بعد تلاشيها وانخفاضها لمستويات غير مسبوقة نتيجة العديد من الأسباب والعوامل، مما حدا بالحكومات العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص لتدارس تلك الأسباب والمعوقات بهدف المُساعدة ما أمكن في إعطاء دفعة قوية من التسهيلات الاستثمارية والمالية الحكومية (ما أمكن) من أجل رفع الثقة وتعزيزها لدى المستثمرين على اختلاف أنواعهم وأحجامهم وجنسياتهم من المنطقة والعالم.

ومن الملاحظ بأنه لا تزال حصة الدول العربية من إجمالي التدفقات الاستثمارية العالمية متدنية للغاية مقارنة بالإمكانيات والثروات المالية والطبيعية والبنية التحتية الضخمة التي تمتلكها وخصوصاً في دول مجلس التعاون الخليجي.

للأسف لا تزال التدفقات النقدية للاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للدول العربية محدودة ولم يستطع عدد لا بأس به من الدول العربية استقطاب استثمارات تُذكر خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وطبقاً لتقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية لعام 2016 والصادر من قبل المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، شهدت تدفقات الاستثمار الأجنبي المُباشر الواردة إلى الدول العربية تراجعاً بنسبة 10% من 44.3 مليار دولار أمريكي في عام 2014 إلى 40 مليار دولار أمريكي لعام 2015، وظلت قيمة التدفقات ضعيفة مُقارنة مع مستواها القياسي الذي بلغ 96.3 مليار دولار أمريكي لعام 2008.

وقد مثلت الصادرات الواردة إلى الدول العربية ما نسبته 2.3% من الإجمالي العالمي البالغ 1.76 تريليون دولار أمريكي و5.2% من إجمالي الدول النامية البالغ 765 مليار دولار أمريكي. وكانت حصة الدول العربية من إجمالي التدفقات العالمية شهدت تذبذبا خلال الفترة الماضية حيث ارتفعت بشكل كبير من 0.4% عام 2000 إلى 6.6% عام 2009 وهو اعلى مستوى لها، ثم تراجعت مرة أخرى إلى 3.2% عام 2013 ليبلغ المتوسط العام خلال الفترة ما بين عامي 2000 و 2015 نحو 3.5%.

وقد تواصل خلال عام 2015 تركز الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد فـي عدد محدود من الدول العربية حيث استحوذت كل من الإمارات والسعودية للعام الثالث على التوالي على نحو 48% من إجمالي التدفقات الواردة للدول العربية، فقد تصدرت الإمارات بنحو 11 مليار دولار أمريكي وبحصة 27.5%، تلتها السعودية فـي المركز الثاني بقيمة 8.1 مليار دولار وبحصة 20.4%، كما جاءت مصر فـي المرتبة الثالثة بقيمة 6.9 مليار دولار وبحصة 17.3% من الإجمالي العربي، ثم حل العراق رابعاً بقيمة 3.5 مليار دولار وبحصة 8.7%، ثم المغرب فـي المركز الخامس بقيمة 3.2 مليار وبحصة 7.9%.

وفي سبيل تشجيع الاستثمارات تتخذ الدول العربية العديد من الإجراءات لتحسين بيئة الاستثمار بها، وعلى الرغم من ذلك يصطدم الاستثمار في الدول العربية للأسف بمعوقات كثيرة، هي ذاتها في النهاية تشكل معوقات للتنمية الشاملة والمستدامة.

وهنالك العديد من الدراسات والأبحاث التي تم إعدادها ودراستها وبحثها لأغراض دراسة تلك العوائق والعقبات والتي في جلها أصبحت معروفه للغالبية العظمى من القائمين على شؤون الاستثمار وتنشيطه وجذبه مما أدى بالعديد من الدول بإنشاء وزارات ومؤسسات وهيئات حكومية خاصة بالاستثمار للمُساعدة بالتقليل من تلك العوائق.

ورغم سعي مُعظم الدول العربية إلى تحسين مناخ الاستثمار فيها من خلال تقديم العديد من الحوافز والضمانات للمستثمرين العرب والأجانب، إلا أن تدفقات الاستثمار العربي والأجنبي المُباشر إليها ما زالت تعاني من العديد من المعوقات القانونية والتشريعية والإدارية، والتي جلها يتمثل في:

• المعوقات التشريعية، حيث تُعاني العديد من الدول العربية من حالة عدم النضوج في التشريعات والقوانين والتعليمات الحكومية المرافقة، ولا يوجد ثبات أو استقرار لهذه التشريعات التي تقوم على تنظيم عمل الاستثمارات واستقطابها مما يؤثر سلباً على مصالح وحقوق المُستثمرين على اختلاف جنسياتهم وأنواعهم.

• عدم وجود الشعور بالثقة والاطمئنان لدى غالبية المُستثمرين، إلى جانب القيود المفروضة على تملك الأراضي، وعلى حركة رأس المال وتحويل الأرباح وإلزامية المُشاركة المحلية وتوطين العديد من الوظائف والمهن بشكل غير مدروس، وهي قيود تحد من فرص الاستثمار المتاحة.

• ترسخ البيروقراطية والتعقيدات الإدارية في الأعمال الحكومية.

• صعوبة إصدار التصاريح والرخص الحكومية.

• افتقاد الشفافية في الأعمال والموافقات الحكومية

• عدم الاستقرار للأنظمة السياسية، حيث تُعاني عدد لا بأس به من الدول العربية وخصوصاً في السنوات الخمس الأخيرة من الاضطرابات السياسية وتتمثل بحالة ما يُسمى حاليا بظاهرة الربيع أو الخريف العربي.

• عدم توفر الأراضي أو صعوبة توفرها بالأماكن المطلوبة والمرغوبة والتي في العادة تُفضل أن تكون قريبة من الموانئ والمطارات والطرق السريعة وإن توفرت تكون بأسعار غير جذابة.

• ضعف وترهل البنية التحتية الأساسية في العديد من الدول مما يزيد من الكلف التشغيلية.

• ضعف التسهيلات المصرفية وعدم قدرتها على تمويل المشاريع الكبرى.

• عدم وضوح الإعفاءات الضريبية وعدم ثباتها وديمومتها ولا يوجد ربط ما بين المراكز الحدودية وعدم ربط تلك الإعفاءات بشكل يؤدي إلى استقطاب المزيد من الاستثمارات وتوجيهها للتصدير. بالإضافة إلى ضعف كفاءة العاملين بالأجهزة الرضيبية والجمركية بشكل يؤدي إلى المزيد من البيروقراطية والروتين القاتل الذي يعانيه المستثمرين.

• عدم وضوح قوانين العمل واستقطاب الأيدي العاملة وصعوبة استخراج المأذونيات وتصاريح العمل وخصوصاً ما قبل البدء بعمليات الاستثمار.

• عدم وجود قانون للإفلاس في غالبية الدول العربية.

• عدم ثبات أسعار الصرف للعملات المحلية خصوصاً في الدول التي تم تعويم أسعار عملاتها أمام العملات الأجنبية.

• تفشي الفساد على اختلاف أنواعه وأحجامه وطرقه في العديد من الدول العربية وبشكل أدى ويؤدي إلى هروب المُستثمرين نتيجة الشعور بعدم الأمان.

وتتلخص هذه العوائق في عدم وضوح موقف الحكومات العربية من الاستثمار الأجنبي المباشر، وشح النقد الأجنبي المتوافر في السوق المحلية وتدهور سعر صرف بعض عملات الدول العربية، وانعكاس ذلك على القيمة الحقيقية للاستثمار مقوما بالعملات الأجنبية، وعلى أرباح المستثمرين عند تحويلها إلى الخارج.

وتناقلت عدد من الوكالات الصحفية لتصريحات لأحد السفراء الأجانب لدى احدى الدول العربية وبمناسبة انتهاء مهامه الدبلوماسية وإحالته الى التقاعد لدى تلك الدولة العربية، حول السياسات الاقتصادية لتلك الدولة، وذلك خلال حفل تكريم له. حيث قال السفير المتقاعد أن “السياسات الحكومية طاردة للاستثمار وفاشلة باستقطاب المستثمرين”، كما عبر عن “عجز رجال الاعمال من بلده عن بناء قاعدة تعاون واستثمار بالدولة بالرغم من تحفيز حكومته وعلى عكس بعض الدول الأخرى التي لم تحاول حكومته توجيه المستثمرين لها الا ان سياستها الذكية استقطبت اكثر من 3 آلاف شركة و 300 الف رجل اعمال وتاجر من دولته”.