assem
assem
أعمدة

نوافـذ: قنبلة توشك على الانفجار

28 يناير 2017
28 يناير 2017

عاصم الشيدي -

[email protected] -

التحدي الأكبر الماثل في السلطنة هذا العام والأعوام القادمة ليس تحدي انخفاض أسعار النفط، وما سببه من ارتفاع في العجر وتراجع في الإنفاق، رغم أن هذا التحدي لا يستهان به، ولكن التحدي المخيف هو تحدي تكدس القوى العاملة العمانية الباحثة عن عمل وفي المقابل زيادة نسبة الأيدي العاملة الوافدة بالنسبة لعدد السكان. ولست مع من يقول إن مشكلة الباحثين عن عمل سببها تراجع أسعار النفط وبالتالي تراجع التوظيف سواء في القطاع الحكومي أو الخاص لأن الإيمان بهذا السبب يجعلنا نبتعد كثيرا عن حقيقة المشكلة وأسبابها وحلولها. بحسبة بسيطة جدا نستطيع معرفة أن قرابة 30 ألف طالب من حملة الشهادات الجامعية الذين انخرطوا في التعليم العالي نهاية عام 2011 تخرجوا مع نهاية الفصل الصيفي الماضي وبعضهم تخرج مع نهاية فصل الخريف ديسمبر الماضي، ومثل هذا العدد سيتخرج نهاية مايو القادم وهؤلاء درسوا إما في مؤسسات العليم العالي الحكومية أو ممن حصلوا على بعثة داخلية أو خارجية وبذلك سيكون لدينا أكثر من 60 ألف خريج يحملون شهادات جامعية يجلسون في بيوتهم ولا أمل في توظيف حتى 5 بالمائة منهم في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

ويضاف إلى هذا الرقم ما لا يقل عن 30 ألف طالب من مخرجات شهادة الدبلوم العام ممن لم يواصلوا تعليمهم الجامعي. وهذا يرفع العدد إلى قرابة 90 ألف باحث عن عمل. وإذا أضــــفنا إليهم الأعداد التي لم تحصل على وظــــيفة من السنوات الماضية فإن العدد يرتفع إلى ما فـــوق الـ100 ألف باحث عن عمل، والبعض يرفع الرقم إلى 150 ألف باحث عن عمل بنهاية العام الجاري.

وهذا عدد كبير جدا، ولا يستطيع القطاع الحكومي استيعابه حتى لو كان سعر برميل النفط فوق 150 دولارا، وإلا فإننا سنعيد صناعة «بطالة» داخل المؤسسات الحكومية وهو ما يزيد البيروقراطية والتكدس الوظيفي الذي لا يقابله إنتاج.

لكن كيف نتحدث عن هذا العدد الكبير من الباحثين عن عمل في ظل وجود مليوني «2000000» عامل وافد يعملون في مختلف الوظائف في القطاعين الحكومي والخاص. وهذا العدد غير دقيق في الحقيقة لأن هناك عشرات الآلاف إنْ لم يكن مئات من الأيدي العاملة غير الشرعية التي تعيش بيننا.

جميل أن مجلس الوزراء الموقر انتبه إلى مشكلة الباحثين عن عمل وأصدر بيانه الأسبوع الماضي مخصصا لهذا الأمر..

أطرح هذا السؤال لأننا نعرف جيدا أن القوى العاملة الوافدة شكلت لوبيات قوية استطاعت التحكم في سوق العمل، بل إنها صنعت مراكز قوى لا يمكن الاستهانة بها.

وعندما نتحدث عن الأضرار لا يكفي اليوم الحديث عن الأضرار والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية ولكن الأمر في ظل المشهد العالمي الحالي الذي تحركه الشعبوية يمكن أن يصل إلى الأخطار السياسية والأمنية. ونذكر قبل سنوات المظاهرات التي قامت بها القوى العاملة الوافدة الشرق آسيوية في الكويت وما نتج عنها من أعمال تخريب في عموم الكويت.

لو حاولت منظمات وقوى عالمية اليوم دعم هذه القوى العاملة الوافدة التي تزيد عن عدد السكان الحقيقيين للحصول على حقوق سياسية وبرلمانية وضغطت اقتصاديا وأمنيا من أجل ذلك فما هو مصيرنا؟ لو دخلت هذه الأعداد في إضرابات وفي أعمال عنف من يستطيع إيقافها وهل يمكن عقلا ترحيل هذه الآلاف بين يوم وليلة؟ هذه الأسئلة لا بد أن تكون حاضرة عند صناع القرار الذين يرون بأعينهم العراقيل التي توضع أمام المواطن الباحث عن عمل، مقابل التسهيلات التي يجدها العامل الوافد. شبح الخبرة المبالغ فيه الذي يوضع أمام المواطن زاد أعداد الباحثين عن عمل من العمانيين وزاد أيضا أعداد القوى العاملة الوافدة التي لا تملك أي خبرة في الأساس. أمام الدولة اليوم تحد كبير ومخاطر جمة ولذلك عليها أول ما عليها تفكيك مراكز القوى التي صنعتها القوى العاملة الوافدة الآسيوية وأن يكون شعار «المواطن أولا» في التوظيف حاضرا عند الجميع. وأن تزيد الحكومة والقطاع الخاص مخصصات التدريب على رأس العمل، ولكن التدريب الحقيقي وليس التدريب في المعاهد التي ينشئها بعض المسؤولين بعد ان يحصلوا على تعاقدات مع جهات عمل وعندما تنتهي تلك التعاقدات تغلق تلك المعاهد كما حدث كثيرا في السنوات الماضية.

ننتظر حلولا جوهرية وعملية تضع مصلحة الوطن والمواطن في المقام الأول وإلا فإنا قريبا سنكون غرباء في وطننا وباحثين عن عمل عند العامل الوافد وهذا نوع من أنواع الاستعمار لو قرأنا المشهد بشكل صحيح.