الاقتصادية

الانجاز.. كيـف تنجـز أكـثـر في وقـت أقل ؟

27 يناير 2017
27 يناير 2017

تركيبة تكمن جودتها في ضبط مقاديرها -

تأليف : كريم محمد -

عرض وتحليل : إميل أمين -

عن دار « نور المعرفة» في القاهرة صدر هذا الكتاب المهم والمتميز للكاتب «كريم محمد» خبير التنمية البشرية والذي يتناول مسالة الإنجاز وأهميتها في حياتنا المعاصرة ... كيف يعرف صاحب الكتاب عملية الإنجاز وما هي مراحلها وفوائدها على كل منا ؟ يخبرنا المؤلف أن الإنجاز في الحياة شيء مهم، فيه يشعر الإنسان بوجوده وكينونته، ويشعر أنه جعل لنفسه بصمة علي لوحة التاريخ، وبقدر ذلك الإنجاز تصبح بصمته ذات أهمية، والتاريخ يشهد للكثير ممن حققوا إنجازات عظيمة على مختلف الأصعدة، العلمية والسياسية والدينية... وغيرها. لكن من المهم جدا أن نعرف كيف بلغ أولئك العظماء تلك المكانة المرموقة، هل يكفي أن نقول ذاك قدرهم؟! أو أنهم سلكوا طريقا نستطيع أن نسلكه بقدر الله تعالى؟ إن الإبداع والإنجاز ليس حكرا على أحد، ولكنه تركيبة تكمن جودتها في ضبط مقاديرها، فكل من استطاع أن يأتي على خطواتها بشكل جيد سيصعد سلم الإنجاز ولن يقف مكانه.لا ينبغي لمن يبحث عن الإنجاز أن يكثر من التذمر، ولا أن يفنن في وضع العقبات في طريق الوصول إلى ما يصبو إليه، ولكن ينبغي عليه أن يلمح ذلك الضوء في آخر النفق ويفكر في كيفية الوصول إليه.

 

وحتي يتحقق له النجاح لابد من إتباع الخطوات التالية:

1. التوجه نحو الهدف: من يريد تحقيق الإنجاز ينبغي أولا أن يحدد هدفه، ويتوجه إليه، إذ لا يمكن أن يسير عكس ضوء النفق وهو يطمع في الوصول إليه.

2. الدافعية والرغبة في الوصول إلى الهدف وتحقيقه: ينبغي أن نحب الخروج من النفق وتجاوزه نحو الضوء، لأننا متى كنا كارهين للتحرك أو خائفين منه فلن نستطيع الخروج أبدا، وحب ذلك الضوء يكون معلقا بنتائج بلوغنا إياه، فإذا علمنا أننا بتحركنا سنخرج من ظلمة النفق، وسنعيش في فضاء رحب، وأننا سنتحرك بحرية، عندها سنحب ذلك البارق، وهذا أمر لابد منه في كل ما نرجو تحقيقه.

3. لا تحقرن صغيرة: أفعل كل يوم شيئا ـ أي شيء ـ نحو ذلك الضوء ولو خطوة واحدة نحوه، فلو كان بينك وبين ذلك الضوء مائة خطوة فإنك ستصل بعد مائة يوم، ولكنك لو بقيت مكانك فلن تصل ولو بعد مائة سنة.

4. قيم خطواتك: لابد في كل مرحلة تقطعها في سيرك نحو هدفك أن تقيم خطواتك لترى أين أنت من هدفك الذي ترمي إلى تحقيقه، وهل ما أنت عليه يمكنك من بلوغ هدفك؟ أو يمكنك أن تكون أفضل مما أنت عليه.

لذة الإنجاز

الإنجاز كلمة جميلة، كثير من يخوض بحر الحياة للوصول إليها، وما أكثر الغرقى دون الوصول لهذا الكنز ولا عجب، فكيف ينجو من اهتزت ثقته بنفسه ولم يأخذ بمفاتيح النجاة والتدرب لمواجهة تلك المصاعب للوصول إلى الإنجاز. ولو كان الإنجاز أمرا يسيرا وطريقا ممهدا لكانت حياتنا مليئة بالإنجازات ولكن الأمر يحتاج إلي ثقة ومواصلة وسير صحيح وأهداف واضحة، وخلف كل إنجاز أصحاب همم فكن منهم. إذا تأملت كلمة إنجاز فستجد لها حلاوة في النفس ومذاق جميل، وكان وراء هذه الأحرف الخمسة ما وراءها، أن هذه الكلمة بأحرفها تحمل بين جنباتها معان. رائعة جميلة.

أن الإنجاز يعني أن تصل لتحقيق أهدافك، أن الإنجاز هو أن تحقق النجاح والامتياز، أن الإنجاز هو دافع حقيقي وتحفيز لتقدم الكثير والكثير، ألم تشعر ذات يوم حين أنجزت شيئا، بحماسة لأن تنجز العمل الآخر!! هذا هو السر.

إن الإنجاز العظيم المتقن يتحقق بمراحل صغيرة تبدؤها على الفور فالنجاحات العظيمة ما هي إلا أعمال صغيرة كتب لها الاستمرار. وتأمل في سير الأنبياء والصحابة والعلماء والعظماء حينها سترى كيف صنعوا الإنجاز بالصبر والثبات ووضوح الهداف والثقة بالنفس وركائز كثيرة ، وليس هنا مجال عن إنجازات أولئك الرجال. إن العالم يحكم عليك من خلال ما أنجزته وليس من خلال ما بدأت عمله ولم تنجزه، وبمجرد أن تبدأ التغيير تكون قد أنجزت الجزء الأكبر من المهمة. والأمر المهم للوصول إلى الإنجاز وهو الاستمرارية حتى الوصول إلي النهاية وخير العمل أدومه وإن قل وقطرات الماء مع الأيام تؤثر في الصخور الصماء.ومن لم يكن له في بدايته احتراق لم يكن له في نهايته إشراق، ولئن فشلت فلا تيأس وتنسحب، بل واصل وجدد الكرة فالضربة التي لن تقتلك ستزيدك صلابة، أن الفشل في تحقيق ما تريد أمر طبيعي في العالم الذي نعيش فيه وليس الفشل هو الذي يجعل منا فاشلين، لكن إذا توقفنا عن المحاولات وقبلنا هذا الفشل نكون فاشلين . أيها المتميز: أن كنت تنظر إلى الإنجاز وتحلم به فأعلم علم اليقين أنك ستنجز بإذن الله ، فقط كن مستعدا وحدد أهدافك وكن على ثقة بنفسك أنك ستنجز ثم أنطلق مستعينا بالله محسنا الظن به فالله عند ظن عبده به. وأعلم أن النجاح و الإنجاز لابد فيه من العقبات والناجح هو من يصعد على هذه العقبات ليصل إلى ما يريد، ابن بتلك العقبات سلما للإنجاز، احذر أن تمل أو تكل. وبعد أن تصل إلى إنجازك ولو كان يسيرا بنظرك فأحمد الله على تحقيقه وأشكره على توفيقه وقدم لنفسك باقة شكر وعرفان على هذا الإنجاز.

فن إنجاز العمل المفيد

أن القدرة على أداء العمل المفيد فقط هي جزء عظيم جدا من فن العمل، إذا تعلم الإنسان فن العمل لكن لم يختر نوعا مفيدا من العمل، سيلتقي وتنوعات من النتائج التي قد تكون خاطئة ومؤلمة، لذلك، قبل أن يمارس الفرد فن العمل بنجاح، من الضروري أولا اكتساب القدرة على اختيار العمل الصحيح . هذه هي الخطوة الأولى إلى العمل المفيد والنافع .عندما نناقش حقول العمل المفيد، نصادف حالات الوعي المختلفة التي بها يفترض بالأنواع المختلفة من الأعمال أن تكون مفيدة.تختلف فائدة العمل من شخص إلى آخر، ويعتمد ذلك على حالة واعية . لا يمكننا القول بأن هناك عملا في الحياة مفيدا بشكل مطلق إلا إذا تم إنجازه على مستوى الوعي المطلق. أن كل عمل في العالم قد يعتبر مفيدا من زاوية معينة، ولكن، ومن زاوية أخرى، قد يعتبر عديم الفائدة جدا، عندما نناقش القدرة على أداء العمل المفيد فقط، يمكننا فقط أن نفكر بالشروط النسبية من الفائدة للفاعل وللبيئة المحيطة به. هكذا، يبدو بأن الإنسان يملك عادة قدرة أداء العمل الصحيح فقط ، أو العمل المفيد فقط . لكن ومن اعتبار أعمق لفائدة العمل للفاعل والبيئة المحيطة يقوداننا إلى الاستنتاج بأنه من الممكن وجود عمل يحبه الفاعل ، وينجذب بثماره، لكنه قد يكون ضارا أو عدائيا إلى بعض الآخرين في جواره أو بعيدا منه. عندما يكون العمل مفيدا بشكل جزئي فقط، لا يمكن أن يدعي بالعمل المفيد حقا. على سبيل المثال، يرتكب اللص سرقة ويجمع ثورة كبيرة بسرعة، هذا على ما يبدو عمل يتمتع بنتائجه الفاعل. في لحظة يكون اللص قادر على وضع مال رجل آخر في جيبه، لكن هذه الطريقة في جمع المال بالتأكيد هي ليست مقبولة من البيئة المحيطة. مثل هذا العمل يدعي عمل أناني وشرير وخاطئ، هو مفيد للفاعل، لكنه مفيد فقط على الاعتبارات السطحية للحياة. لكن، فيما يتعلق بالناحية المرهفة للمسألة، فهذا العمل هو غير مفيد للفاعل أيضا. إن القدرة على أداء الأعمال المفيدة فقط تعني بأن الفرد سيؤدي فقط الأعمال التي ستكون مفيدة لنفسه إضافة للآخرين. أن اختيار مثل هذه الأعمال يعتمد على الوعي المتصاعد للفرد. إذا كان للفرد رؤية للتميز بين الصواب والخطأ، ويدرك نتائج عمله قبل حدوثه، ستجعله تلك الرؤية وحدها ينتقي العمل الصحيح الذي سيكون مفيدا إلى الفاعل والذي ستكون تأثيراته أيضا ممتعه لكل الآخرين. في مناقشة «البيئة المحيطة وفن الكينونة » بأنه فقط بواسطة نظام التأمل التجاوزي، عندما يوضع العقل الفردي بالتناغم مع القانون الكوني، يكون عمل الفرد وسلوكه متناغمة مع مجري التطور. بذلك فقط ، يبلغ الفرد القدرة على أداء العمل المفيد. أيضا من غير الممكن تحديد الفائدة المطلقة للعمل على المستوى الفكري، ما هو العمل الذي سيكون مفيدا بشكل دائم للفاعل وينتج تأثيرا جيدا ومنسجما ومساندا للحياة في البيئة المحيطة ؟ من الصعب معرفة هذا على مستوى الفكر. لذلك، تكمن القدرة على أداء الأعمال المفيدة فقط بشكل أساسي في تناغم الفرد مع القانون الكوني، أن كل شخص يملك هذه القدرة، ويمكن وضعها بسهولة في الاستعمال من خلال ممارسة التأمل التجاوزي.

دافعية الإنجاز

يشير مصطلح الدافعية إلى مجموعة الظروف الداخلية والخارجية التي تحرك الفرد من أجل تحقيق حاجاته، وإعادة الاتزان عندما يختل. وللدوافع ثلاث وظائف أساسية في السلوك، هي: تحريكه وتنشيطه، وتوجيهه، والمحافظة على استدامته إلى حين إشباع الحاجة. إن السؤال «ما الذي يسبب السلوك؟» أو «ما الذي يدعو فلانا إلى التصرف بالطريقة التي يتصرف بها»؟ كان ولا يزال محور اهتمام، ليس علماء النفس فحسب، بل كل البشر أيضا. وينظر إلى الدوافع عادة على أنها المحركات التي تقف وراء سلوك الإنسان والحيوان على حد سواء، فهناك أكثر من سبب واحد وراء كل سلوك، هذه الأسباب ترتبط بحالة الكائن الحي الداخلية وقت حدوث السلوك من جهة، وبمثيرات البيئة الخارجية من جهة أخرى. بمعنى أننا لا نستطيع أن نتنبأ بما يمكن أن يقوم به الفرد في كل موقف من المواقف إذا عرفنا منبهات البيئة وحدها، وأثرها على الجهاز العصبي، بل لابد أن نعرف شيئا عن حالته الداخلية، كأن نعرف حاجاته وميوله واتجاهاته، وما يختلج في نفسه من رغبات، وما يسعى إلى تحقيقه من أهداف. هذه العوامل مجتمعة هي ما تسمى (بالدوافع).

تعريف الدافع Motive

يعرف الدافع أيضا علي أنه : مثير داخلي يحرك سلوك الفرد ويوجهه للوصول إلى هدف معين ، ويعرف الدافع على أنه :القوة التي تدفع الفرد لأن يقوم بسلوك من أجل إشباع وتحقيق حاجة أو هدف. ويعتبر الدافع شكلا من أشكال الاستثارة الملحة التي تخلق نوعا من النشاط أو الفعالية. وهناك علاقة بين الباعث أو الذي يسميه البعض الحافز (incentive) وبين الدافع (Motive) حيث يعرف الباعث أو الحافز بأنه «الموضوع الخارجي الذي يحفز الفرد للقيام بسلوك التخلص من حالة التوتر، بينما يعني الدافع: ما يوجه سلوك الفرد نحوه أو بعيدا عنه لإشباع حاجة أو تجنب أذى، ويمكن التمثيل على ذلك بما يلي:

• الطعام حافز ـ وهو موجود في البيئة.

• الجوع دافع ـ وهو مثير داخلي.

• الماء حافز ـ وهو موجود في البيئة.

• العطش دافع ـ وهو مثير داخلي.

وتسمى الدوافع ذات المصادر الداخلية بأنها دوافع فطرية بيولوجية غير متعلمة، ويمثل على ذلك بدافع الجوع، والعطش، والجنس، والتخلص من الألم، والمحافظة على حرارة الجسم. أما الدوافع المتعلمة أو المكتسبة فإنها تنتج من خلال عملية التنشئة الاجتماعية التي يتعرض لها الفرد في الأسرة، المدرسة، الحي، مع الأصدقاء، وباقي مؤسسات التنشئة الأخرى، وتنمو وتعزز هذه الدوافع من خلال عمليات الثواب والعقاب التي تسود ثقافة مجتمع ما. ومن الأمثلة عليها: الحاجة إلى التحصيل، والحاجة للصداقة، الحاجة للسيطرة والتسلط، والحاجة إلى العمل الناجح.

مفهوم الدافعية

يشير مصطلح الدافعية إلى مجموعة الظروف الداخلية والخارجية التي تحرك الفرد من أجل إعادة التوازن الذي أختل، فالدافع بهذا المفهوم يشير إلى نزعة للوصول إلى هدف معين، وهذا الهدف قد يكون لإرضاء حاجات داخلية، أو رغبات داخلية. أما الحاجة فهي حالة تنشأ لدى الكائن الحي لتحقيق الشروط البيولوجية أو السيكولوجية اللازمة المؤدية لحفظ بقاء الفرد. أما الهدف فهو ما يرغب الفرد في الحصول عليه، ويؤدي في الوقت نفسه إلى إشباع الدافع . وبهذا يمكن القول أن الدافع هو الجانب السيكولوجي للحاجة، ومن الواضح إذن أن الدافع لا يمكن ملاحظته مباشرة، وإنما نستدل عليه من الآثار السلوكية التي يؤدي إليها، وبهذا يمكن القول بأن الدافع عبارة عن مفهوم أو تكوين فرضي، ويرتبط به مفهوم آخر وهو الاتزان الذي يشير إلى نزعة الجسد العامة للحفاظ على بيئة داخلية ثابتة نسبيا، وبهذا ينظر العلماء الذين يتبنون وجهة النظر هذه إلى السلوك الإنساني علي أنه حلقة مستمرة من التوتر وخفض التوتر. فالجوع مثلا يمثل توترا ويولد حاجة إلى الطعام، ويعمل إشباع دافع الجوع علي خفض هذا التوتر الذي لا يلبث أن يعود ثانية. وتعرف الدافعية أيضا: على أنها القوة الذاتية التي تحرك سلوك الفرد وتوجهه لتحقيق غاية معينة يشعر بالحاجة إليها أو بأهميتها العادية أو المعنوية (النفسية) بالنسبة له. وبذلك يمكن تحديد العوامل التي تدفع الفرد إلى التقدم في تحصيله، ومنها :

- الشعور بالحاجة أو الأهمية.

- القوى التي تحكم الفرد (داخلية أو خارجية).

- كون المتعلم رهنا للظروف، أو فاعلا في تشكيل الظروف.

- طموح المتعلم وأفكاره.

- اتجاهاته وقيمة وقناعاته.

- ميوله.

- مفهوم المتعلم لذاته.

- التوقعات.

وتعرف الدافعية أيضا: بأنها شروط تسهل وتوجد، وتساعد علي استمرار النمط السلوكي إلى أن تتحقق الاستجابات. وتعرف أيضا على أنها: عملية أو سلسلة من العمليات، تعمل على إثارة السلوك الموجه نحو هدف، وصيانته والمحافظة عليه، وإيقافه في نهاية المطاف.

وظائف الدافعية وفوائدها

تسهم الدافعية في تسهيل فهمنا لبعض الحقائق المحيرة في السلوك الإنساني. ويمكن القول بشكل عام أن الدافعية مهمة تفسير عملية التعزيز وتحديد المعززات وتوجيه السلوك نحو هدف معين، والمساعد في التغييرات التي تطرأ على عملية ضبط المثير (تحكم المثيرات بالسلوك) والمثابرة على سلوك معين حتى يتم إنجازه.

كذلك فإننا نتصرف عادة أثناء حياتنا اليومية وكأننا نتقدم نحو مكان ما (أي أن سلوك الإنسان هادف) فقد نجلس علي طاولة وقتا معينا، ونتناول ورقة وقلما ونكتب صفحة أو أكثر ونضعها في مغلف ثم نضع عليه طابعا بريديا ونرسله بالبريد. لاشك أن كل هذه الأفعال قد حدثت ونظمت بسبب وجود هدف عند الإنسان، ولولا الدافع العالي لتحقيق هذا الهدف لما حدث ذلك كله.

كما أن الدافعية تلعب الدور الأهم في مثابرة الإنسان على إنجاز عمل ما، وربما كانت المثابرة من أفضل المقاييس المستخدمة في تقدير مستوى الدافعية عند هذا الإنسان. أن الدافعية بهذا المعنى تحقق أربع وظائف رئيسية، وهي:

1. الدافعية تستثير السلوك، فالدافعية هي التي تحث الإنسان على القيام بسلوك معين، مع أنها قد لا تكون السبب في حدوث ذلك السلوك. وقد بين علماء النفس أن أفضل مستوى من الدافعية (الاستثارة) لتحقيق نتائج إيجابية هو المستوى المتوسط، ويحدث ذلك لأن المستوى المنخفض من الدافعية يؤدي في العادة إلى الملل وعدم الاهتمام، كما أن المستوى المرتفع عن الحد المعقول يؤدي إلى ارتفاع القلق والتوتر، فهما عاملان سلبيان في السلوك الإنساني.

2. الدافعية تؤثر في توعية التوقعات التي يحملها الناس تبعا لأفعالهم ونشاطاتهم، وبالتالي فإنها تؤثر في مستويات الطموح التي يتميز بها كل واحد منهم . والتوقعات بالطبع على علاقة وثيقة بخبرات النجاح والفشل التي كان الإنسان قد تعرض لها.

3. الدافعية تؤثر في توجيه سلوكنا نحو المعلومات المهمة التي يتوجب علينا الاهتمام بها ومعالجتها، وتدللنا على الطريقة المناسبة لفعل ذلك. أن نظرية معالجة المعلومات ترى أن الطلبة الذين لديهم دافعية عالية للتعلم ينتبهون إلى معلميهم أكثر من زملائهم ذوي الدافعية المتدنية للتعلم (والانتباه كما هو معلوم مسألة ضرورية جدا لإدخال المعلومات إلى الذاكرة القصيرة والطويلة المدى).

كما أن هؤلاء الطلبة يكونون في العادة أكثر ميلا إلى طلب المساعدة من الآخرين إذا احتاجوا إليها. وهو أكثر جدية في محاولة فهم المادة الدراسية وتحويلها إلى مادة ذات معنى، بدلا من التعامل معها سطحيا وحفظها حفظا أليا.

4. الدافعية ـ بناء على ما تقدم من وظائف ـ تؤدي إلى حصول الإنسان على أداء جيد عندما يكون مدفوعا نحوه. ومن الملاحظ في هذا المجال ـ مجال التعليم ـ على سبيل المثال: أن الطلبة المدفوعين للتعلم هم أكثر الطلاب تحصيلا وأفضلهم أداء.

أساليب لإثارة الدافعية

• أعطاء الحوافز المادية مثل الدرجات أو قطعة حلوى أو قلما أو بالونة أو وساما من القماش، والمعنوية مثل المدح أو الثناء أو الوضع علي لوحة الشرف أو تكليفه بإلقاء كلمة صباحية، وبالطبع تعتمد نوعية الحوافز على عمر المتعلم ومستواه العقلي والبيئة الاجتماعية والاقتصادية له، وفي كل الحالات يفضل إلا يعتاد المتعلم على الحافز المادي.

• توظيف منجزات العلم التكنولوجية في إثارة فضول وتشويق المتعلم، كمساعدته على التعلم من خلال اللعب المنظم، أو التعامل مع أجهزة الكمبيوتر، فهي أساليب تساهم كثيرا في زيادة الدافعية للتعلم ومواصلته لأقصى ما تسمح به قدرات المتعلم، مع تنمية قدرات التعلم الذاتي وتحمل مسؤولية عملية التعلم، وتنمية الاستقلالية في التعلم.

• التأكيد على أهمية الموضوع بالنسبة للمجال الدراسي: كأن نقول درسنا اليوم عن عملية الجمع، وهي عملية مهمة في حياتكم فلن تعرف عدد أقلامك، وكتبك وأخوتك وأصدقائك، والزهور التي في الحديقة إلا إذا فهمتها، لذلك انتبهوا جيدا لهذا الموضوع أثناء الدراسة، وتأكدوا أنكم استوعبتموه جيدا.

• التأكيد على ارتباط موضوع الدرس بغيره من الموضوعات الدراسية، مثل التأكيد على أهمية فهم عملية الجمع لفهم عملية الطرح التي سندرسها فيما بعد، أو فهم قواعد اللغة حتى نكتب بلغة سليمة في كل العلوم فيما بعد.

• التأكيد على أهمية موضوع الدرس في حياة المتعلم: وعلى سبيل المثال فإننا ندرس في العلوم ظواهر كالمطر، والبرق والرعد والخسوف والكسوف والنور والظل، وغير ذلك من أحداث كان قد عبدها الإنسان في الماضي لجهله بها، فهيا بنا نتعلمها كي لا نخشاها في المستقبل.

• ربط التعلم بالعمل: إذ أن ذلك يثير دافعية المتعلم ويحفزه على التعلم ما دام يشارك يدويا بالنشاطات التي تؤدي إلى التعلم.

• عرض قصص هادفة: تبين ما سيترتب على إهمال الدراسة والركون إلي الجهل، ويمكن للمعلم أن يستعين بالقصص الموجودة بمكتبة المدرسة، ويستعرض القصة مع الأطفال بعد أن يكون قد كلفهم بقراءتها أن كانوا قادرين على القراءة.

• تذكير المتعلمين دائما بأن طلب العلم فرض على كل مسلم ومسلمة، وأن الله قد فضل العلماء على العابدين، والاستشهاد في ذلك بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.

• التقرب للمتعلمين وتحبيهم في العلم، فالمتعلم يحب المادة وتزداد دافعيته لتعلمها إذا أحل معلمها.

• أن يتصرف المعلم كنموذج للمتعلمين في الإقبال على المطالعة الخارجية والجلوس معهم في المكتبة، فهذا يساهم كثيرا في تنمية الميل للتعلم الذاتي لدى المتعلم.

•توظيف أساليب العرض العملي المشوقة والمثيرة للانتباه، ومشاركة المتعلمين خلال تنفيذها، وتشجيعهم على حل ما يطرأ من مشكلات داخل الفصل بأنفسهم.

• استخدام أساليب التهيئة الحافزة عند بدء الحصة، أو عند تقديم الخبرة، مثل قصص المخترعين، والأسئلة التي تدفع إلى العصف الذهني، والعروض العملية المثيرة للدهشة.

دافعية التحصيل

يتمثل دافع التحصيل في الرغبة في القيام بعمل جيد، والنجاح في ذلك العمل. وهذه الرغبة ـ كما يصفها مكليلاند أحد كبار المشتغلين في هذا الميدان ـ تتميز بالطموح، والاستمتاع في مواقف المنافسة، والرغبة الجامحة للعمل بشكل مستقل، وفي مواجهة المشكلات وحلها، وتفضيل المهمات التي تنطوي على مجازفة متوسطة بدل المهمات التي لا تنطوي إلا على مجازفة قليلة، أو مجازفة كبيرة جدا. ويعتبر دافع التحصيل من الدوافع الخاصة بالإنسان، ربما دون غيره من الكائنات الحية الأخرى، وهو ما يمكن تسميته بالسعي نحو التميز والتفوق والناس يختلفون في المستوى المقبول لديهم من هذا الدافع، فهناك من يرى ضرورة التصدي للمهام الصعبة والوصول إلى التميز، وهناك أشخاص آخرون يكتفون بأقل قدر من النجاح. وتقاس دافعية الإنجاز عادة باختبارات معينة من أشهرها اختبار فهم الموضوع (TAT) الذي يتطلب من الناس أن يستجيبوا لثلاثين صورة تحمل كل منها أكثر من تفسير، وتحلل إجاباتهم ويستخرج منها مستوي الإنجاز عند المستجيب. كما يمكن قياس دافعية الإنجاز من خلال المواد المكتوبة (كالمقالات والكتب) دونما حاجة إلى صورة غامضة كما في حالة (TAT).

أن الدافعية للتعلم حالة متميزة من الدافعية العامة، وتشير إلى حالة داخلية عند المتعلم تدفعه إلى الانتباه للموقف التعليمي والإقبال عليه بنشاط موجه، والاستمرار فيه حتى يتحقق التعلم.

وعلي الرغم من ذلك فإن مهمة توفير الدافعية نحو التعلم وزيادة تحقيق الإنجاز لا تلقي على عاتق المدرسة فقط، وإنما هي مهمة يشترك فيها كل من المدرسة والبيت معا وبعض المؤسسات الاجتماعية الأخرى. فدافعية الإنجاز والتحصيل على علاقة وثيقة بممارسات التنشئة الاجتماعية، فقد أشارت نتائج الدراسات أن الأطفال الذين يتميزون بدافعية مرتفعة للتحصيل كانت أمهاتهم يؤكدون علي أهمية استقلالية الطفل في البيت، أما من تميزوا بدافعية للتحصيل منخفضة فقد وجد أن أمهاتهم لم يقمن بتشجيع الاستقلالية عندهم.

إن الأفراد الذين يوجه لديهم دافع مرتفع للتحصيل يعملون بجدية أكبر من غيرهم، ويحققون نجاحات أكثر في حياتهم، وفي مواقف متعددة من الحياة، وعند مقارنة هؤلاء الأفراد بمن هم في مستواهم من القدرة العقلية ولكنهم يتمتعون بدافعية منخفضة للتحصيل وجد أن المجموعة الأولي تسجل علامات أفضل في اختبار السرعة في إنجاز المهمات الحسابية واللفظية، وفي حل المشكلات، ويحصلون على علامات مدرسية وجامعية أفضل، كما أنهم يحققون تقدما أكثر وضوحا في المجتمع . والمرتفعون في دافع التحصيل واقعيون في انتهاز الفرص بعكس المنخفضين في دافع التحصيل الذين إما أن يقبلوا بواقع بسيط، أو أن يطمحوا بواقع أكبر بكثير من قدرتهم على تحقيقه. وهناك فروق بين ذوي دافعية الإنجاز المنخفضة والمرتفعة، فقد بينت نتائج البحوث في هذا المجال أن ذوي الدافعية المرتفعة يكونون أكثر نجاحا في المدرسة، ويحصلون على ترقيات في وظائفهم وعلى نجاحات في إدارة أعمالهم أكثر من ذوي الدافعية المنخفضة، كذلك فإن ذوي الدافعية العالية يميلون إلى اختيار مهام متوسطة الصعوبة وفيها تحد، ويتجنبون المهام السهلة جدا لعدم توفر عنصر التحدي فيها. كما يتجنبون المهام الصعبة جدا، ربما لارتفاع احتمالات الفشل فيها. ومن الخصائص الأخرى المميزة لذوي الدافعية المرتفعة أن لديهم رغبة قوية في الحصول على تغذية راجعة حول أدائهم، وبناء على ذلك فإنهم يفضلون المهام والوظائف التي تبني فيها المكافآت على الإنجاز الفردي، ولا يرغبون في العمل تتساوى فيها كافة رواتب الموظفين.