صحافة

القدس :حين قال لافروف «خاراشو»

27 يناير 2017
27 يناير 2017

في زاوية أقلام وآراء كتب نبيل عمرو مقالاً بعنوان: حين قال لافروف «خاراشو»، جاء فيه: تحمست لمؤتمر «فتح»، رغم كل التحذيرات من أنه سيكون استنساخا للمؤتمر السابق، ليس من حيث الأسلوب وإنما من حيث النتائج.

لم أتوقف عند التحذيرات، ولم اصغ لأصوات فضلت عقد المؤتمر خارج الوطن وليس على ارضه، وشاركت في كل المجهودات الفتحاوية التي هدفت الى جعل المؤتمر محطة مفصلية تتجدد فيها فتح، وتنطلق منها الى محطات وطنية أخرى، تفضي الى إنقاذ مشروعنا الوطني المتعثر، واستعادة القيادة الفعلية لفتح على مستوى الحركة الوطنية الفلسطينية بإجمالها، ما يوفر لها نفوذا مضاعفا على الصعيد الإقليمي والدولي.

وحين انعقد المؤتمر وكان فيه ما كان، تغاضينا عن كل ما اعتبر سلبيا فيه، ونظرنا الى المحطة التالية التي تهم الوضع الفلسطيني على نطاق أوسع من فتح، أي عقد المجلس الوطني الفلسطيني، الذي اعلن الرئيس محمود عباس قبل المؤتمر وأثناءه وبعده، انه سيعقد للانطلاق من محطته الى المحطة الأدق و الأفعل، وهي الانتخابات الرئاسية والتشريعية، التي من خلالها يمكن إعادة قطار نظامنا السياسي الى سكته الأمينة، لنكون إن لم نكسب دولة في هذه المرحلة، فنكسب نظاما سياسيا هو بكل المقاييس افضل بكثير مما نحن فيه الآن.

لقد انجز مؤتمر فتح الذي كان في تحليلنا المقدمة الصحيحة للمجلس الوطني، على الأقل من قبيل الرد على من كانوا يقولون، دون انسجام فتح لا أمل في عقد المجلس الوطني، وبعد ان تحقق الانسجام المطلوب، وانتهينا من حكاية التهاني والتبريكات، توقف الحديث عن المحطات التالية، واجترح العقل الفصائلي الفلسطيني مخرجا تقليديا، يبعد المجلس الوطني ليس فقط عن جدول الأعمال، وربما عن وجوده أصلا.

المخرج الملائم هو التنادي لعقد اجتماع موسع تحت عنوان اللجنة التحضيرية، وقد حدث هذا الاجتماع في بيروت، دون التوصل الى نتائج ملموسة، وما إن انفض اجتماع بيروت حتى سافر القوم جميعا الى موسكو، وأيضا دون تحقيق أي نتيجة ملموسة سوى أن إجماعا حصل على أمر لم يكن مطروحا على أجندة اللجنة التحضيرية، وهو دعوة الرئيس عباس الى البدء في مشاورات تشكيل حكومة وحدة وطنية، توفر للمسافرين الى بيروت وموسكو مقاعد وزارية، ولم الغلبة في أمر المجلس الوطني ومنظمة التحرير، وكيف يعقد وأين يعقد فالوزارات أسهل وأدسم؟!. وحين تتبدد المحطة الثانية بعد محطة مؤتمر فتح، فهذا التبدد لا ينسب للفصائل التي اجتمعت في بيروت، بل ينسب لفتح صاحبة الوعد وقائدة المشروع.

لقد دخلنا بعد اجتماعات بيروت وموسكو في مرحلة الصمت، ولا اريد القول مرحلة اليأس من إكمال الثلاثية الضرورية التي اعلنها الرئيس عباس قبل المؤتمر وأثناءه وبعده.

لقد وجدنا من يحمل ترامب مسؤولية هذا التبدد، فلماذا المجلس الوطني مع احتمال نقل السفارة الأمريكية الى القدس، إلا أن ترامب على ما يبدو سحب بنفسه هذه الذريعة، حين تسرب خبر بأنه إن لم يقلع عن نقل السفارة فسوف يتريث ويؤجل الأمر لفترة طويلة.

في اللقاء الذي جمع الفصائل الفلسطينية مع وزير الخارجية الروسي لافروف، قال أشهر وزير خارجية في هذا العالم للفلسطينيين ما يلي:«إنكم مقبلون على فترة صعبة للغاية، وتحديات كبيرة ومعقدة، وقد تصمم خرائط جديدة للإقليم «وبلهجة ديبلوماسية قال بما معناه «رتبوا أموركم لأنكم لو بقيتم على ما انتم عليه الآن فسيفوتكم القطار «

لم يقل بالطبع صراحة.. حتى الفتات لن تحصلوا عليه، وبصورة مباشرة طلب من الفصائل أن تتوحد على الفور، وبدون ذلك فأنتم بلا مرجعية موحدة وبلا عنوان.

الروس القادمون بقوة الى منطقتنا يعرفون عنا أكثر مما تعرف أمريكا، بل وأكثر مما نعرف عن انفسنا، لقد عملت معهم خمس سنوات وكانوا يفاجئونني بمعلومات عن ما يحدث عندنا من خلال مصادرهم الخاصة، وحين يقول وزير خارجيتهم هذا القول، فلن يصدق كلمة واحدة من كلمات الذين تحدثوا أمامه وزعموا ان الوحدة وشيكة وفي متناول اليد، وان حكومة الوحدة الوطنية سيباشر بمشاوراتها خلال ثمان وأربعين ساعة، وحين سمع لافروف هذا التأكيد، قال الكلمة الروسية التي تقال عادة في ختام أي لقاء مع أي جهة وعلى أي موضوع...«خاراشو» أي بالعربية جيد.