905509
905509
مرايا

جراهام بيل.. ليس مجرد مخترع للهاتف!

25 يناير 2017
25 يناير 2017

ألكسندر جراهام بيل مخترع الهاتف الثابت الذي ما زال يستخدم بشكل كبير حتى عصرنا الحاضر والذي تميز باختراع الهواتف النقالة وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة الأخرى.

ولد في إدنبرة، إسكتلندا في 3 من مارس 1847. كان والده «ألكسندر ميلفيل بيل» أستاذا جامعيا ووالدته تدعى «إليزا جريس».وعلى الرغم من أنه منذ ميلاده كان يدعى «ألكسندر»، إلا أنه في سن العاشرة توسّل إلى والده أن يكون له اسما أوسطا ينادى به على غرار شقيقيه. وفي عيد ميلاده الحادي عشر، سمح له والده بأن يعتمد الاسم الأوسط «جراهام»، الاسم الذي اختاره بسبب إعجابه بجراهام ألكسندر، وهو شخص كندي تعرّف عليه والده وأصبح صديقا للعائلة.

عندما كان طفلا صغيرا، أبدى ألكسندر نزعة فضولية لاكتشاف كل شيء يحيط به في العالم الخارجي من حوله، مما أدى إلى جمعه للعينات النباتية وكذلك إجراء التجارب على الرغم من سنه المبكرة. كان صديقه الحميم يدعى «بين هيردمان» وهو أحد أبناء أسرة مجاورة لهم تمتلك طاحونة لصنع الدقيق وكانت تلك الطاحونة إحدى المشروعات الرائجة في ذلك الوقت. تساءل بيل الصغير عن كيفية عمل الطاحونة. فقيل له أن القمح يتم طحنه من خلال عملية شاقة. عندما بلغ بيل الثانية عشرة من عمره، صنع آلة باستخدام أدوات منزلية تكونت من مضارب دوّارة ومجموعة من المسامير، وبذلك ابتكر آلة بسيطة لطحن القمح تم تشغيلها واستخدامها لفترة استمرت عدة سنوات. في المقابل منح «جون هيردمان» الفتيان فرصة لإدارة ورشة صغيرة تمكنهم من «الاختراع».

منذ سنواته الأولى أبدى بيل طبيعة حساسة وموهبة في الفن والشعر والموسيقى بتشجيع من والدته. وأتقن العزف على البيانو بلا أي تدريب رسمي وأصبح عازف البيانو للأسرة. على الرغم من طبيعته الهادئة، إلا أنه نجح في التقليد و«الحِيَل الصوتية» المرتبطة بالتكلم البطني حيث كان يقوم بتسلية ضيوف الأسرة خلال زيارتهم في بعض المناسبات. تأثر بيل كثيرا بصمم والدته التدريجي حيث بدأت بفقدان السمع عندما كان عمره 12 سنة، وتعلم لغة الإشارة حتى يتمكن من مجالستها ومحاكاتها بصمت كما طوّر تقنية ليتحدث بنبرة واضحة ومباشرة إلى جبهة والدته حتى تتمكن من سماعه بشكل واضح نسبيا. اهتمام بيل بصمم والدته أدى به إلى دراسة علم الصوتيات.

ارتبطت عائلته لفترة طويلة بتعليم الخطابة وفن الإلقاء حيث عمل جده وعمه في دبلن، ووالده في هذا المجال.

وكان بيل لديه الشغف نفسه فقام والده بدعم اهتمامه بفن الإلقاء، وفي سنة 1863 اصطحبه والده مع إخوته لمشاهدة آلة ذاتية التشغيل فريدة من نوعها (وهي ما تُعرف اليوم باسم الروبوت). كان «الرجل الآلي» البدائي يقوم بمحاكاة صوت الإنسان. انبهر بيل بهذه الآلة واقتنى نسخة من كتاب فون كيمبلين الذي تم نشره في ألمانيا وترجمه بمَشَقّة، فقام هو وشقيقه الأكبر «ميلفيل» بتصميم رأس رجل آلي خاصا بهما. أبدى والدهما اهتمامه الشديد بهذا المشروع واستعداده لتحمل مصاريف أي مواد لازمة، وعلى سبيل التشجيع عرض عليهما «جائزة كبرى» إذا حققا نجاحا في ذلك. وفي حين صمّم شقيقه الحلق والحنجرة، تولى بيل مسؤولية أداء مهام أصعب من ذلك بكثير ألا وهي إعادة تصميم جمجمة حقيقية للرجل الآلي. أسفرت جهودهما عن تصميم رأسا يشبه الرأس الحقيقية بشكل مذهل وكان بإمكانه «التحدث»، ولو لبضع كلمات فقط. كانا يقومان بتعديل «شفاه» الرجل الآلي بعناية وعند دفع المنفاخ للهواء من خلال القصبة الهوائية كان بالإمكان تمييز نطق لكلمة «ماما» بوضوح، الأمر الذي أذهل الجيران عندما جاؤوا لرؤية اختراع بيل.

انتقل بيل إلى بوسطن في ولاية (ماساشوستس في الولايات المتحدة ) العام 1871 وهنالك شرع في عمل اكتشافاته التي أوصلته إلى اختراع الهاتف وقد قدم طلباً للحصول على براءة الاختراع في العام 1876 فنالها بعد بضعة أسابيع ومن الطريف أن شخصاً آخر قد قدم طلباً لنيل براءة لاختراع مشابه في نفس اليوم الذي قدم بيل طلبه ولكن كان متأخراً ساعة واحدة من الزمن.

وبعد أن أعطي براءة اختراع عرض أول هاتف في معرض ولاية فيلادلفيا وقد أثار اختراعه اهتمام جماهير الشعب واستحق التقدير ونال جائزة.

ومع ذلك فقد رفضت شركة اتحاد البرق الغربية شراء هذا الاختراع بمبلغ 100.000 دولار ولذلك عمد بيل ورفقاؤه في العام 1877 إلى تشكيل شركة لأنفسهم وقد أحرز الهاتف نجاحاً تجارياً سريعاً ومنقطع النظير ومن الجدير بالذكر أن الشركة التي قام بيل بإنشائها مع رفقائه هي الآن من أنجح شركات القطاع الخاص في العالم.

بيد أن بيل وزوجته التي كانت تمتلك 15% من أسهم الشركة لم يكونا يدركان كم ستكون أرباح الشركة ففي خلال شهر أصبح سعر السهم في البورصة (250) دولاراً ثم ارتفع إلى 1000 دولار في شهر واحد.

وفي عام 1881 باعا وبدون تعقل حوالي ثلث أسهمهما الباقية ومع ذلك ففي عام 1933 أصبحت قيمة أسهمهما حوالي مليون دولار.

ومع أن اختراع الهاتف جعل من بيل رجلاً ثرياً إلا أن ذلك لم يسبب له تراخياً أو كسلاً في استئناف أبحاثه العلمية وقد نجح في عدة اختراعات مفيدة مع أنها أقل أهمية من الهاتف وكانت اهتماماته موزعة ومختلفة ولكن اهتمامه الرئيسي كان مساعدة الصم والبكم حيث كانت زوجته صماء وكان قد علمها وقد أنجبا ولدين وبنتين ولكن مات كلا الولدين وهما طفلان في عام 1882 .

وقد ودع بيل الدنيا دون أن يحقق حلمه الحقيقي .. فلقد وعد زوجته (مابل) بأنه سيخترع لها جهازا يمكنها من الكلام ولكنه لم يفعل، وبقيت الزوجة من بعده لتقضي البقية الباقية من حياتها كما هي صماء بكماء. وتوفي بيل دون أن يستطيع أن يحقق حلم زوجته، لكنه استطاع أن يحقق حلم الملايين من البشرية في التواصل مع ذويهم وأحبائهم دون أن تكون المسافات والبلدان عائقا بينهم وذلك باختراعه الهاتف الذي أصبح جزءا لا يتجزأ من حياة العديد والعديد ممن يعيشون في هذه الدنيا.