khaseeb
khaseeb
أعمدة

نبض المجتمع : انظر بإيجاب

25 يناير 2017
25 يناير 2017

خصيب عبدالله القريني -

جبلت النفس البشرية على الابتعاد عن ذكر الايجابيات والتفنن في إظهار المثالب وتضخيمها، سواء تعلق الأمر بشخص معين او مؤسسة أو ظاهرة معينة ..الخ، حيث نصحو يوميا على وقع تقارير ومقالات وتحقيقات لاهم لها سوى التفنن في إبراز السلبيات والمشاكل، وتغفل كثيرا عن الإيجابيات التي تزخر بها تلك المؤسسة او ذلك الفرد، والأدهى والأمر ان يتم طرح هذه الاشكاليات بدون إيجاد حلول واقعية مقترحة يمكن ان تعالجها، ما الأسباب والدواعي؟ لا أدري، المهم ان ننقد كما يدعي البعض رغم ان مفهوم النقد اشمل واعم من مجرد ذكر السلبيات.

ومن يشكك فيما ذهبت إليه من استنتاج ما عليه الا ان يستقطع من وقته دقائق بسيطة عند تصفحه لمجلة او صحيفة، ويمعن النظر في محتواها وسيكتشف الواقع الذي نعيشه، لقد أثبتت الدراسات العلمية وقبل ذلك ديننا الحنيف أهمية وجود التفاؤل والنظر الى الأمور من منظور إيجابي وسطي سواء تعلق الأمر بالتعامل بين البشر او حتى التعامل بين الانسان وخالقه فيما يسمى حسن الظن بالله، وغيرها من المجالات الحياتية المختلفة، طبعا انا هنا لست ضد ان يكون هنالك ايضاح لما هو موجود من مثالب، ولكن ان يكون هنالك توازن في النظر الى الأمور، فبمقدار ما يوجد في أي شخص أو مؤسسة أو ظاهرة من عيوب، هنالك أيضا ايجابيات يجب الوقوف عندها وإعطاءها الاهتمام المتوازي.

فلاشك اننا بحاجة ماسة الى النقد لكي يتطور عملنا وبدونه لن نستطيع ان نجود مانقوم به من افعال وما نبتغي تحقيقه من اهداف، ولكن نحتاج للنقد بشقيه الايجابي بدون مجاملة مع وجود البدائل المقترحة، وهذا ينطبق على الجميع مهما اختلف الزمان والمكان، فالعامل الذي لا يسمع من رئيسه إلا العبارات السلبية والتوبيخ المستمر، هو في النهاية سيكون ضحية لما نمارسه جميعا من أسلوب خاطئ في حياتنا وتقديرنا للأمور، وقس الأمر على اي مجال.

كما اننا عندما ننظر الى ظاهرة معينة سواء كانت اجتماعية او اقتصادية او تربوية، دائما ننحى في احكامنا الاتجاه السلبي، وعندما يطلب منا تقييم عملا ما نتجه الى تلك الزاوية الضيقة دون تدبر او تعقل، فمثلا عندما نتحدث عن ثورة التكنولوجيا وخاصة ما يتعلق بالهواتف الذكية وما ارتبط بها من برامج، خاصة تلك التي تندرج تحت مسمى شبكات التواصل الاجتماعي، هل وجدنا يوما ما مقالا او تحقيقا يتحدث عن ايجابيات هذه البرامج وهذه الثورة التكنولوجية؟ الكل ينظر بسلبية، ونسي ان أي أداة مهما كانت هي في الواقع نتاج تحكم المستخدم وليس نتاج الاداة نفسها، فلو نظرنا الى برنامج «الفيس بوك» كم من الاشخاص الذين كانت تربطك بهم علاقات صداقة لم يتح لك عامل الوقت الفرصة للقائهم، ولكن من خلال هذا البرنامج تتواصل معهم وتعرف اخبارهم وتهنئهم بمناسباتهم السعيدة، ولكن لو لم يكن هذا البرنامج موجود هل ستعرف كل ذلك عنهم؟ اشك في ذلك، وقس الأمر على بقية البرامج، حتى البرنامج الشهير للتواصل الاجتماعي «الواتساب» كم من معارف ومعلومات استفدنا من خلال هذا البرنامج، تخيل لو لم يكن موجودا، هل سنتعرف على هذا الكم من هذه المعارف؟ وكم من الوقت سنحتاج؟ وبرامج التراسل الخاص بالبريد الإلكتروني، كم من الوقت والمسافات اختصرت علينا؟ هل كل ما هو موجود في ثورة الهواتف الذكية مثلا سلبي؟ سؤال يجب ان نمعن التفكير فيه ونطبقه على كل ظاهرة عندما نريد أن نقيمها.