dalia
dalia
أعمدة

مدار : ما تبقى مني

25 يناير 2017
25 يناير 2017

داليا علي -

يمر العمر بنا دون أن نستطيع أن نمسك به برغم ادعائنا أننا نملكه، والحقيقة أننا لا نملك أعمارنا بينما هي التي تملكنا، تمنحنا الفرصة لنعبر من خلالها إلى أحلامنا وأمنياتنا، وحين نفشل في الاستفادة من تلك الفرصة لا تبكي أعمارنا علينا، بل نحن من نبكي ونندم على فوات العمر دون فائدة نرجوها أو حتى فرصة أخرى يمكننا فيها تصحيح خطأ المرة الأولى. العمر يمنح مرة واحدة ويمضي، لا يعود بنا ولا يمنحنا فرص بديلة ولا يعود شابا كما كان يهرم بنا وينزوي.

في فُجأة من الزمان نفيق على صدمة أننا كبرنا وصارت شهادة الميلاد شاهداً علينا، يثبت كم من السنوات مرت دون أن نتعامل معها بالجدية التي تستحق، وكم من الوقت أهدرناه دون أن نبكي عليه أو نندم. وها قد جاء الوقت لندرك فجيعتنا ونعرف الجريمة التي ارتكبناها بجهلنا تارة وبتجاهلنا تارة في حق أنفسنا. كبرنا وتغيرنا أيضا، تغيرنا كثيرا عما كنا، لم نعد نحمل نفس المبادئ ولا الرغبات ولا حتى الأمنيات التي كانت، تبدلت كل الأشياء فينا وكل المسلمات وصرنا آخرين.

عندما نظرت الى المرآة ذات صباح وجدت أخرى تنظر إلي بملامح يبدو أنني اعرفها من قبل، لم يتغير الكثير ظاهرياً لكن لا يمكنني أن أتجاهل كمية التغير الذي طرأ على مشاعري ومبادئي وما أحب وما أكره. تغيرت كثيرا، تغيرت أسباب سعادتي ومسببات حزني، تغيرت مشاعري، صارت في أمور أكثر هشاشة ورقة وفي أمور أكثر حسماً وجرأة.

تحررت ذاتي من قيود كثيرة ولم أعد ألزمها بما كنت الزمها به قديما، فلقد صرت مع مرور السنوات أكثر خبرة ودراية بطريقة مواجهة الحياة في مشكلات كثيرة، وصرت أكثر تحديدا فيما يتعلق بما أريده وما ينقصني، وعلى النقيض تماما في أمور أخرى، صرت أقل مواجهة وجرأة، فجرأة الشباب لا شك أكثر حدة وانطلاقا، أما الأربعين فله رأي آخر، حيث يرق القلب كثيراً دون أن ندري، ونفضل استبدال الحكمة والتروي عن الاندفاع والسرعة في الحكم على الأشياء والمواقف والناس .

ربما نصبح أكثر نضجا وحكمة كلما كبرنا، ولكننا لا شك نصبح أكثر ضعفا واستسلاما عن ذي قبل أو هكذا صرت أنا.

[email protected]