الاقتصادية

الياقوت.. حلم يمكنه تغيير حياة البسطاء في بورما

20 يناير 2017
20 يناير 2017

موغوك (أ ف ب) - يصلي ايه مين هتون على الدوام أملا في إيجاد الياقوت الذي سيغير حياته... فهذه فرصته الوحيدة في تحسين أوضاعه كعامل مناجم في قطاع بورمي يعاني قيودا مشددة يفرضها الجيش من دون أي افق حقيقي للتغيير رغم دخول المستثمرين الأمريكيين. فعلى مدى قرون، قاتل الملوك للسيطرة على وادي موغوك في شمال ماندالاي في وسط بورما حاليا. هذا الموقع كان يعرف سابقا باسم «أرض الياقوت». هذا الياقوت المعروف بتسمية «دم الحمام» والموجود حصرا في هذه المنطقة النائية في بورما، هو من أكثر الأحجار الكريمة ندرة وغلاء في العالم. وفي عام 2015، بيعت إحدى هذه الجواهر وتعرف باسم «صن رايز روبي» في مزاد علني بسعر قياسي بلغ 30،3 مليون دولار. أما اليوم، فتنتج بورما أكثر من 80 % من الياقوت في العالم غير أن غموضا لا يزال يلف هذا القطاع بعد عقود من العزلة في ظل الحكم الديكتاتوري للمجلس العسكري السابق. ومن الصعب تغيير هذا الوضع حتى في ظل الرفع الأخير للعقوبات الأمريكية على هذا القطاع. فمع تسلم حكومة مدنية بقيادة الناشطة السياسية السابقة اونغ سان سو تشي الحكم، رفع باراك اوباما في أكتوبر آخر العوائق التي وضعت في سنة 2003 بمنع تصدير الأحجار الكريمة البورمية إلى الولايات المتحدة. غير أن الخبراء يخشون أن يترجم هذا القرار بشكل رئيسي منافع مالية للعسكريين والمقربين منهم، وهم اكبر الرابحين حتى اليوم من تطوير هذا القطاع.

انزلاقات للتربة

وقد تحول وادي موغوك إلى منطقة أشبه بسطح القمر بسبب الحفريات الكثيرة في الأرض بفعل انتشار المناجم. غير أن ذلك لم يبدل كثيرا في الوضع المالي المتردي للسكان. فعلى غرار آلاف الأشخاص الآخرين، يتقاضى العامل ايه مين هتون أقل من مئتي دولار شهريا في مقابل عمله في أحد مناجم وادي موغوك في الهواء الطلق. ويوضح هذا الشاب البالغ 19 عاما «أحلم بتأسيس شركتي الخاصة إذا ما نجحت في عملي في المناجم»، معتمدا في هذا الأمر على إيمانه بقوة «الأرواح» لمساعدته على إيجاد «حجر كبير شديد النقاء». ويعمل خلفه نحو عشرة رجال حاملين أنابيب كبيرة تضخ المياه بضغط عال لإزاحة التراب من على الأطراف في الموقع. ويتم بعدها فرز الطين على طاولات خشبية على يد عمال يتنقلون حفاة. هذا العمل محفوف بالمخاطر ويفتقر لشروط السلامة المطلوبة كما أن انزلاقات التربة ليست نادرة إذ أن الأرض تهتز باستمرار بسبب الديناميت المستخدم في عمليات التنقيب. والمنجم الذي يعمل فيه ايه مين هتون مملوك لشركة «ميانمار جيمز انتربرايز» (ام جي اي) العامة التي يقودها عسكريون سابقون بقوا حتى مايو الماضي على القائمة السوداء للولايات المتحدة. وتملك «ام جي اي» مناجم كما تدير القطاع المسؤول عن توزيع تراخيص الاستثمار. لكن القطب الرئيسي في هذا القطاع هي «ميانمار ايكونوميك كوربوريشن» (ام اي سي) وهي شركة قابضة عسكرية تملك شركات محاصة في حوالى مائة منجم في موغوكن وفق تقرير صادر عن منظمة غير حكومية يتناول طرق توزيع ثروات البلاد.

ورفضت «ام جي اي» الإدلاء بأي تصريحات لوكالة فرانس برس كما تعذر الحصول على أي تعليق من «ام اي سي».

تجميد التراخيص

وفي وسط ماندالاي السياحي، يأمل العاملون في القطاع تدفقا كبيرا للمستثمرين الأمريكيين. فمن المتوقع أن تشهد الأسعار ارتفاعا كبيرا مع رفع العقوبات الأمريكية عن بورما بعد إقامة حكومة مدنية في البلاد.

وتقول خينه خينه أو وهي بائعة أحجار كريمة في ماندالاي «أسعار الأحجار الكريمة ستسجل ارتفاعا خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة. نتوقع ارتفاعا بنسبة تراوح بين 30 و50 في المائة على الأقل».

وبدأ العاملون في القطاع تشكيل مخزونات بعدما تشجعوا بالاتصالات مع أولي الشركات الأمريكية، . وبعد أسابيع قليلة من الإعلان عن إنهاء العقوبات، أرسلت «أميريكن جيم ترايد اسوسييشن» بعثة الى موغوك. ويؤكد دوغلاس هاكر من «أميريكن جيم ترايد اسوسييشن» أن المجموعات الأمريكية «ستعمل مع وسطاء معتمدين» من السلطات و«ستسعى للتحقق من أن الأحجار الكريمة التي يشترونها مستخرجة بطريقة مسؤولة».

ولوقف الاستغلال غير المنضبط للمناجم، فرضت الحكومة البورمية تجميدا على منح تراخيص جديدة للاستغلال المنجمي. وبات على الشركات الامتثال لتشريعات بيئية أكثر تشددا للحصول على تراخيص، لكن من غير المعلوم مدى الالتزام بهذه القواعد الجديدة.