902131
902131
عمان اليوم

هيثم بن طارق: توجيهات جلالة السلطان بمثابـة النهـج لتعـزيز الهـوية العُـمانيـة

18 يناير 2017
18 يناير 2017

اعتدال ووسطية لمواجهة كافة التحديات -

902130

العمانية - أشاد صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة بالتوجيهات السامية الكريمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه الله ورعاه ــ الداعية إلى الاعتدال والوسطية لمواجهة كافة التحديات، مؤكدًا أن هذه التوجيهات هي بمثابة النهج الذي يسير عليه الجميع سعيًا الى تعزيز الهوية العمانية والوحدة الوطنية.

وثمن سموه في حديث نشرته مجلة «شرفات المجلس»التي تصدر عن مجلس الدولة في عددها الثاني الذي صدر مؤخرًا الدور الحضاري الذي تضطلع به السلطنة عبر تاريخها المجيد الحافل بالمنجزات العظام في صنع الحضارة الإنسانية والدور النشط الذي قامت به من خلال موقعها الاستراتيجي منذ القدم واتصالها بكل مراكز الحضارة في العالم.

وأشار سموه الى أن عُمان كانت واحدة من أهم المراكز الحيوية الواصلة بين الشرق والغرب وقد « مارست العولمة الحضارية منذ القدم» وتعاملت مع جميع الأمم على أسس تبادل المنافع والمسؤولية المشتركة كما أنها بقيت في عزلة عن منابت الصراعات الداخلية والخارجية والخلافات بشتى أشكالها فأضحت بذلك مهدًا للتعايش الأممي وموئلًا للاعتدال الفكري ومنهلًا للانفتاح الحضاري ومنبعًا للتمازج الثقافي وموطنًا للإخاء الإنساني كما أن للحضارة العمانية جذورًا تاريخية وشواهد ثابتة.

وأكد سمو السيد هيثم بن طارق أن وزارة التراث والثقافة سعت جاهدة الى تأصيل هذا الثراء في مناحٍ مختلفة من اهتماماتها وهي تعمل على تسجيل العناصر التراثية الثقافية العمانية المادية وغير المادية في قوائم التراث العالمي لتحفظ لهذه العناصر هويتها العمانية الخالصة على مر العصور.

 

وبين سموه أن ذلك جاء من خلال المشاريع البحثية التي تنفذها الوزارة في محافظات السلطنة كتسجيل شهادات الشخصيات المعاصرة للتاريخ العماني وتوثيق الأخبار والمعلومات التي يسردونها والتي هي جزء من تاريخ هذا البلد ثم نشرها في إصدارات متخصصة تعنى بهذه الدراسات البحثية.

وأشار الى أن الوزارة تعمل بالتعاون مع الجامعات العمانية وعدد من المؤسسات العلمية في الدول الصديقة بناءً على الاتفاقيات الموقعة معها على إرسال بعثات أثرية متخصصة للبحث والتنقيب في المواقع الأثرية التاريخية في السلطنة وتوثيق ما يتم اكتشافه في دراسات وأوراق علمية تنشر في دوريات عالمية وأيضًا في مجلة الدراسات العُمانية التي تصدرها الوزارة بشكل دوري.

كما أنها تعمل على ترميم المقتنيات الأثرية التي يتم اكتشافها في المواقع الأثرية.

وأكد سموه على دور المتاحف الملموس في هذا الشأن وفي مقدمتها المتحف الوطني الذي تم افتتاحه مؤخرًا بعد تجديده من خلال سرد القصص التي تحكي تاريخ الحضارات التي تعاقبت على مر العصور على أرض عُمان وجهود الوزارة في المحافظة على المواقع الأثرية والتاريخية بالعمل على ترميم القلاع والحصون والحارات القديمة لتبقى شاهدة على الحضارة العمانية.

كما أشار سمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة الى أن دار المخطوطات العمانية تضم بين جنباتها أكثر من أربعة آلاف مخطوطة في شتى العلوم والمعارف ويعمل المختصون على المحافظة عليها من خلال ترميمها وإعادة تجليدها.

.كما أن الوزارة عملت وما زالت تعمل على تحقيق وطباعة عناوين كثيرة من هذه المخطوطات وأصبحت في متناول القراء والباحثين والمهتمين وتم نسخ هذه المخطوطات وتخزينها إلكترونيا وهو ما أصبح متطلبًا ضروريَا يسهل على الباحث اقتناء المخطوطة التي يرغب بها مبينًا أن وزارة التراث والثقافة أصدرت مؤخرًا الموسوعة العمانية التي تعدُ توثيقًا لكل ما له علاقة بعُمان والإنسان وبما تحويه هذه الأرض العماني من إرث وتعد مرجعًا للباحثين والمهتمين بعُمان وحضارتها.

وفيما يتصل بنشر الثقافة العمانية والتعريف بحضارتها على المستوى الإقليمي والدولي أكد سموه أن الوزارة تشارك باستمرار في معارض الكتاب الدولية سعيًا للتعريف بالكتاب العماني ومكوناته المعرفية.

كما انها تشجع وتدعم الكُتَّاب والباحثين العمانيين على الدراسات والبحوث في التراث العماني وتقيم الأيام والمهرجانات الثقافية لتعريف شعوب العالم بالحضارة العمانية وما تحتويه من كنوز تاريخية وموروثات شعبية وعادات وتقاليد والذي بدوره يعزز ثراء وأصالة الحضارة العمانية.

وتطرق صاحب السمو السيد وزير التراث والثقافة الى المكوٍن القيمي للإنسان العماني الذي يعزز بالمعرفة وكان له أثره الكبير في إثراء الساحة الإنسانية بالكثير من العطاء خاصة في العهد السامي لجلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - قائلًا إن الإنسان العماني بتفاعله مع أرضه وما عليها ومع بقية شعوب العالم عبر الصلات التجارية والسياسية صنع له تاريخًا وتراثًا وثقافة ووثقها في تراث مادي شاهد على هذا التاريخ أو خلده بتراثٍ مرويٍ تناقلته الأجيال.

وأضاف سموه ان هذا الإنسان يحمل معه قيمًا توارثها عبر الأجيال وحملها لبقية الشعوب وفي عهد جلالته ــ أعزه الله ــ وبالتركيز على التنمية البشرية في التعليم والصحة، كما أن التركيز على العلاقات السياسية بين بقية الشعوب والانفتاح عليهم يعزز هذا المكون القيمي وقد باتت علاقات الإنسان العماني مع بقية الشعوب في عدة جوانب لا تقل عما كانت عليه « فنرى نماذج من الشباب العماني في مجالات عدة (الهندسة والعلوم الطبية والتجارة والفنون والتكنولوجيا) وعلى مستويات عالمية يشار لها بالبنان « مؤكدًا أن من شأن هذا التراكم من القيم التي تورث عبر الأجيال واطلاع الأجيال الحالية والقادمة على تراث وتاريخ أجدادها واكتساب المعارف والخبرات جديدة في كافة مجالات العلوم والفنون أن يمد من عُمر هذا العطاء ويتأتى ذلك بالقراءة الجادة ».

وبين سموه في حديثه لمجلة «شرفات المجلس» أن وزارة التراث والثقافة تعمل على تحقيق رؤاها وأهدافها وفقًا لاستراتيجيات وخطط وبرامج تنفيذية على المستويين المحلي والدولي.

وحول أهمية جمع التراث والحفاظ عليه والتوفيق بينهما وضح سموه انه في جانب ما هو متحقق في التراث المادي أولت وزارة التراث والثقافة عناية فائقة بترميم القلاع والحصون واعتبرتها إرثًا حضاريًا يمثل امتدادًا للفكر الإنساني الذي قام على هذه المنطقة.

.كما أنها مثلت أحداثًا سياسية وعسكرية وقد سعت الوزارة بعد ترميم هذا التراث المادي أن توظفه في تفعيل التراث غير المادي ومن ذلك سعي الوزارة لإقامة فعاليات ثقافية في القلاع والحصون المرممة ومنها قلعتا نخل ونزوى وحصنا بهلا ودبا وغيرها إيمانًا منها بالدور الحضاري للتراث المادي الذي لا ينتهي والذي يعد مرجعًا لكافة أوجه التراث والثقافة.

وفيما يتصل بجمع التراث غير المادي والحفاظ عليه فرأى سموه أن هذه المهمة وطنية كبرى والوزارة مدركة لأهمية ذلك ومضطلعة به من خلال العديد من المشاريع الثقافية التي تنفذها من خلال الندوات التي خصصت في هذا الجانب والتي منها المأثورات الشعبية في سلطنة عُمان، الفنون الشعبية، الشعر الشعبي العماني، والحكاية الشعبية في عمان.

كما حفلت الأعمال الأخرى بجوانب من دراسة التراث غير المادي منها البحوث التي ضمنت ندوات الولايات عبر التاريخ وغيرها من الجهود الأخرى.

وأشار سمو السيد وزير التراث والثقافة الى أهمية مكتبة - التراث والثقافة - قائلًا إنه ومنذ أن تأسست الوزارة شرعت في نشر الكتاب العُماني عبر جمع المخطوطات وترميمها وحفظها وتحقيقها ونشرها وقد أصبحت دار المخطوطات بالوزارة مرجعًا عالميًا للمخطوطات العُمانية.

وحول الاهتمام بالحواضر العُمانية ذات المكانة التاريخية والتراثية كنزوى وصحار وغيرهما والتي تضم بين جنباتها العديد من الحارات القديمة والقلاع والحصون قال سمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد إنه ومنذ البدايات الأولى للنهضة المباركة والوزارة ماضية في تنفيذ برنامج استدامة وحماية وتوظيف التراث المعماري الذي يشمل ترميم وصيانة عدد كبير من القلاع والحصون والأبراج والأسوار والمساجد الأثرية.

وقد بلغ إجمالي هذه المعالم (177) معلمًا أثريًا مما يمثل رصيدًا نموذجيًا في المنطقة من حيث الكم والانتشار قياسًا بالتحديات الموجودة ومحدودية الموارد المالية « ونعتقد أن هذا رصيد مناسب للوقوف عنده والعمل للحفاظ عليه من خلال الصيانة المنتظمة».

وفيما يتعلق بالحارات فإن الوزارة تقوم حاليًا بترميم حارة البلاد بولاية منح وحارة الجامع بولاية أدم واللتين تُعدان مشروعين نموذجيين يجري تنفيذهما إلى جانب ترميم الأبراج والواجهة الأمامية لحارة السليف بولاية عبري معربًا سموه عن أمله ان يتم الانتهاء من ترميم الحارتين قريبًا لتتولى وزارة السياحة توظيفهما بما يحقق القيمة المضافة لدى المجتمعات المحلية.

وأشار الى أن المرحلة الثانية تتمثل في تنفيذ خطة ميدانية لتوثيق الحارات بالتعاون مع مؤسسات أكاديمية من داخل وخارج السلطنة لتنفيذ مخرجات الخطة المتمثلة بالمسح الهندسي والمكاني وللحالة الإنشائية والمهددات القائمة وآلية الترميم المستقبلية والمنشآت الخدمية من خلال خطة إدارة لكل حارة.

وفيما يتصل بالتوفيق بين الموروث الضارب في عمق الوعي الجمعي خاصة لدى كبار السن وبين الحداثة بوسائلها الحديثة ورؤية سموه لاستشراف أفق الغد أكد سمو السيد هيثم بن طارق أن المزج بين الماضي وعراقته وبين الحاضر وحداثته شكلًا ومضمونًا « لهو أمر يضعنا أمام تحد كبير » نظرًا لما تشهده الأمم والمجتمعات من تنامٍ مستمر في شتى جوانب الحياة موضحًا أن الوزارة تقيم معارض الكتب الأدبية والمهرجانات الثقافية الشعبية وتحصر المواقع الأثرية وتأهلها لتبقى صروحًا شامخة تروي حكايات مجدها للأجيال المتعاقبة.

.كما قامت الوزارة بإنشاء منصات التواصل الاجتماعي التي من خلالها تبث رسائلها التوعوية لكافة شرائح المجتمع وبالأخص فئة الشباب.

وعن حضور الكتاب العماني في المكتبة العربية وتأثير هذا الحضور وفاعليته أكد سموه أن الوزارة تشارك عادة في معارض الكتب المختلفة غير أن هذه المعارض ما هي إلا إحدى النوافذ التي يعبُر من خلالها الكتاب العماني « ولسنا بصدد الحديث عن الكم بقدر اهتمامنا بتجويد مواد هذه الإصدارات على اعتبار أن هذه الوزارة ليست بدار طباعة ونشر بقدر أنها مؤسسة تعنى بالمحافظة على القيمة الفنية والأدبية لهذه الإصدارات، كما أنها تراعي الذوق الرفيع للقارئ الجيد والعارف بقيمة ما يقرأ » مؤكدًا أن هذه هي رسالة وزارة التراث والثقافة فهي تحاول قدر المستطاع معالجة الطفرة المفرطة لطوفان الإصدارات دون مراعاة لجودة المحتوى من خلال الانتقاء الجيد لما يمكن نشره.

في ناحية أخرى أكد سموه حرص وزارة التراث والثقافة بالتنسيق مع الجهات والمؤسسات الحكومية والأهلية المعنية على المحافظة على التراث الثقافي في السلطنة مشيرًا الى أنه خلال السنوات السابقة تم نشر العديد من الدراسات والبحوث في هذا المجال، وآخرها مشروع جمع التراث الثقافي غير المادي بمحافظتي شمال وجنوب الباطنة بالإضافة إلى الحياة الاجتماعية والاقتصادية لمسقط.

كما توجد مواد كثيرة موثقة تتصل بالتراث غير المادي في الموسوعة العمانية التي تبنت وزارة التراث والثقافة نشرها.

كما أن العمل جارٍ لإصدار دراسة بحثية عن نظام الأفلاج وعن أنماط حياة البادية كذلك.