Ali
Ali
أعمدة

اوراق : بين ضواحي مزارعنا

18 يناير 2017
18 يناير 2017

علي الحبسي -

خلال هذه الفترة ومن بداية كل عام تشهد طرقات ضواحينا الزراعية حركة دؤوبة استعدادا لموسم قيظ قادم بخيراته الوفيرة سعيا من الجميع نحو الاهتمام بالنخلة، فهي تعطي من يعطيها، لذلك فالكل اليوم يشمر عن ساعد الجد في سبيل العناية بالنخيل الشامخات التي توارث أعمالها والقيام بها عبر فترة طويلة من الزمن أجداد وآباء وأحفاد، آملين أن لا ينقرض هذا الاهتمام ويلقى على عاتق العمالة الوافدة.

واليوم ونحن نمر بين الضواحي والسواقي وبين جدران المزارع الطينية المتهالكة وعلى مشارف بيوتات هذا المزارع نجد في هذه المزارع من يسقي بالفلج وآخر يستعد للتنبيت وغيرها من الأعمال الزراعية ومعظمها أوكلت للعمالة الوافدة، ولم يبق سوى النذر اليسير من أبناء هذا الوطن من هم يمارسون الأعمال الزراعية، فنسي جيل اليوم الساقية والجلبة والجداد والخراف والشراطة وغيرها من المصطلحات الزراعية الكثيرة التي ربما لا توجد في قاموسهم، وان سمعوا بها كأنهم يسمعون شيئا في لغات أخرى، إنها لغة النخلة والفلج والساقية لا زالت مغروسة في أذهان كبار السن الذين عاشوا بين فيافي النخيل وفي بيوتها الطينية، وظلوا سنين على الساعة الشمسية تلفحهم حرارة الشمس في انتظار دورهم للسقي بماء الفلج، وآخرون يسهرون الليالي لمتابعة نجوم الكليل والكوي والمنصف وغيرها من النجوم سهارى، تركوا بيوتهم وألذ ساعات النوم ينتظرون دورهم من ماء الفلج، يجوبون الضواحي بطولها وعرضها ليلا وفي ظلام دامس بمسحاته من أجل النخلة الشامخة التي نراها اليوم تموت بثمارها.

متى ستستقل ضواحينا وبيوتها ونخيلنا وأفلاجنا من قبضة الوافدين الذين لعبوا بها شرقا وغربا؟ حتى أنهم في بعض البلدان هم من يوزعون مياه الفلج والمواطن يسألهم عن نصيبه منه، وهم من يخرفون النخلة رطبا ومالا ويصلون برطبها إلى مساكننا وفي أسواقنا! وأصبح البعض منهم لا يعون ماهم فاعلون لأن همهم المال قبل النخلة، وكم سيحصدون من وجودهم في بلادنا قبل أن نسأل نحن كم سنحصد من النخلة التي تسير إلى هلاك.

كم نفخر اليوم ورغم مرور السنين بأن هناك من هم يهتمون بالنخلة وغيرها من أصناف المزروعات من أبناء هذا الوطن، هم من يستحقون التقدير والدعم، وعلى وزارة الزراعة والثروة السمكية أن تبحث عن أمثال هؤلاء لتقدم لهم الدعم من أسمدة وفسائل وحراثات وغيرها بعيدا عن المستندات والأوراق، لأن هذه الفئة ملأت أسواقنا بالكثير من المنتجات الزراعية، وأن نسعى جميعا أن نعيد للضواحي بريقها وأمجادها ولكن بأيادي أبنائها، وأن نغرس في الجيل القادم حب الأرض وخيراتها وكيف نستطيع أن نستخرج هذه الخيرات منها.

[email protected]