samia
samia
أعمدة

«ملمح عام لزوجة ذكــية عاطـفيا»

14 يناير 2017
14 يناير 2017

سامية الوهيبية -

[email protected] -

كثير ما يتبادر إلى أذهان النساء كيف لي أن أفهم وأعي متطلبات هذا الرجل (الزوج)، دون أن تثار بيننا رياح عاصفة هوجاء؟! وقبل ذلك كيف لي أن أفهم احتياجاتي ومشاعري وأعبر عنها بطريقة تليق بي تصل إلى فهم وإدراك هذا الرجل دون طلبات ملّحة وإصرار على تلبيتها وقد تُلبى اجتهادا أو تظل عالقة في أرفف هذا القلب لا تجد من يحتويها غير اهتمامات أسرية وحياتية أخرى تشبع تلك الاحتياجات بنوع آخر وطرق مختلفة تماما..؟!!

والحقيقة إن هذا الأمر تحديدا يحتاج إلى مزيد من الوعي والإدراك في فهم طبيعة كل من الرجل والمرأة. وكيف ممكن أن يكسب كل منهما الآخر بفهم طريقة تفكيره ونظرته إلى الحياة؛ فأكثر الرجال لا يدركون وقد يمتعضون من طبيعة المرأة التفصيلية والتي لطالما تنظر إلى صغائر الأمور فيما يختص تحديدا بحياتهما معا، وإنها وإن لم يلب احتياجها لفّت ودارت حوله دون أن تكون مباشرة وصريحة وواضحة، اعتقادا منها أنه يجب على الطرف الآخر ( الزوج ) أن يفهمها ويشعر بها بلا طلب أو تصريح إن كان فعلا يكن لها مشاعر المحبة الصادقة، ويظل يسعى جاهدا إلى محاولة إرضاءها فيبقى بين مد وجزر، معتقدا وجازما بأن النساء صعب إرضاءهن مهما حاول الرجال في ذلك، متناسيا بأنها حينها تود الاحتواء والتفهم فقط! وبينما المرأة كذلك.. قد نجدها أيضا تواجه صعوبة في فهم طبيعة هذا الرجل ذات العقلية التي قد يسميها البعض بالعقلية الصندوقية؛ حيث انه غالبا ما يميل إلى التركيز في أمر واحد، والوضوح في الطلب الذي يرغب به، والاحتياج الذي يشعر به فيعبر عنه بفعل أكثر منه قولا.. ولكنه لم يزل لا يجد هذا الإدراك لفهم طبيعته من بعض النساء أن لم أقل أكثرهن!

الحياة الزوجية تتطلب منّا امتلاكنا لكثير من المهارات التي تعيننا على فهمها، و مزيد من البال الطويل والصبر والفهم والإدراك، كما أنها تتطلب منا التقبل والتكيف مع تحسين حياتنا بتعديل سلوكياتنا وأساليب تفكيرنا؛ أي أننا لا بد من تجديد حياتنا بشكل مستمر؛ لنستطيع الرقي بهذه الحياة فنسعد بذلك ونستمتع، ونسعد أسرنا ومن حولنا.

ولعلي أخص بالحديث في هذا المقال الزوجة تحديدا والتي تمتلك من الذكاء المسمى بالذكاء الشعوري أو الانفعالي أو الوجداني أو ما نسميه بالذكاء العاطفي.

فمن تلك المرأة التي تستطيع أن تستحوذ على اهتمام الزوج و انجذابه المستمر لها دون أن يتطلب ذلك منها جهدا كبيرا، أو مبالغة غير محببة أحيانا في التفاتها إلى الجمال الذي جعلته ومن حيث لا تعلم محصورا بالتركيز على الشكل الجسدي وصورة الوجه وهو يصنع كلوحة فنية مملوءة بزخم الألوان والمساحيق، وبشكل مبالغ فيه لربما أفقده ذلك التوهج الذي نشعر به لدى رؤيتها، ونبض الحياة الذي يملأه ألقا.

ومن تلك التي تتصف بهذا الذكاء والتي ممكن أن تشتغل على تنميته وامتلاك مهاراته أكثر لتسعد بحياة أفضل مع أسرتها؟!

من تتسم بذلك تكون قادرة على إدارة شؤون بيتها واحتواء زوجها وأطفالها .. دون أن يجعلها ذلك خاضعة أو خانعة أو غيرها من الصفات التي أحيانا قد تثير المرأة حنقا.

فهي ملكة تدير مملكتها بحكمة وذكاء وفطنة وكياسة، وهي المتقلبة الأدوار فتراها الزوجة المتفهمة الودودة،وأخرى الأم الرؤوم، وتجدها الأخت والمعين السند، والابنة الحنون والصديقة والرفيقة التي تنصت لك ولصمتك وتتفهم وتتعاطف مع انفعالات الكيان الذي تعيش معه كزوج وأبناء، وأسرة ممتدة أكبر. نراها تستمتع بتفاصيل يومها وتسعد بعطائها أكثر من أخذها؛ فهي جعلت العطاء قيمة تأسرها لا تنتظر منها مقابلا. ثم إننا نراها واعية متفهمة لما يدور في ذاتها، قادرة على معالجة ما يختلج في نفسها من انفعالات، متحكمة وضابطة لأكثر انفعالاتها. معبرة عنه بشكل واع، متقبلة لذاتها مهما أبدت بعض التصرفات التي لا تليق بها أحيانا. تؤمن بأنها كتلة من المشاعر المصحوبة بالأمزجة المختلفة، والهرمونات المتغيرة؛ ألا أنها تتقبل كل ذلك بتفهم وحب ومتعة، يشعرها برضا وسعادة.

هي الحياة لأفراد أسرتها متى ما أرادوا ذلك وجدوا عندها حاجتهم ببساطة ولين.. وعطاء وحب ..تتلمس احتياجاتهم وتسعى باستمتاع إلى توفيرها لهم في جو يسوده الحب والمودة.

باختصار إنها تمثل حنان الأرض عندما تود أن تكون وليس ذلك لأي امرأة؛ إذ تتفاوت مقدرة المرأة وصفاتها وقدراتها، في أن تكون كما نرغب ويلعب في ذلك عوامل كثيرة. كما تتفاوت مقدرة الرجل في أن يحتوي هذا الكيان الجميل وقد يفتقر لأساليب التعامل معها.

كما توجد فروقات عدة في تلك المحبوبات من صفات وسمات فما يقبله رجل ما ويتوافق معه من سمات وميول وقدرات للمرأة قد لا يروق للآخر، وكذلك هن النساء تماما.

ولذلك من يمتلك الذكاء العاطفي وتمكن من أبعاده المختلفة استطاع أن يستشعر ذلك بيسر ويكيّف حياته ويحل الإشكاليات المصادفة له تدريجيا.

والمرأة مهما كانت شدة عنادها وتعنتها على- حد معرفتي بطبائعها-  ستلين تلقائيا من نفسها وتصفو، إن وجدت الرجل الزوج القادر على التعامل مع صفاتها المكتسبة من عناد وشدة وتسلط أو صفات قد تتسم أحيانا بالسوء؛ وذلك لأنها جُبلت على حب الاهتمام بها من الرجل الأب والأخ والزوج والابن، وجُبلت على أن ترعى شؤون بيتها وزوجها وأبناؤها وما يتعلق بشؤونهم من تفاصيل صغيرة.

فيبهج نفسها وتطمئن إن حرص هؤلاء على إحساسها بالحب والاهتمام والأمان، فالشعور العاطفي لديها أكبر أهمية من أي شعور مادي آخر.. إلا ما ندر من النساء، فهي مجبولة على العطاء السخي؛ فإن منحها الرجل اهتمام منحته فوق ما منحه لها أضعافا .. وهي كذلك حقا!!!

الحياة الزوجية مليئة بالقضايا والتفاصيل الصغيرة التي تستدعي الحكمة والتعقل والتغافل والتفهم والتفاهم والاحتواء والرحمة والمودة المولدة للدفء والتعايش بحب وسلام ومتى ما وجد ذلك سقطت كل تلك التشوهات النفسية والأقنعة المزيفة بين الزوجين وما نسميه بالكبرياء أو التعالي، وكرامتي وكرامته وتضحيتي وتضحيته .. والعديد من المسميات والألفاظ التي قد يدرجها البعض تحت مسمى التنازلات. يسقط كل هذا الزيف المسبب للكدر والضيق والتعاسة والمؤدية إلى التباغض والتفرقة والطلاق!

فكيف يكونان لباسا لبعضهما لولا التواد والتراحم والتآلف والانسجام والتناغم والاتفاق؟!

علينا أن نعي عملية التكامل التي نمر بها ونعيشها !

كل فرد بنوع جنسه يحمل من الصفات التي قد لا تكون محببة للطرف الأخر، ولكن الراشد من يتحسس ذلك ويتدارك صفاته تلك بصفات أجمل فيعظّم إيجابياته تجاه محبوبه، ويعمل على تعديل بعض الصفات الغير محببة فيه.

في الواقع علينا أن نرهف حواسنا لحياة أسرية وزوجية صحية إن أردنا للحياة الزوجية الاستمرارية السليمة.

وحقا يقال ينبغي على الأزواج تلمس احتياجات بعضهم بمختلف أنواع تلك الاحتياجات ومعرفة كيفية تحقيقها.