أفكار وآراء

ترامب .. ووعوده لإسرائيل !

13 يناير 2017
13 يناير 2017

سمير عواد -

أرسل دونالد ترامب علامات غير مشجعة لعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وذلك خلال حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية، التي فاز في نهايتها بمنصب الرئيس الذي سيتولاه رسميا في العشرين من الشهر الجاري خلفا لباراك أوباما.

ويخشى كثيرون أن يحول ترامب الرئيس وعوده التي قطعها لكسب ود الناخبين اليهود في الولايات المتحدة إلى حقيقة، الأمر الذي قد يؤدي بحسب العديد من المراقبين إلى موجة عنف جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خاصة وأن عملية الشاحنة الأخيرة في القدس، التي تم فيها دهس عدد من الجنود الإسرائيليين، قد لا تكون الأخيرة. ومما يبعث على تشاؤم هؤلاء المراقبين قرار ترامب بتعيين سفير أمريكي معروف بتاريخه في تأييد المستوطنين اليهود، وبدعوته إلى نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، رغم أن الخطوة مخالفة للشرعية وللقوانين والمواثيق الدولية التي تقول إن الحديث عن مستقبل مدينة القدس، ينبغي البدء به بعد التوصل إلى تسوية سلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. فهل ستكون هذه أول خطوة تقود إلى هيمنة القرار الإسرائيلي على القرار الأمريكي في عهد ترامب او على الأقل تأثيره الشديد عليه؟

ماذا سيحصل لو نفذ ترامب وعوده التي قطعها لإسرائيل خلال الحملة الانتخابية والتي تعتبر استفزازا واضحا للفلسطينيين؟

بما أن هناك ضرورة لمعرفة مواقف الحكومة الإسرائيلية القادمة بعد استلام ترامب منصبه في العشرين من الشهر الجاري، توجه إلمار بروك،رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي، إلى إسرائيل وسمع ما يثير قلق الفلسطينيين. فقد صرح بعد اجتماعه مع مسؤولين إسرائيليين، أن إسرائيل تتطلع بشغف كبير إلى استلام دونالد ترامب منصبه. وقال بروك، المعروف بمواقفه المؤيدة لإسرائيل، إن الإسرائيليين يتوقعون من ترامب تقديم التأييد الكامل لسياسة الاستيطان في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل. ويأمل بروك أن يكون بعض السياسيين الواقعيين في الغرب على حق عندما قالوا أنه ليس من المعتاد أن يعمل الرئيس المنتخب بكل ما صدر عنه في الحملة الانتخابية، مثل الوعود التي ذكرها حول إسرائيل الأمر الذي قد يحدث هزة مدوية في منطقة الشرق الأوسط.

وأوضح بروك، الذي زار مع برلمانيين أوروبيين مناطق السلطة الفلسطينية والأردن، أنه شعر خلال المحادثات التي أجراها مع مسؤولين إسرائيليين، أن حكومة الائتلاف الإسرائيلية، التي قال إنها تتبنى مواقف متشددة، لا تفكر في التفاوض مع الفلسطينيين ولا في دفع عملية السلام إلى الأمام، بل أصبح الحديث يدور حول احتمال ضم إسرائيل لكل الضفة الغربية. ويقول الإسرائيليون أنهم يحتاجون إلى تأييد ودعم الرئيس الأمريكي القادم لتحقيق هذه الخطوة، ويتطلعون للحصول على دعمه لسياسة الاستيطان الإسرائيلية.

ولدى سؤاله عن توقعاته تجاه التعاون المقبل بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في عهد ترامب، أجاب بروك: «كما نعرف، فقد أثار القرار الأممي الأخير الذي دعا إلى وقف الاستيطان، غضب الإسرائيليين، ويسعون الآن إلى إضفاء الشـرعية القانونية على بناء المستوطنات في الأراضي التي تصادرها إسرائيل من العائلات الفلسطينية خاصة في القرى».

وفيما يتعلق بقضية الجندي الإسرائيلي الذي قتل فلسطينيا كان قد سقط جريحاً على الأرض بحيث لم يعد يشكل خطرا على أحد، ودعوات المتشددين الإسرائيليين لإطلاق سراح هذا الجندي، أوضح بروك أنه سمع بأن إسرائيل تعتزم تعديل قوانينها لهدف منع صدور أحكام ضد الجندي برغم قتله فلسطينيا مصابا.

وأشار بروك إلى أن موقف المسؤولين الإسرائيليين من العودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين كان سلبيا للغاية، وأنهم بادروا بالحديث عن مشـروع ضم الضفة الغربية بغض النظر عن العواقب والمخاطر التي سيسببها هذا القرار، مثل تبدد الآمال بتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وقال بروك إن زعيم المعارضة الإسرائيلية، يتسحاق هرتسوغ، وكثيرين من أمثاله، يريدون نهج سياسة مخالفة لسياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية. إلا أن استلام ترامب السلطة في واشنطن، يمكن أن يعرقل جهودهم، مما سيؤدي إلى جمود عملية السلام لفترة من الزمن.

وزعم بروك أن الفلسطينيين أيضا لا يريدون التفاوض مع الحكومة الإسرائيلية الحالية، وأن كل طرف يتهم الآخر بعدم رغبته بالتفاوض. وأشار إلى أنه في ضوء تغير موازين القوى في سوريا بعد استعادة الحكم السوري مدينة حلب وإخلائها من الجماعات المعارضة، بدأت إسرائيل تدرس عواقب التحالفات التي نشأت بسبب الحرب السورية، بين روسيا وحكم بشار الأسد وبين الأخير وإيران، إضافة إلى الميليشيات الشيعية من العراق ولبنان، حيث إن إسرائيل تنظر بارتياب إلى هذا التحالف، وتريد الحفاظ على تفوقها العسكري، بعد استلام ترامب منصبه في الأيام القادمة.

وحول فرص أوروبا التي فقدت الكثير من نفوذها في المنطقة بسبب الأزمة السورية، في دعم عملية السلام في المنطقة في ظل الأوضاع الراهنة، أعرب بروك عن رأيه بضرورة تنشيط الجهود الأوروبية، رغم ضعف إمكانيات التأثير الأوروبي على التطورات الجديدة في المنطقة.

واقترح بروك إحياء دور اللجنة الرباعية الدولية المؤلفة من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة،التي تطرق قرارها إلى مقترحات اللجنة الرباعية ذات الصلة مع مبادرة السلام العربية.

وقال بروك «إنه ينبغي العمل في هذا الاتجاه وإقناع العرب بتجديد مبادرتهم، وأضاف أن فرصة أوروبا تكمن في كونها تتمتع بسمعة جيدة لدى الفلسطينيين الذين يشيرون إلى انحياز الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل التي تنظر بارتياب إلى أوروبا.

وقال بروك إن علينا التحرك بشكل جماعي عبر اللجنة الرباعية والعرب وأوروبا، لكننا لا نعرف النهج الذي ستعمل به الإدارة الأمريكية الجديدة، فقد سمعنا صدور تصـريحات سلبية للكونجرس الأمريكي لا تبعث على الاطمئنان. ولذلك نأمل بأن تتعاون الولايات المتحدة الأمريكية مع الأطراف المعنية، بغض النظر عن التصـريحات التي أدلى بها ترامب».