893099
893099
إشراقات

مساعد المفتي العام للسلطنة: تنشئة البنت على احترام الأحكام الشرعية والتقيد بها يعزز محافظتها على قيم العفّة والكرامة والشرف

12 يناير 2017
12 يناير 2017

شدد على أهمية أن يولي الوالدان الرعاية اللازمة لها -

عرض : سيف بن سالم الفضيلي -

دعا فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة إلى أن تنشأ البنت على احترام الأحكام الشرعية، وعلى التقيد بهذا الأمر الذي يعزز محافظتها على قيم العفّة والعفاف والكرامة والشرف.

وشدد على أهمية أن يولي الوالدان ابنتهما الرعاية اللازمة في تنشئتها على ما يرسخ لديها خصال البنات لكي تكون امرأة بعد ذلك بعيدة عما حذّر منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من تشبه النساء بالرجال أو من ترجُّل المرأة.

منبهًا إلى أنه حينما تكون البنت صبيّة صغيرة لا يعني أن يفسح لها المجال في كل الأحوال، لا بد من أن تعود بين الفترة والأخرى وأن يراعى ذلك أيضا في القدوات، فتشكيل الأولاد في المراحل الأولى من حياتهم دلت عليه الأدلة الشرعية ويؤكد عليه المتخصصون اليوم.

وحذر من أن قضية التربية هي ليست قضية هامشية جزئية في واقعنا؛ ويوم أن أخللنا بمسؤولياتنا في تربية أولادنا إذا بالمشكلات التربوية والتعليمية والدينية تتفاقم.

ونصح فضيلته الآباء باستشارة المتخصصين في المجالات التربوية والتنشئة الأسرية لمعالجة الأطفال منذ البداية حتى لا تتفاقم المظاهر التربوية التي يعانون منها وتتحول بعد ذلك إلى طباع وسجايا أصيلة يصعب تخليص الأولاد ذكورًا وإناثًا منها وأن يكون هناك تعاون داخل الأسرة وداخل المجتمع «البيت والمسجد والمدرسة والأندية» وغيرها من المرافق التي يتجه إليها حتى في المجمعات التجارية.

وهذا من التعاون على البر والتقوى لا يصح أن نتواكل ونتدافع المسؤوليات كما أنه لا يصح أن نعزل أنفسنا عن هذا الواقع ويظن الوالدان أن بإمكانهما أن يقوما بكل شؤون التربية بعيدًا عن تواصلهم مع هذه المؤسسات.

وأوضح فضيلته أنه حينما يصل الفرد إلى سن التكليف الشرعي فإنه يكون مسؤولا أمام الله سبحانه وتعالى ومعنى التربية عندها سواء من الأب أو الأم يختلف حيث تكون أقرب إلى النصح والوعظ وأقرب إلى الصحبة بين الوالدين وبين ولدهم الرجل أو المرأة .. وإلى ما جاء في الجزء الأخير من حلقة «سؤال أهل الذكر».

تنظر بعض العائلات إلى البنت بأنها بريئة إلى أن تكبر فلا ينظرون لنوعية ملابسها وتنمية الحياء عندها ظنا أن ذلك لا يكترث به إلا عند بلوغها، متى يبدأ الاهتمام بالبنت أخلاقيا؟

يبدأ الاهتمام بالبنت منذ ولادتها ونحن نجد هذا المعنى في كتاب الله عز وجل واضحا جليا، إلا أن كثيرا من المفسرين والفقهاء للأسف الشديد لا يتعرضون له؛ لأن السياق الذي ورد فيه هذا المعنى سياق يتحدث عن الرد على المشركين وعلى عادات أهل الجاهلية في نفس السياق الذي يبين الله سبحانه وتعالى فيه سوء معتقد أهل الجاهلية بما ينسبونه إلى الله تبارك وتعالى من كون الملائكة ينسبون إليه البنات وأنهن إناث فيقول: «وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ، أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ» هذه الآية في مفرداتها ما يدل على معنى تربوي بالغ الأهمية وهو أن البنت ينبغي أن تنشأ على ما يعزز فيها صفات الأنوثة ولذلك استخدم القرآن اظهر صفات الأنوثة وقال: «أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ» فالتنشئة تعني مصاحبة هذا الأمر للوجود منذ بدايته إلى حد التلبس به، وكأن ذلك ظرف لهذه التنشئة، فتنشأ البنت على الحلية؛ هذا من ألزم صفاتها تنشأ على ما يتناسب مع أنوثتها في الحلية فيما تستخدمه من ذهب وجواهر وما يستلزمه أيضا ذلك من ملابس تتناسب وطبيعة البنت تتناسب وأنوثتها، فلذلك وجه هذا الوصف مع انه غير مقصود به بالذات

في هذه الآية الكريمة إلا انه معنى واضح «أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ» فدل هذا الجزء من الآية على أهمية أن يولي الوالدان ابنتهما الرعاية اللازمة في تنشئتها على ما يعزز لديها خصال البنات لكي تكون امرأة بعد ذلك بعيدة عما حذّر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم من تشبه النساء بالرجال أو من ترجُّل المرأة، فهذا مما حذر منه رسول الله صلى عليه وآله وسلم في أكثر من حديث وبيّن أن فاعلة ذلك مطرودة من رحمة الله عز وجل، فقد يكون أولياء الأمور شركاء في هذا الوزر لأنهم لم يولوا البنت العناية اللازمة في هذا الجانب في هذا الملحظ النفسي التربوي العاطفي فإذا بالنتيجة بعد ذلك هو صعوبة أن تنفك البنت عما تمسكت به من تشبه بطباع الذكور من الأولاد في لبسها في حليها في مخالطتها في لعبها ولذلك نحن نؤكد ناصحين على الوالدين أهمية أن يولوا هذا الجانب رعايتهم منذ نعومة أظفار البنات.

ثم لا ريب أن هناك خصالا خُلُقية هي ألزم في حق البنت منها في حق الولد الذكر، كخلق الحياء، ونحن نعلم أن الحياء خلق محمود في هذا الدين بدليل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعله من شعب الإيمان كما في الحديث «الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها كلمة لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى من الطريق، والحياء شعبة من شعب الإيمان»، وفي رواية «الحياء خير كله ولا يأتي إلا بخير» فالحياء في حق المرأة أدعى وألزم فلا بد أن تنشأ على ذلك، ولذلك راعى هذا الدين هذا الخلق سواء كان خلقا فطريا زكته بعد ذلك التربية والتنشئة الصالحة أو نتج من خلال التربية والتدريب والتعليم عليه ولو لم يكن نصيب الفرد منه نصيبا وافرا عند الولادة فطرة، إلا أنه يتحصل بالتنشئة والتربية الصالحة عليه فراعت الشريعة هذا الجانب في إذن المرأة حينما تخطب فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «وإذنها صُماتُها» فصمتها عد موافقة لها وروعيت حالتها أنها قد تستحي من ان تعبر عن موافقة على من تقدم اليها خاطبا ، فإذا لا بد أن تنشأ البنت على ذلك لا بد أن يغرس فيها هذا الخلق الأصيل.

ثم كذا الحال بالنسبة لخلق العفّة فإنه في حق المرأة أظهر وألزم فلأن المرأة حيطت بسياج من الآداب يحفظ لها كرامتها وعفافها ويصون لها منزلتها فلا بد ان تنشأ على ذلك، هي تختلف في جملة من الأحكام الشرعية عن الرجال، تختلف فيما يتصل بسفرها لوحدها فقد دلت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن المرأة لا تسافر ما يصدق عليه أنه يصدق سفرا شرعا إلا ومعها زوج أو ذو محرم فهي تختلف بذلك عن الرجال، ليس لها أن تخالط الرجال، ثم ليس لها ان تبدي زينتها فإذن هذه الخلال مما

يتصل بغرس معاني الحصانة والعفاف استتبعت بأحكام شرعية –هي لم تترك فقط مجرد خلال وآداب تنشأ عليها نظريا البنت من قبل والديها– إنما زكتها جملة من الأحكام الفقهية التي على الوالدين ان يعلما عليها ابنتهما أو بناتهما، فمما يعزز محافظة المرأة على قيم العفّة والعفاف والكرامة والشرف هو أن تنشأ أيضا على احترام هذه الأحكام الشرعية وعلى التقيّد بها في سفرها وفي خروجها، وفي لبسها وفي مخالطتها للأجانب من الرجال.

لا بد ان تنشأ على ذلك منذ نعومة أظفارها وإلا شبّت البنت عن الطوق وما امكن بعد ذلك أن تراعى وان توجه بنصح وإرشاد إلى ما يضمن بقاءها على الجادة المستقيمة وعلى الصراط الأقوم والله تبارك وتعالى يقول: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ» ولنتصور أن أما ترى ابنتها تقترب من نار فإنه لن يعتب عليها أحد إن دفعتها بقوّة وقست عليها في هذا الموقف لكي تبعدها عن النار، لأن في ذلك سلامة لها وحفظا لحياتها، فمن باب أولى أن يكون توجّه الوالدين لوقاية أولادهم جميعا ذكورا وإناثا لا سيّما الإناث بحسن الرعاية وبالتأديب الذي لا يعني العنف لكنه لا يعني أيضا التدليل الزائد والخروج عن حدود الاعتدال بما يحقق تحصينهم ووقايتهم من الوقوع في نار جهنم -والعياذ بالله-.

النبي أمر بالتدرج

الأم تتساءل كيف أعوّد ابنتي، وهي صغيرة على التزام هذه الآداب، هناك صديقات بالنسبة لها يكنّ أفضل تسريحة للشعر يكنّ أفضل ارتداء للملابس، هناك أيضا قنوات فضائية تعتمد على أناشيد الصغار وغيرها وتظهر فيها في منتهى الجمال إلى غير ذلك، هل تطالب بذلك فقط من أجل أن تتعود لاحقا على اللباس والحشمة الشرعية أم ذلك أمر لا بد منه؟

لا ريب أن تعويد البنت على هذه الآداب وعلى الالتزام وعلى الحشمة انما يكون مراعاة لعمرها، ونحن نجد أن هذا التدرج قد لوحظ حتى في تربية الولد فرسول الله صلى عليه وسلم يقول: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر، ثم قال: وفرقوا بينهم في المضاجع» فإذا هناك مراعاة للأعمار التي تستدعي آدابا معينة، فهناك في سنيّ الطفولة الأولى لا حاجة إلى التقيد والالتزام بالستر الذي تحتاج إليه حينما تكون أكبر من ذلك، ولا ريب أن هذا أيضا هو أخف قليلا وأيسر مما تحتاج إليه حينما تناهز

سنّ المراهقة لكن من نشئ على شيء شب عليه فلا يعني مثلا حتى حينما تكون البنت صبية صغيرة لا يعني أن يفسح لها المجال في كل الأحوال، لا بد من أن تعود بين الفترة والأخرى وأن يراعى ذلك أيضًا في القدوات «الأم والأخوات الأكبر سنًا» بحيث تتشوق هذه البنت؛ لأن هذه الأسرة تشكل المولود كما يريدون فإذا لا بد من إحاطة هذه المسألة.

وقضية التربية هي ليست قضية هامشية جزئية في واقعنا ويوم أن أخللنا بمسؤولياتنا في تربية أولادنا إذا بالمشكلات التربوية والتعليمية والدينية تتفاقم، أما إذا أحطنا الأولاد ذكورًا وإناثًا منذ الصغر بحسن التربية وحسن الأدب وجميل الرعاية فإنه لا ريب سوف يغنينا ذلك عن كثير من المشكلات والصعوبات لكن هذا يستلزم فقها بكثير من الأحكام الشرعية فإذا كان الإنسان حينما يريد أن يمارس عملاً من الأعمال أو عبادة من العبادات فإنه لا ريب انه يحتاج إلى أن يتعلم كيف يؤدي ذلك، كذا الحال بالنسبة للتربية هناك جملة من الأحكام الشرعية الفقهية -كما قلت- أنا أشرت إلى تعزيز الأنوثة في البنات كذا الحال بالنسبة للأولاد الذكور يعزز عندهم معاني الذكورة معاني الرجولة لأن طبيعة كل جنس من الجنسين تختلف، فلا ينبغي أيضا إهمال الولد الذكر وجعله في وسط بنات فقط ويلعب بألعاب البنات ويتحدث كما تتحدث البنات -كما قلنا بالنسبة إلى البنت- لا يتساهل فيما يتصل ببعض الأحوال فبعض الآباء يضحك عندما يرى ابنته الصغيرة تريد أن تلبس لبسة أخيها أو يرى الوالدان أن ابنهم الذكر يريد أن يلبس لبسة أخته لا ينبغي أن يتساهل فهيا وينبغي أن تعالج بحكمة ولكن بحزم.

النصح والوعظ والصحبة أقرب

هل هناك أمد معين تنتهي عنده مسؤولية الأب عن تربية ابنته؟

التربية بمفهومها تعني القيام بالشؤون والرعاية، ولا ريب أنه حينما يصل الفرد إلى سن التكليف الشرعي فإنه يكون مسؤولاً أمام الله سبحانه وتعالى ومعنى التربية عندها سواء من الأب أو الأم يختلف، هنا تكون أقرب إلى النصح والوعظ، أقرب إلى الصحبة بين الوالدين وبين ولدهم الرجل أو المرأة، حينما يبلغون سن الرشد، لكن التشكيل انما يكون في هذه المراحل الأولى من حياته هذا الذي دلت عليه الأدلة الشرعية وهذا الذي يؤكد عليه المتخصصون اليوم.

ومن العلم أيضا أن يستشير الوالدان المتخصصين في المجالات التربوية والتنشئة الأسرية لا مانع من ذلك، لمعالجة الأطفال منذ البداية حتى لا تتفاقم هذه المظاهر وتتحول بعد ذلك الى طباع وسجايا أصيلة يصعب تخليص الأولاد ذكورا وإناثا منها.

كذلك لا بد من التعاون داخل الأسرة وداخل المجتمع، وداخل المجتمع أقصد هنا كل المؤسسات المعنية عن التربية من «البيت والمسجد والمدرسة والأندية» وغيرها من المرافق التي يتجه إليها حتى في المجمعات التجارية لا بد أن تلاحظ هذه المعاني وهذا من التعاون على البر والتقوى لا يصح أن نتواكل ونتدافع المسؤوليات كما انه لا يصح أن نعزل أنفسنا عن هذا الواقع ويظن الوالدان أن بإمكانهما أن يقوما بكل شؤون التربية بعيدا عن تواصلهم مع هذه المؤسسات.

الأطباء يرونه في مصلحة البنت

..«خفض البنات» هل وردت فيه سنة معينة؟

أنا في الحقيقة ضعيف عن الإجابة عن هذا السؤال وعن غيره من الأسئلة، وكم أتمنى أن تعد هذه المسألة مسألة طبية يقول فيها الأطباء المتخصصون كلمتهم، لأن الذي يوجد من أدلة شرعية فيما يتصل بخفض البنات –حسب اطلاعي البسيط– أدلة يغلب عليها الضعف، وإذا استثنينا ما ورد من تسمية الموضعين بالختانين (إذا التقى الختانان ...) وما ورد من توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة الخافضة بقوله: (أشمي ولا تنهكي) أي ألا تبالغ في الخفض، فإن غيرها من الروايات والآثار كما قلت في الغالب هي بين ضعيف وموضوع، لكن هذه الروايات في حد ذاتها حتى عندما يقولون بتحسينها، ولو لغيرها فإنه لا يؤخذ منها حكم تكليفي، غاية ما يؤخذ منها هو توجيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للمرأة الخافضة بألا تبالغ فلا تنهك في الخفض وهذا توجيه منه -صلى الله عليه وآله وسلم- لما كان موجودًا قائمًا هناك.

حتى إذا أريد أخذ حكم شرعي فلا يعدو الإباحة أو في أقصى تقدير الاستحباب لكن لا يمكن أن تؤخذ المسألة أبعد من ذلك.

وهناك من الأطباء المسلمين الثقات -حسب ما قرأت وأطلعت- من يرون أن في ذلك مصلحة للبنت ويذكرون أدلتهم العلمية الطبية على ذلك، نعم هناك في المقابل من يرى غير ذلك، لكن جملة من الأبحاث قام عليها أطباء مسلمون معنيون بمثل هذه القضايا تؤكد هذه الحقيقة وبالتالي هذا الإرشاد النبوي هو الذي نحث عليه الآباء والأمهات، لكن كما قلت من الصعوبة أن نحاول استنباط حكم تكليفي شرعي يزيد على الاستحباب في أغلب الأحوال أن لم يكن واقفا عند الإباحة الشرعية.

لا أرى حرجا في ذلك

في بعض الأحيان الانسان يتمنى ان يكون أبناؤه ذكورا فيدعو الله سبحانه وتعالى ان يهبه إبنا هل في ذلك شيء من الحرج؟

لا أرى في ذلك شيئا من الحرج لأن الله سبحانه وتعالى قد امتن بنعمة الولد بالذكور والإناث على عباده فالذي يسأل عنه السائل راض بقضاء الله سبحانه وتعالى لكن لمصالح معتبرة شرعا يتمنى أن يرزق بالأبناء الذكور ممن يحملون اسمه من بعده فيبقى له ذكر طيب.