895187
895187
المنوعات

قاسم حداد يستحضر جماليات الشعر وأحاديث الذكرى في أمسية بالنادي الثقافي

11 يناير 2017
11 يناير 2017

895188

الجبل الأخضر ارتبط في ذهنه وارتكز بمخيلته منذ الطفولة -

مسقط- عمان -

أقيمت مساء أمس الأول في النادي الثقافي أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد، أدارها الشاعر سماء عيسى، بحضور عدد من المثقفين والمهتمين بالشعر.

تنوع الشاعر في أنماط قصائده بين القصائد الوطنية والغزلية والقصائد الأخرى، وتأتي هذه الأمسية الشعرية، افتتاحًا لموسم ثقافي متنوع ليكون الشعر مفتتح عام 2017 الذي يحمل في طياته الكثير من الفعاليات والأنشطة الثقافية والفكرية، التي يسعى النادي الثقافي من خلالها عامًا بعد عام إلى تنويع فعالياته وأنشطته سعيًا إلى تعزيزه للمجالات الثقافية والفكرية والعلمية لجميع المهتمين بمختلف مستوياتهم.

وتحدث الشاعر سماء عيسى في مقدمة الأمسية حول المشوار الأدبي للشاعر قاسم حداد، والذيب ربطه بعلاقته منذ الطفولة بعمان، وأوضح الشاعر سماء عيسى في مقدمة تعريفه بالشاعر أن عمان ارتبطت بطفولته، وشكل الجبل الأخضر الذي توافد إليه الخليجيون والبحرينيون للعمل وغيره، فارتبط في ذهن الشاعر وارتكز في مخيلته منذ الطفولة، وغدت عمان إحدى ركائز الشاعر في كتابة القصيدة منذ قصيدته الأولى عن عمان في عام 1976، وكتب بعدها مجموعة من القصائد عن الجبل الأخضر وعمان تفيض بالتصوف، وحين جاء ليصعد الجبل الأخضر حمل بداخله حب الطفولة، وهو في الخمسين من عمره، وأخذ معه عند رحيله من الجبل شظية لطائرة أسقطها المقاتلون آنذاك، وحذاء طفلة كان منزل أبويها قد احترق وأضحى رمادا، وقال أيضا سماء عيسى: «الحب يستكمل دورته وهو -قاسم حداد- يرحل إلى الجنوب العماني، حيث شكل له تجربة جبل سمحان خيط دم من الشعر، ظل يناجي الجنوب عبر شهيدته الأولى «طفول» في قصائد حب صوفي عميق، وشكلت الطفلة له رمزًا في شعره».

وبدأت الأمسية بكلمات جميلة قدمها الشاعر قاسم حداد حول أهمية تقديم الشعر في هذا الزمن حيث قال: «سعادتي مضاعفة للقائكم هذه المرة؛ لأن تاريخ علاقتي المباشر بعمان بدأ بهذا النادي في منتصف الثمانين، وها هي تتكرر الدعوة الثانية، وأحب أن أشير إلى الاهتمام باللقاء الشعري والشعر عمومًا في هذه المرحلة، ودعوة النادي لي وللشعراء الآخرين، وهي دلالة رمزية للتشبث حيث تعد هذه الشرفة الأخيرة للمواطن العربي بعد فقده لكل وسائل التعبير وكل منصات القول وكل مسافات الحرية المفقودة، كما لو أنه استعادة لزعم العربي بأتن الشعر ديوان الرعب، وهو الرثاء العميق لما نفقد هذه الأيام والسنوات، وهذه الدلالة وتجديد العلاقة بالشعر هي دلالة إيجابية، لعل المنظومة العربية تعي أهمية الثقافة في بناء الشعب والحضارات، حيث غاب مؤخرًا أن سبب التخلف هو غياب المعرفة والفن والأدب وكل ما له علاقة بالإبداع».

ويحلق الشاعر بحضور الأمسية نحو فضاءات الشعر الجميل، فيلقي قصيدة الوقت التي جاء في مطلعها:

«كم سوف يبقى من العمر

كي أسألَ الله أن يجمعَ الأصدقاءَ

ويرسمَ حبَّ العدوّ لهم ويؤلّفهم في الكتاب الجديد

بما يمسح الحقدَ من قلبهم

ثم يسعى بهم للبعيد القريب من الناس يستوعبون الجراحَ

ويَحْنُونَ أعناقَهمْ للصديقْ

وألقى الشاعر كلماته الجميلة في «ما البحرين؟»:

حتى إذا سألته: ما البحرين؟، قال:

إذا كنتَ تقصد البحرين عندنا، فهي التي إن بدأتْ في رأس عُمان فلن تنتهي عند نهر البصرة

وأن كل ما بينهما فضاء مزيج بين الوقت والمكان.

وسوف يشمل أقاليم ساحل البحر وداخل الجبل.

ويطال هجر والإحساء جميعها.

غير أن هذا كله

لم يكن ليعني شيئًا

عندما نهمُّ نزوحًا عن مكان أو نسعى رحيلاً إلى مكان.

فالبحرين عندنا هي الآفاق التي تستعصي على التخوم وتفوق الوصف

وأنهى قاسم حداد قصيدته في ختامها حيث قال:

«فإذا سألوك عن البحرين.. قل لهم:

إذا هم رأوا ذلك المكان رحباً شاسعاً مفتوحاً متصلاً متواصلاً بالشكل الذي رأيناه..

فسوف يصحُّ لهم الظنُّ بأن ثمة بلاداً تتجاوز البحرين لتصير بحاراً كثيرة،

فيها من الشعر ما يكفيها،

وتزداد بحرا كلما استيقظ في زرقتها شاعر جديد.

وإذا كنت تعني أرضا مجزأة ممزقة أمضيتُ عمري القصير أرفوها بالشعر شلوا شلوا

وأخيط فتوقاً ساحقة فيها، أنشد في جبال عُمان فيسمعني أهل البصرة.

إن كنتَ تعني أقاليم مقسَّمة سهرتُ أزكِّيها بكلماتي،

وأمشي في عطر لياليها بالنخل والورد واللؤلؤ.

إن كنتَ تعني حدودَ الأفق ذاك .. فذلك بيتي».

الجدير بالذكر أن الشاعر قاسم حداد شاعر بحريني معاصر من مواليد 1948. شغل إدارة عدد من المراكز القيادية، وشارك في تأسيس (أسرة الأدباء والكتاب في البحرين)عام 1969. تولى رئاسة تحرير مجلة كلمات التي صدرت عام 1987 وهو عضو مؤسس في فرقة (مسرح أوال)، ترجمت أشعاره إلى عدد من اللغات الأجنبية. شارك في الكثير من المهرجانات والندوات والمؤتمرات. يكتب مقالاً أسبوعياً منذ بداية الثمانينات بعنوان (وقت للكتابة) وينشر في عدد من الصحف العربية. كتب عن تجربته الشعرية عدد من الأطروحات في الجامعات العربية والأجنبية، والدراسات النقدية بالصحف والدوريات العربية والأجنبية. له العديد من المؤلفات منها: البشارة - البحرين – أبريل 1970، خروج رأس الحسين من المدن الخائنة - بيروت - أبريل 1972، قلب الحب - بيروت - فبراير 1980، الجواشن (نص مشترك مع أمين صالح) - المغرب – 1989،

يمشي مخفوراً بالوعول - لندن – 1990، له حصة في الولع – دار الانتشار – بيروت – 2000، المستحيل الأزرق (كتاب مشترك مع المصور الفوتوغرافي صالح العزاز) ترجم النصوص إلى الفرنسية /‏‏‏ عبد اللطيف اللعبي، والإنجليزية، لستَ ضيفاً على أحد -المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت –2007، لستِ رحاً ولا خنجراً- الهيئة العامة للكتاب –القاهرة- 2012، سماء عليلة – دار مسعى- 2013. وآخر أعماله: أيها الفحم يا سيدي، (دفاتر فنسنت فان غوخ) - دار مسعى- 2015، وفاز الشاعر قاسم حداد مؤخرا بجائزة أبي القاسم الشابي للإبداع الأدبي التي عادت هذا العام للساحة الثقافية في تونس بعد توقفها منذ 2011م لتكون هذه الجائزة تتويجا لمسيرته الشعرية البارزة على الساحة العربية، لتكون هذه الأمسية احتفالا بالشاعر وبالجائزة التي حصل عليها.