889608
889608
مرايا

«تزيين العرائس» في المغرب حرفة تجذب الرجال

11 يناير 2017
11 يناير 2017

في الأعراس المغربية، لا يمكن التخلي نهائيا عن دور ما يعرف بـ»النَكافة»، أي المرأة التي تشرف على اختيار ملابس العروس يوم حفل الزفاف باعتبارها ليلة العمر، وترافقها خلال الحفل لتظهر العروس في أبهى حلة ومنظر. وعلى مر سنوات طويلة، كانت ومازالت «النَكافة» (بفتح النون ) تحضر بثقلها يوم احتفال العروسين بزواجهما، فيكون لها الدور في اختيار الملابس التي تظهر بها العروس، كما تتدخل في برمجة الحفل من حيث عدد الطلعات التي ستظهر فيها العروس، وأيضا من حيث توقيت تغيير نوع اللباس بآخر، هذا مع العلم أن العروس، قبيل موعد الحفل، مطالبة بأن تطرق باب صالونات الحلاقة لاختيار تسريحة الشعر المناسبة، وأيضا لوضع الماكياج الذي يلائم بشرتها وشكلها، فهذان جانبان ليسا من اختصاص «النكافة» التي يفترض أن يبدأ عملها الرسمي في المكان حيث سيقام حفل الزفاف.

وإذا كانت مهنة «النِكافة» (بكسر النون عند الحديث عن المهنة) قد ظلت بزمن بعيد حكرا على النساء، فإنها في الآونة الأخيرة، بدأت تعرف إقبال بعض الرجال على ممارستها، وارتفع منسوب شغف هؤلاء عليها، إلى درجة أن هناك من بدأ يتحدث عن احتمال فتح الباب أمام منافسة حامية الوطيس بين الجنسين على هذه المهنة التي كانت إلى وقت قريب حكرا على النساء فقط.

وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) طرقت باب «دار المزوري لتنكيف وتزيين العرائس» في مدينة سلا، غير البعيدة عن العاصمة الرباط، فكانت أمام تجربة المصمم يوسف المزوري الذي ولج عالم «النكافة» لكن ليس بالصدفة، بل انطلاقا من رصيده الكبير في مجال التصميم وخياطة الألبسة التقليدية التي يعرف بها المغرب. فبعد تجربة غنية وطويلة في مجال التصميم والخياطة، دامت حوالي عشرين سنة، يرى يوسف المزوري أنه لم يعد يفصله أي شيء عن مهنة النكافة، وبحماس كبير، دخل غمار هذه المنافسة، التي يتحدث عنها بشوق كبير، ثم إنه لا يرى أي حرج في مزاولة مهنة ظلت لسنوات طويلة من اختصاص النساء، «فالنكاف إنسان له ذوق ويحسن اختيار الألوان والإكسسوارات ويعرف كيف يشرف على أحوال العروسين ليلة زفافهما من الأول إلى الآخر»، بهذا يعرف يوسف المزوري المهنة التي عشقها ولا يرى أي عيب في مزاولتها.

ويضيف يوسف لـ(د.ب.أ) الذي يجزم أنه من الخطأ أن يقال إن النكاف لا يمكنه أن يكون رجلا «مهمتي اقتراح الألوان وإعداد الألبسة سواء تعلق الأمر بالقفطان أو التكشيطة ( وهما نوعان من اللباس التقليدي المغربي المشهور عالميا)، كما أنني اقترح على العروس الإكسسوارات التي أراها تناسب ما سترتديه، أما التفاصيل التي تهم العروس عند دخولها أو مغادرتها لمكان الحفل، فإنني أكلف بها سيدة (تسمى المْعلمة) لأن هناك خصوصيات لا يمكن للرجل النكاف أن يشرف عليها بطريقة مباشرة، ونحن أبناء أصول والثقافة المغربية تفرض علينا هذا، عدا ذلك، فكل ما يرتبط باختيار اللباس الذي ستظهر به العروس في حفل زفافها، فأنا المسؤول عنه». يحرص النكاف يوسف المزوري على تصميم اللباس التقليدي للعروس بنفسه، ففي كل مرة، يهتدي إلى تصميم جديد يعرضه على زبائنه الذين يكون لهم مجال للاختيار، علما أنه يتدخل لأنه الأعلم بالموديلات، والأعلم بما سيناسب العروس من ألوان وأكسسوارات «فأنا بحكم مزاولة مهنة الخياطة لسنوات، أستطيع تنسيق الألوان واقتراح الألبسة التي ستناسب العروس، لذلك، أبحث عن الجديد في الموديلات وأجتهد بالأفكار الجديدة لأنال رضا زبائني وأكسب آخرين، فأنا عاشق لمهنتي التي أعطتني الشيء الكثير كما أنني أعطيتها الشيء الكثير».

عموما، عندما تلجأ العروس إلى «النكافة»، فإنها تعفى من اقتناء الألبسة، بل تقتصر على استعمال تلك التي يقترحها عليه «النكافة» أو «النكاف»، والشيء نفسه بالنسبة للإكسسوارات والحلي التي تزين بها العروس، فأغلب ما ترتديه ليلة الزفاف يكون في ملك النكافة لأنها ألبسة أنيقة ومصنوعة وفق تصميم متميز. كما أن هناك امكانية بالنسبة للبعض من اللواتي يفضلن ارتداء لباس جديد الصنع من قبل المصمم النكاف، لكن بثمن مرتفع مقارنة مع لباس سبق استخدامه في عرس آخر. وهنا يمكن للأسعار أن تفوق 30 ألف درهم (حوالي 3000 يورو) إذا كان التصميم جديدا وسيلبس لأول مرة، أما إذا كان الأمر غير ذلك، فإن الأسعار يمكن أن تبدأ من 10 آلاف درهم (حوالي 1000 يورو) وذلك بالنظر إلى طبيعة اللباس والإكسسوارات والحلي. المهم بالنسبة لمن يزاولون مهنة النكافة أن العروض لا بد أن تكون في متناول الجميع، وأن تلبى رغبات العرائس رغم اختلاف مستوياتهم الاجتماعية ورغم قدراتهم المادية، ثم إن هذا التنوع جعل الرواج في هذه المهنة ملحوظا، بحيث أنه خلافا لسنوات مضت حيث كانت الأعراس ترتكز على فترة الصيف، فإنه حاليا لم يعد تنظيم حفل الزفاف مقرون بهذا الفصل، على اعتبار أن قاعات الحفلات حيث تقام الأعراس تبقى مزودة بالتجهيزات اللازمة التي تسمح بتنظيم الحفل في أحسن الظروف، خصوصا مع الدور الذي تلعبه «النكافة» أو «النكاف» في ضمان تنظيم محكم لظهور العروسين، وضمان راحتهما.