dalia
dalia
أعمدة

مدار : السؤال الحائر

11 يناير 2017
11 يناير 2017

داليا علي -

امازالت تحبه؟ لم تعد تدري، لكنه لازال حبها الأول وصديقها العطوف ومحور نبضاتها لسنوات اقترب فيها شعرها على المشيب، لكن العالم تغير كثيرًا منذ افترقا، ما عاد لشيء مذاقه المألوف، ولم تعد هي كما كانت منذ ذلك الوداع الذي احتبست فيه كل مشاعرها على حدود شفتيها حين كانت تستحلفه أن ينتبه لنفسه لأنها لن تكون بجواره لتراعيه كما كانت.

كل الكلمات التي ابتدعتها يومها كي لايتوقف الحوار الأخير بينهما لم تكن لرغبتها في الكلام معه بقدر ما كانت لرغبتها في تأمله واختزال صورته الحية في مقلتيها لتحيا بهما بعد رحيله عمرًا آخر يعينها على فراقه، فما تريد أن تخبره به ليس مسموحًا على مائدة المباح، تمنت لو صرخت قائلة: يا حبيبي ابق ولا تغادر، كن لي وسأخبرك بكل ما أخبئته لسنوات بقلبي، أنت أغلى ما عشته من حنين وشوق وحب فاعذرني إن اتقنت تضليلك كي لا تلحظ ذلك.

هي ترفض فكره رحيله بالكلية ولكنها تشاركه ترتيب اشيائه، تنكر حالة الخداع التي يمارسها كلاهما بحرفية يحسدان عليها حين يضلل كل منهما نظراته المفعمة بالشوق واللهفة بادعاء البحث عن شيء ضل طريقه بين الحقائب والصور، تلك الصورة التي اختارتها لتملأ عليها فراغ غيابه كانت الأقرب لقلبها لأن ملامحه فيها كانت أشبه ما يكون به.

كان التلعثم ومحاولة اخفاء حقيقة مشاعرهما هما اصدق ما كان يومها، لم تكن صادقة حين اخبرته كم الساعة؟ كانت تريد أن تعترف له بحبها لكن خذلها الحياء واللاحيلة، لم تشأ أن تعطه مصحفها تذكارًا، بل ارادت أن تقول له سأظل في انتظارك حتى لو لم تعترف بأنني فتاتك التي تنكر انك غارق في براثنها حتى النخاع، لن أصدقك لو انكرت حتى آخر العمر، فمشاعرنا أعمق من أن نبوح بها، كل ما قيل يومها لم يكن الحقيقة، وكل ما استدار بعد الوداع ليعودا به كان الأصدق على الاطلاق.

الآن تغير كل شيء.. غابت الوجوه وعصف بالقلب ما كان مختبئًا حتى أتى على كل ما فيه، وذاب الشوق من فرط الغياب،وتغير كل ما فيهما، حتى اجابة السؤال الأعمق صارت باهتة.. هل لازالت تحبه حتى اليوم؟ لا اجابة، ومنذ متى كانت الأسئلة تلقى الاجابات التي ترضيها في الوقت المناسب؟ ومنذ متى كان ما نقوله هو ما نريده؟

ربما كان بإمكانها أن تجيب لو كانت مُنحت حرية الاعتراف وقت أن كان قلبها يعصف بها وتمنت لو أن العالم توقف ليمنحها حقها في أن تفاجئه قائلة: يا رفيقي أحبك،

كل ما هي موقنة منه الآن أن يومًا ما كانت مشاعرها نحوه أصدق ما عاشته على الاطلاق.

[email protected]