salem
salem
أعمدة

نوافـذ :خارج السرب

09 يناير 2017
09 يناير 2017

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

الفرد والمجتمع تشكيل متلازم منذ أول خلق الله على هذا الكوكب الذي دبت فيه الحياة بين الكواكب الأخرى، ومجرات هذا الكون.

لذلك بقي طوال عصور الخليقة يؤثر الفرد في توجه المجتمع نحو السلم أو العداء، لذلك يمثل الفرد محورًا ارتكازيًا مهمًا، وإن كان دور البعض هامشيًا فيه، لكنه يشكل جزءا من ذلك النسيج، وتصنع توجهاته في أي من المسارات نمطًا حياتيًا إن لم يراقب أو يعاد إلى مساره الطبيعي فإنه يكبر مع الوقت، ويصبح واقعا لابد من مواجهته آجلا أم عاجلا بقصد علاجه.

لذلك فإن سلوك الفرد منا في المجتمع يمثل أهمية كبرى حتى وإن استصغرنا هذا التصرف أو العادة التي نحاول أن نوجدها على اعتبار أنها غير مؤثرة.

ومع تطور المجتمعات الحديثة يتبعه سلوك شائن في كثير من مناحي الحياة وسلوك حميد في جانب كبير منها، لكن الشائن القليل يترك أثرًا مزعجًا على ولاة الأمر.

فالعادات التي اصطنعناها ورسخناها طيلة الـ46 عامًا من عمر عمان الحديث اليوم ندفع ثمنها، نعم؛ لأننا تساهلنا في بدايتها مع أبنائنا في تربيتهم وتعليمهم، وتركنا الحبل على الغارب في المدرسة، فلا نقبل أن يوجهه أو ينهره المعلم، وفي الحارة يجتمع مع رفاق السوء دون متابعة وعادة ما ينتهي في زنازين مراكز الشرطة، وفي البيت تركناه دون توجيه لنهل العلم والمعرفة، واتباع المسالك الحسنة في الدين، وتغافلنا عن زرع الاعتدال فيه والتسامح وتحمل أخطاء الآخرين، ولم نعوده على تجاوز الخطايا، ولم نزرع فيه روح المشاركة المجتمعية في احترام الجار، والقريب والبعيد، وعدم إزعاج الآخرين في أوقات راحاتهم.

كبر أطفالنا، وكبر معهم عدم الاهتمام واللامبالاة لتفاصيل الحياة اليومية في احترام الأم والابن، ومرت علينا تجارب مريرة بقيام بعضهم بقتل والديهم اختلافا في التوجهات العقائدية والدينية، وغسلت عقول الكثير منهم بأن المستحيل ممكن والخطأ صواب، وأن الإضرار بالوطن يعطيه المزيد من الشهرة، وأن الاختلاف مع الآخر يصنع له مكانه بين البشر.

وغفلنا مجلس الحي ودور المسجد ونسينا زرع أواصر الرحم مع العائلة وامتداداتها واحترام الكبير والصغير.

اليوم يشذ البعض عن السرب ليغرد بعيدًا، وهذا واقع من ردود أفعال العديد من أبناء المجتمع في وسائل التواصل التي أظهرت مواقف كثيرة في بواطن البعض كانت لعهد قريب مدفونة تحت عباءة الاحترام، أظهرت للأسف مواقف غريبة أيضًا تجاه القيم والعائلة والوطن، وهذا ما يقلق كثيرًا، ويعيق التقارب بين بعض الأفراد والمجتمع ليغرد البعض خارج السرب الذي يحلق في فضاءات الوطن، وتتحول اختلافاتنا معهم في الرأي تلقائيا إلى مواقف شخصية، وتكبر إلى عداءات وانتقام في العرض، وتكبر تلك الأحقاد، وتحتاج إلى المزيد من الجهد لاحتوائها، وهذا حال تتكرر مشاهده كل يوم.

نحتاج إلى المواطن الذي يبني أجيالاً تركن إليها مسؤولية المستقبل، إلى المواطن الذي يوجد في عقله وقلبه مساحة حب كبيرة للآخرين دون أن يكون مسلحًا بمواقف استباقية، إلى مواطن يعي أن نعمة الحياة منه كبيرة، وأن سماء وتراب الوطن لا يقدر بثمن.