883658
883658
مرايا

حصن جبرين .. تجسيد للمهارة العمانية في الزخرفة والهندسة المعمارية

04 يناير 2017
04 يناير 2017

حصن أو قصر جبرين هو أحد حصون بلدة جبرين بولاية بهلا بمحافظة الداخلية، ويعود تاريخ بنائه لعام 1670م، وقد أشرف الإمام بلعرب بن سلطان اليعربي على بنائه وتصميمه ليكون قصراً للإمام ولعائلته وحصناً دفاعياً وقت الحروب، بالإضافة إلى أنه كان منارة للعلم لما يضمُّه من قاعات للدراسة.

بنى بلعرب الحصن خلال إمامة أبيه الإمام سلطان بن سيف اليعربي، حيث أراد بلعرب أن يكون له مقر وسكن خاص فاستأذن والده باختيار الأرض لذلك المقام. وقد قام باختيار محل إقامته بعيداً عن مركز الإمامة ووالده والتي كانت نزوى في ذلك الوقت، كما أن الموقع غني بالماء، والأرض القابلة للاستصلاح الزراعي بشكل جيد. ويتكشف من خلال الدراسات والأقوال الشفهية أن القصر اكتمل بناؤه سنة 1670م وتولى بلعرب الإمامة سنة 1668م، أي أن القصر اكتمل تشييده خلال فترة إمامة والده وبداية إمامته.

التصميم

والحصن عبارة عن بناءٍ كبير مستطيل الشكل مكوّن من خمسة أدوار ويحتوي على 55 غرفة، ويبلغ طوله حوالي 43 متراً وعرضه 22 متراً ويبلغ طول سوره الشرقي حوالي 72 متراً، ويخترقه فلَج ماء يمر بوسط الحصن، ويتميز هذا الحصن في بنائه بخطوطه ورسومات جدرانه, وبسقفه المزخرف برسوم ونقوش من الطراز العربي الإسلامي، كما وتتميز أبوابه المنقوشة بالحفر بأشكالها الجميلة، ولذلك يعد قصر جبرين تعبيراً أصيلاً للمهارة العمانية في الزخرفة والهندسة المعمارية.

وينقسم حصن جبرين إلى قسمين: الأول يرتفع لستة عشر متراً ويتألف من طابقين, ويرتفع القسم الثاني لاثنين وعشرين متراً ويتألف من ثلاثة طوابق, وتتوزع في هذين القسمين غرف الحصن الخمس والخمسون, أجمل هذه الغرف وأكثرها تميزاً وجمالاً هي غرفة الشمس والقمر التي كان الإمام يلتقي فيها بكبار الزائرين، للتباحث والتشاور معهم، وما يميز هذه الغرفة تلك الرموز الجميلة والكتابات الإسلامية التي تعلو سقفها وبشكل خاص رسم العين، كما أنها تحوي على 14 نافذة سبع نوافذ في الأعلى وسبع نوافذ في الأسفل، وهنا يكمن سر كون جو الغرفة بارداً طيلة العام، حيث إن الهواء الحار أخف وزناً من الهواء البارد، فلذلك يدخل الهواء البارد من النوافذ السفلية ومن ثم يطرد الهواء الحار من الأعلى.

ومن الغرف الأخرى المميزة في هذا القصر غرفة حماية الإمام، وقد بني بشكل يسمح لجنود الإمام بالاختباء تحتها لحمايته عندما يرغب الإمام بالاجتماع بأيّ شخص مشكوك بأمره، وتوجد في هذه الغرفة أربع مخابئ سرية متصلة تحت الغرفة. كما يضم القصر برجين مرتبطين به للحماية الخارجية، وأيضا توجد غرفة خاصة لخيل الإمام، ومخصص لها درج لهذا الفرض، اسمها درجة الخيل، وهي حين تتحرك ترج المكان والإمام عليها. ومن الداخل بُني القصر على الطراز الهندسي الزخرفي من العماني والإسلامي، وهو يحتوي على العديد من الزخارف والكتابات والنقوش، وتكثر هذه الزخرفة بالقرب من الأماكن المحببة إلى الإمام خصوصاً القسم الثاني وبالقرب من قاعات نومه، والكتابات معظمها منقوشة على خشب الأبواب وأعلى الجدران في لوحات فوق الأبواب الداخلية والشبابيك الخارجية أو مرسومة بطلاء الألوان الرائعة على عارضات السقف. أما المواد المكتوبة عليها فهي الخشب المحفور والخشب المدموم وطلاء الجدران المدموم والجص المطبوخ والجص المنحوت، والنصوص والكتابات فهي آيات قرآنية في غالبها وأبيات شعرية في مديح الامام والقصر وخواطر وأقوال وحكم وكتابات عن التواريخ.

مدفن الإمام

حدثت فتنة بين الإمام بلعرب وبين أخيه سيف بن سلطان بن سيف، وبعد أن سيطر أخوه على الحصون والقلاع بويع بالإمامة، مما اضطر يعرب في نهاية الأمر للدفاع عن نفسه في قصره جبرين. لما وجد يعرب أن وضعه العسكري ميؤوس منه، توفي بطريقة غامضة إلا أن بعض الدراسات والكتب تشير إلى انه كان يبتهل إلى الله طالباً الموت، فمات الإمام في ليلته تلك، فأصبح قصره بعدها قبره ودفن في قصره، ودونت هذه الأبيات على قبره لاحقاً:

أتـعبت نفسـي عـمــارة منزلــي زخـرفتــه وجعـلـتـه لي مسكناً

حتى وقفت على القبور فقال لي عقلي ستنقل من هناك إلى هنا

استخدم قصره بعد رحيله من قبل بانيه وساكنيه من الخدم والعمال، فقل الاهتمام به واندثرت معه الكثير من جمالياته، ولم يعد صالحاً للسكن لعدم استعماله. وفي خلال السنوات الأخيرة قامت وزارة التراث والثقافة بترميمه مع المحافظة التامة والكاملة على مقوماته دون تغيير.