873825
873825
مرايا

مبنى إلبا للأوركسترا.. تحفة معمارية في قلب أوروبا

04 يناير 2017
04 يناير 2017

873826

خطفت كلمة «جاهز» الأنظار على الجزء الزجاجي من مجمع البا لقاعات الحفلات الذي طال انتظار الانتهاء من إنشائه لسنوات وتسعى من خلاله مدينة هامبورج الألمانية لأن تصبح مركزا جديدا للثقافة الأوروبية، «إنه يوم سعيد»، قال عمدة هامبورج أولاف شولز بمناسبة تسلمه مفاتيح المبنى الذي صممه السويسريان جاك هيرزوج وبيير دي مورون، واللذان صمما كذلك معرض تيت مودرن الفني في لندن ومتحف بيريز للفنون في ميامي. من جانبه قال هيرزوج «نحن سعداء للغاية وممتنون، سعداء لأن المبنى الذي صممناه والذي عملنا على إنشائه طوال 15 عاما بات جاهزا ولأننا نشعر أن سكان هامبورج يحبونه بالفعل. نعتقد أنه يتمتع بكل المواصفات التي تجعله جزءا من روح المدينة».

يمزج المبنى المبهر القائم على ضفة نهر البل بين الماضي والحاضر، وأعلى مستودع قديم أقيمت جدرانه من الطوب اللبن يعود إلى عام 1962 تم وضع مكعب زجاجي على شكل شبه منحرف بينما تم تصميم السقف ليشبه موجات البحر. وبحسب (د ب أ) يضم المجمع ثلاث قاعات احتفالات و45 شقة فاخرة وفندقا من فئة خمس نجوم ومطعما ومقهى وبوتيك لبيع الهدايا التذكارية وكذلك مرآب. وقال بيير دي مورون «لا نتحدث فقط عن قاعة موسيقى، إن المجمع أشبه بمدينة صغيرة في حد ذاتها». ومجمع البا أحدث اللمسات المبهرة على هافن سيتي وهو حي عصري يضم وحدات سكنية وإدارية، بينما كان في السابق منطقة قديمة تطل على ميناء هامبورج.

بدوره قال يان كريستوف ليندرت مدير المشروعات بشركة هيرزوج دي مورون في تصريحات لوسائل الإعلام الأجنبية خلال زيارة مصحوبة بشرح مفصل «أردنا الحفاظ على طبيعة المستودع والميناء». والمبنى يبهر الزائرين بمجرد دخوله، ففي انتظارهم سلم كهربائي يبلغ طوله أكثر من 80 مترا يصطحب الزائر عبر نفق أبيض يلمع بعدد كبير من القطع الزجاجية ويتركهم فيما يطلق عليهم «الميدان» وهي ردهة مفتوحة تربط بين المستودع والمكعب الزجاجي.

وتقدم هذه المنصة الواقعة على ارتفاع 37 مترا فرصة أمام الزائرين لمشاهدة المدينة بزاوية يصل اتساعها 360 درجة والجزء القديم للمستودعات وميناء هامبورج. وتقي ألواح زجاجية يبلغ ارتفاعها ستة أمتار على شكل موجة الزائرين من الرياح القوية التي تهب على نهر البا. وقال المهندس المعماري ليندرت عن المكان الذي يوجد به مدخل لردهة الفندق ومقهي لبيع التذكارات وكذلك مدخل قاعات الاحتفالات «إنها أشبه بسطح مركب بدون مقابل للجمهور».

وتحيط بالقاعتين الرئيسيتين جدران عازلة للصوت ومن تحتها زمبركات ضخمة من الصلب داخل المبنى الزجاجي لمنع تأثره باهتزازات وضوضاء الميناء المجاور لها. وأوضح «انها منعزلة تماما عما حولها. كان من الضروري تجنب الاهتزازات الناجمة عن مراوح السفن بوجه خاص». وتتسع القاعة الصغرى - التي يطلق عليها اسم كلينر سال - لـ 550 شخصا وتتخذ الشكل المستطيل التقليدي ولكن جدرانها والسقف معززة بطبقة من خشب البلوط وبها ثقوب على هيئة موجات تسمح بانعكاس الصوت على نحو أفضل. وأشار ليندرت «في القاعات التقليدية يكون هناك الكثير من العناصر مثل سقف من الجص وتماثيل لملائكة وستائر ضخمة تساعد على توزيع الصوت ولكن الآن نفعل ذلك من خلال تعزيز السقف والجدران». واضطلعت شركة ياسوهيها تويوتا اليابانية بالتجهيزات المتعلقة بالصوت وهو نفس الدور الذي سبق لها القيام به في قاعة حفلات والت ديزني في لوس أنجلوس وفي مركز احتفالات باريس الفيلهارموني.

وتقع في قلب المركز قاعة احتفالات كبرى تتسع إلى ألفين و100 شخص. وتم تعزيز جدران القاعة بألواح من الجص تتخذ أشكال تكوينات جيولوجية أو شعاب مرجانية بثقوب متفاوتة الأحجام للحيلولة دون حدوث صدى للصوت، وتم إنشاء القاعة على غرار مركز برلين الفيلهارموني وفيها يكون المكان المخصص للعازفين في منتصف القاعة تحيط بهم المقاعد على شكل مدرجات. وأوضح ليندرت «تجمع طبيعة تلك القاعة بين المسرح اليوناني وخيمة السيرك وملعب كرة القدم»، ولا يبتعد أي مقعد لمسافة أكثر من 30 مترا عن المسرح ومن المقاعد يمكن للمتفرجين مشاهدة ما يحدث على مسرح والاستماع للمعزوفات الموسيقية على نحو جيد. وكل القطاعات متصلة بسلالم داخل القاعة. وقال هيرزوج «أردنا إقامة بناية ديمقراطية لمدينة ديمقراطية». وقال المدير العام للمركز، النمساوي كريستوف ليبن سيوتر - الذي أعلن نفاد تذاكر حضور الحفلات في المجمع حتى نهاية يونيو 2017 «تمكنا من اختبار التجهيزات الخاصة بالصوت كذلك مع الأوركسترا. نحن متحمسون للغاية». وقال مايكل أوتريمبا مسؤول التسويق في المدينة «رأينا ما حدث في بلباو وسقف التوقعات مرتفع» في إشارة إلى متحف جوجينهايم الذي أصبح عامل جذب سياحي للمدينة الواقعة في شمالي اسبانيا.

وكان من المفترض أن يفتح مجمع القاعات أبوابه أمام الجمهور في 2010 بعد ثلاث سنوات من وضع حجر الأساس، ولكن عدم التخطيط بصورة جيدة والنزاعات التي وقعت بين الأطراف المعنية تسببت في تأخير أعمال الإنشاءات ووصل الأمر لحد توقفها على مدار عام ونصف، كما تضاعفت تكلفة إنشاء المجمع من 77 إلى 798 مليون يورو (من 85 إلى 873 مليون دولار) لتزيد بهذا مؤقتا قائمة إخفاقات أعمال الإنشاءات العامة في ألمانيا والتي يأتي على رأسها مطار برلين الجديد.

ومجمع القاعات الذي يطلق عليه سكان هامبورج «الفي» جاهز ولكن ستدب فيه الحياة في 11 من يناير المقبل بعرض لعمل يتولى إعداده الألماني فولفجانج ريهم تكريما للأديب المولود في هامبورج هانز هني ياهن (1894-1959)، ومن المقرر أن تقدم الحفل أوركسترا هيئة الإذاعة والتليفزيون التي ستكون الأوركسترا الأساسية بالمجمع، إلى جانب فرقة وتريات متخصصة في الموسيقى المعاصرة.