sharifa
sharifa
أعمدة

وتر ..لا تعتذر

04 يناير 2017
04 يناير 2017

شريفة بنت علي التوبية -

مع اعتذاري لمحمود درويش أن كنت قد استعنت بعنوان قصيدته الرائعة في غير محلها، «لا تعتذر» ما أكثر الذين يؤمنون بها فلا يعتذرون لكنهم يدافعون عن أخطائهم ويبررون ما يفعلون، لا تعتذر ذلك ما ينصح به وما يفعله البعض إذا أخطأ.

قليل جداً من يبادر بالاعتذار، وقليل جداً من يعترف بخطئه بيننا، فما أكثر من تأخذهم العزة بالأثم فلا يعتذرون عن ذنب فعلوه، وكم بيننا من يجد في الاعتذار ضعفاً فيتجنبه، فلا يكلف نفسه حتى عناء الشعور بالندم أمام شخص أساء إليه، من المؤسف أحياناً أن الأمر لا يقتصر على عدم الاعتذار فقط ولكن تبرير الخطأ والدفاع عنه، ثقافتنا ليست ثقافة اعتذار ولكنها ثقافة أن أكون دائماً على صواب مهما أخطأت، الجميع يكابر والجميع يركب مركب العناد، الجميع مستعد لإن يُغرق المركب بمن فيه لكنه لا يعترف بخطأه ولا يعتذر، وكم من بناء أسري تهدم وانهار بسبب أنه لا أحد يقبل بالاعتذار أو حتى الانحناء أمام العاصفة حينما تمر . وليتهم يتعلمون من اعتذار رئيسة كوريا الجنوبية بك جون هاي، حينما وقفت أمام شعبها منحنية معتذرة عن إنها طلبت استشارة من صديقة أو أن الصديقة استفادت من الرئيسة في مصالح شخصية لها ولعائلتها، ذلك الاعتذار الذي لم يكن ضعفاً بل قوة وحكمة، فمن منا سيعتذر ومن منا سيقبل التنازل عن كبرياء مزيف أمام جرح نازف ليعتذر؟! وليتهم يتعلمون من اعتذار وزير الصحة الياباني وعدد من الأطباء على شاشة التلفاز لعائلة مريض كاد أن يفقد حياته بسبب خطأ طبي، ولكن ذلك لم يحدث، فلم يقدّم مسؤول في مجتمعاتنا العربية اعتذاره بسبب خطأ ارتكبه أوقدّم استقالته لخطأ اقترفه أو تصرف غير مناسب قام به، فالعربي لا يعتذر، لكنه يمارس خطأه ويستمر في خطأه دون أن يعترف، وسيكون هناك من يدافع عنه ومن يؤيده ومن يصفق له ومن يباركه كمنتصر، نحن لا نملك فن الاعتذار، وما تربينا لنعتذر ولكننا تربينا لنكابر وإن اتسعت جراحنا أو غرقنا في لجة من الندم ومهما حدث لا نعترف ولا نعتذر، فأخطاء كثيرة تقع دون أن يكون هناك إعتذار، كخطأ الطبيب وخطأ المدرس وخطا الوالدين وخطأ الأحبة والأزواج وخطأ المسؤول وخطأ الموظف وأخطاء كبيرة أخرى بحجم من يرتكبها لكن لا أحد يعتذر، لذلك نحن لا نصل ولن نصل، فما الذي من الممكن أن يحدث لو اعتذرنا بمحبة لمن نحبهم وتؤلمنا خسارتهم؟