أفكار وآراء

المستوطنات الإسرائيلية ليست العقبة الأخيرة ..

03 يناير 2017
03 يناير 2017

جمال إمام -

تظل المستوطنات رغم خطورتها ليست الملف الوحيد ضمن ملفات وقضايا الحل النهائي الذي كان من المفترض أن تكون المفاوضات قد فرغت منها وهي: المستوطنات والقدس والمياه والحدود واللاجئون.  

من الصعب أن يظل الملف الفلسطيني دون أي بارقة تفتح طاقة من الأمل بشأن مستقبل المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية المتوقفة منذ انهيار المبادرة الأمريكية لإعادة إطلاق عملية السلام في أبريل 2014..

اليوم ربما يعطي قرار مجلس الأمن رقم (2334) الذي أكد المرجعيات الدولية بخصوص الوضع قبل عام 1967 ويطالب إسرائيل بوقف جميع نشاطاتها الاستيطانية وعدم جواز إحداث أية تغييرات في التكوين الديموغرافي وطابع ووضع أرض دولة فلسطين المحتلة منذ ذلك التاريخ بما فيها القدس الشرقية هذا الأمل في تحريك المياه الراكدة في هذا الملف ..

وربما أيضا يتيح الفرصة أمام العام 2017 لتشهد انفراجة كبيرة في مجال المزيد من الاعتراف الدولي بدولة فلسطين الأمر الذي سيعزز فرص التوصل إلى حل الدولتين ..

ومع ذلك يظل قرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي يقع تحت الفصل السادس غير الملزم ولا يتضمن أي عقوبات وبالتالي غياب الآلية التي تضعه موضع التنفيذ مثيرا للمخاوف الإسرائيلية إلى حد الهلع ..

لأنه بشكل مباشر وضع إسرائيل في مواجهة رفض المجتمع الدولي للمستوطنات التي اعتبرها غير قانونية ومخالفة للقانون الدولي ودعا إلى وقف البناء فيها فورا..

عند هذه النقطة ما الذي يتعين علينا الاهتمام به ..

• أولا أن مسألة الحلول الانتقالية والدولة ذات الحدود المؤقتة ومحاولات الحكومة الإسرائيلية لقلب الحقائق وممارسة التضليل للمجتمع الدولي لم تعد مقبولة بالمرة من السلطة الفلسطينية ..

وهي قد عانت كثيرا على مدى عامين كاملين من التسويف والمزايدة من جانب حكومة نتانياهو التي راهنت على كسب الوقت من أجل تكريس الوضع الراهن ومواصلة الاستيطان والاحتلال في آن واحد ..

وراهنت أيضا على محاولة تمرير الحل على الطريقة الإسرائيلية بمعنى الضغط على الفلسطينيين للحصول على اعتراف بالدولة اليهودية الدينية وما يتبعه من تداعيات بطرد الفلسطينيين عرب 48 الذين يعيشون خلف الخط الأخضر وداخل فلسطين التاريخية انتظارا لخطوة أخرى من التنازلات وهو ما ترفضه السلطة الفلسطينية وبات مكشوفا أمام المجتمع الدولي ..

لذلك تأتي قيمة القرار الدولي في التعبير بلغة جديدة برفض الاستمرار في قضم الأراضي الفلسطينية التي هي جزء مفترض من الدولة القادمة في المستقبل ..

ماذا يعني ذلك بالنسبة للحكومة الإسرائيلية ولنتانياهو على وجه التحديد ..

• ثانيا يعني أن الإجماع الدولي بعث برسالة واضحة ومحددة وهي إدانة الاستيطان بكل أشكاله ..

ومن ثم بات على نتانياهو أن يغير من سياسة العزف على إرضاء شركائه في الإتلاف وهي السماح بالبناء وتوسيع المستوطنات دون مخاوف تذكر بشأن النتائج التي تترتب على ذلك دوليا ..

وأن يفاضل بين الاستمرار في البناء ومنح التصاريح وتحدي المجتمع الدولي في مقابل كسب تأييد الأحزاب اليمينية والدينية المتطرفة أو المخاطرة بمزيد من الإدانات الدولية وبالتالي تحدد المخاوف دورا مهما في تقليص مساحة الحركة أمام نتانياهو سواء على مستوى المغامرة في عملية البناء وحصد التأييد من شركائه في الإتلاف وبالتالي الاستمرار في الحكم أو تحمل المواقف الدولية الجديدة بعد القرار 2334 ..

• ثالثا هناك مخاوف حقيقية تترتب على القرار الدولي الجديد أن يزيد من احتمال مقاضاة إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية في الوقت الذي يمكن أن يكون ضد المستوطنين الإسرائيليين والسلع التي تنتجها المستوطنات وهي خطوة قد اتخذها الاتحاد الأوروبي من قبل وسببت خسائر فادحة للاقتصاد الإسرائيلي.

السؤال التالي هل هناك فرصة لدفع عملية السلام قدما إلى الأمام ..؟

ربما تكمن الإجابة في الخطوة القادمة التي تتبناها فرنسا من خلال المؤتمر الدولي الذي سينعقد في باريس في منتصف يناير الجاري رغم التحفظات الإسرائيلية والرفض التام لتدويل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ..

لكن من المؤكد أن المحاولة مهمة لإعادة إطلاق محادثات السلام على أساس حل الدولتين عبر إحراج الحكومة الإسرائيلية وتعميق جراحها بعد القرار الدولي ..

حيث نقلت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية عن وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان أن فرنسا تعمل على الإضرار بإسرائيل خاصة وأن فرنسا تبنت خلال العام 2016 التصويت ضد إسرائيل في اليونسكو ومجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ..

ماذا يعني ذلك ..؟

إن تداعيات القرار الدولي أشبه بكرة الثلج التي تكبر بسرعة كبيرة لتصدم إسرائيل بالواقع الذي تحاول التنصل منه وهو أن الاستيطان مرفوض وأن حل الدولتين قادم وأن المفاوضات الثنائية أثبتت فشلها وأن الحل يمكن طرحه بتوافق دولي من خلال مؤتمر مثل مؤتمر باريس حتى وإن لم يحقق أهدافه بالكاملة يبقى أن يشكل أداة ضغط على إسرائيل لإعادة إطلاق عملية السلام ..

هل بقي من نقاط تكشف أبعادا لعمق القرار الدولي رغم أنه يحتاج إلى آلية تنفيذ وهي ليست ضمن بنوده ..

الإجابة تكمن فيما يمكن اعتباره الكتلة الصلبة في القرار وهي إدانة الاستيطان وهنا حجر عثرة أمام حل الدولتين لأنها تبتلع الأراضي الفلسطينية الخاصة بالدولة المستقبلية ..

القرار أعاد التأكيد على حدود 1967 بما فيها القدس الشرقية وعدم الاعتراف بأي تغييرات عليها وبالتالي فان رفض الاعتراف بها كعاصمة للدولة الفلسطينية يعتبر باطلا ..

اللعب على وتر الاقتصاد وتضييق الخناق على منتجات المستوطنات التي تعتمد على الأسواق الأوروبية تحديدا في التسويق وهو ما يشكل عبئا على الحكومة الإسرائيلية ..

اليوم باتت المجابهة مفتوحة على مصراعيها أمام الإرادة الدولية التي وقفت بحزم ضد المستوطنات التي تحاول إسرائيل أن تجعلها أداة لابتلاع مزيد من الأراضي الفلسطينية وبين سياسات الإملاءات وفرض الأمر الواقع .. وفي كل الأحوال تظل المستوطنات رغم خطورتها ليست الملف الوحيد ضمن ملفات وقضايا الحل النهائي الذي كان من المفترض أن تكون المفاوضات قد فرغت منها وهي المستوطنات والقدس والمياه والحدود واللاجئين .. القرار الدولي خطوة مهمة على طريق حل الدولتين ..