887010
887010
المنوعات

مزنة المسافر تقترب من حياة الإنسان العماني وعلاقته بأرضه وعراقة تراثه

02 يناير 2017
02 يناير 2017

ثلاثة أفلام عرضت بجمعية الكتاب والأدباء -

مسقط - «عمان» -

أقامت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء ممثلة بلجنة التراث غير المادي مساء أمس الأول بمقرها بمرتفعات المطار أمسية فنية حول توظيف التراث في السينما للمخرجة مزنة المسافر تضمنت عروضا لثلاثة أفلام قصيرة ترتبط بواقع الحياة الاجتماعية والتفاصيل اليومية للحياة العمانية في مسارات ثقافية متنوعة.

كما تضمنت الأمسية قراءة نقدية للكاتب والشاعر سماء عيسى، وهنا أشار سماء عيسى إلى ما تقدمه أفلام هذه المخرجة العمانية مزنة المسافر من تفاصيل عميقة، موضحا أهمية تجربتها وقربها حتى من هذه التفاصيل التي قد تكون مغيبة ومنسية في بعض الأحيان، فقد أوجدت في المقابل تجربة سينمائية متدفقة وهي تخطو خطوة واثقة نحو إضاءة ما هو حقيقي وجوهري في حياتنا.

وقال سماء عيسى: إن ما تقدمه مزنة المسافر عبر الفولكلور أو التراث الشعبي عموما سواء كان البلوشي أو البدوي أو الأفريقي إنما هو إيمان بوحدة التنوع الذي به نستطيع أن نعيش ونثري تجاربنا الإبداعية. فالأفلام الثلاثة التي تقدمها مزنة حسب رأي سماء عيسى جميعها تذهب إلى اليوميات محتفية بالتفاصيل مبتعدة عن عموميات الطرح لأن الجزئيات تستطيع الذهاب إلى الكليات.

الأفلام الثلاثة التي عرضت أمس الأول جاء أولها بعنوان «دانة وأنا ورحلتنا مع الماعز»، هذا الفيلم يأتي موغلا في الحياة البدوية مقدما تصورا لشغب الحياة وبساطتها في آن واحد يقدم الطفلة دانة وأمها، وعلاقتهما بالمحيط البدوي ويومياته، ومن خلال هذا الفيلم تقترب الأم من دانا لتخبرها بأسلوب عفوي ما يتوجب عليها القيام به في البيت وحظيرة الماعز من أعمال حياتية لا تنفصل عن الحياة التراثية والإنسانية للبدوي أينما كان، وهنا تقدم المخرجة الشكل البدوي بخصوصيته المعروفة لدى الجميع وما تقدمة المرأة في الجانب خاصة تلك التي تحاول إنجاز أسس حياتها بنفسها، فهي المربية والمعلمة والموجهة، وقد تكون الطبيبة في بعض الظروف، كما تسلّط المخرجة الضوء في هذا الفيلم على حياة المرأة البدوية التي قد تقترب من الزوال والتواري.

أما الفيلم الثاني فيلم «بشك» فهو يقدم الحياة البلوشية في ولاية مطرح، ويحاول الاقتراب من الهجرة التي طرأت من مطرح إلى السيب (الخوض) تحديدا، ويقدم صور تواصل فريدة بين أسرة بلوشية تقوم بتفاصيل حياتها اليومية من خلال أفراحها المتعددة وما يتصل بالأفراح من تفاصيل، سواء كان ذلك عن طريق التسوق أو ما يصاحب العرس البلوشي ومظاهره الجميلة الضاربة في جذور هذه الحياة، ورغم التطور والتحضر في مطرح إلا أن مزنة المسافر تقدم من خلال هذا الفيلم الإرث الثقافي لهذا الكيان الإنساني وعلاقته بماضيه وتواصله مع المستقبل الحاضر. كما تحاول المخرجة إظهار اللغة البلوشية بشكل واسع في هذا الفيلم، وهي التي لا تخلو هي الأخرى من المفردات العربية شبه المكسرة التي تقوم على إيجاد جو من الحوار الشفاف مع الآخرين.

هنا تحاول المخرجة بسط الواقع الثقافي للمجتمع البلوشي بصور شتى تختار المواقع بعناية فائقة وتركز على الجوانب المهمة في الحياة الخاصة بهذا المجتمع. كما قدمت المخرجة مزنة المسافر فيلم «تشولو» وهو ضمن الأفلام الدرامية العائلية الذي يشق طريقه نحو إفريقيا إلى زنجبار خصوصا، مقدما صورا متداخلة للفتى عبدالله البالغ من العمر 11 عاما الذي يلتقي بأخيه ناصر فهو يستهدف البيئة بشكل خاص متخذا منها مكانا موسعا للتصوير، حيث الطبيعة في إفريقيا والبحر، والخصوصية الدائمة لهذه البيئة، وتصور المخرجة مزنة المسافر الفتى عبدالله الآتي من عمان الذي تكون بشرته فاتحة نوعا ما وأخوه ناصر أو «تشولو» اللقب الموازي لاسم ناصر في السواحيلية. من خلال هذه الفيلم يروي ناصر قصصه الجميلة لعبدالله مقتربا منه ليستخرج له جذور القرفة وما تقدم له الأم من المأكولات المعروفة كـ(المندازي)، كما يقدم له النصائح كي لا يخاف من الأسد على سبيل المثال، إضافة إلى التفاصيل الدقيقة اليومية للحياة في زنجبار. هذا الفيلم يحاول أن يوجد العلاقة المثالية ويجسر التواصل بين الأهل ممن يقطنون في عمان وأولئك الذين لا يزالون في زنجبار، كما يسلّط الضوء على بعض النقاط المهمة في حياة هؤلاء، وكيف من الممكن أن يكونوا تحت ظل أسرة واحدة بعيدا عن الظروف الجغرافية وهوامش المجتمع.