الاقتصادية

دراسة علمية تؤكد: هوية الاقتصاد العماني تتحدد وفقا لموقعها الاستراتيجي وميزتها اللوجستية

02 يناير 2017
02 يناير 2017

(عمان) أعد الدكتور عبد السلام يحيى خبير اقتصادي بغرفة تجارة وصناعة عمان دراسة اقتصادية حول أسس تحديد الهوية الاقتصادية، بعنوان (هل لدى الاقتصاد العماني هوية؟). حيث تسلط الضوء على موضوع إشكالية تحديد هوية الاقتصاد الوطني في السلطنة، من حيث الأسس والمعايير التي يمكن في ضوئها رسم هوية للاقتصاد الوطني العماني، وما هي الاستراتيجية التي يجب على الدولة أن تنتهجها لتحقيق الهوية الاقتصادية، وذلك من خلال التركيز على القضايا الأساسية ذات العلاقة بأهمية تحديد الهوية الاقتصادية، والعلاقة بين حجم الإنتاج وتنوع القاعدة الاقتصادية والهوية الاقتصادية، بالإضافة إلى التعرف على حجم القطاع الخاص والانفتاح على الأسواق العالمية.

وترى الدراسة أن السلطنة تمتلك - من منظور اقليمي - حالة من الاستقرار الأمني وقوة عمل بشرية ومعدل نمو سكاني مرتفع، والعديد من المقومات الطبيعية المميزة ) التنوع البيئي الواسع والمعالم الحضارية الراسخة) التي تؤهلها وفقا لنظريات الميزة النسبية لاكتساب ميزة الهوية السياحية، ومن جانب آخر فان السلطنة لديها موقع استراتيجي متميز يجعل منها بوابه الشرق الأوسط الذي يربطها مع دول رابطة المحيط الهندي وبقية دول العالم، ويعتقد الدكتور بأن هوية الاقتصاد العماني يجب أن تتحدد أيضا وفقا لموقعها الاستراتيجي الذي يمنحها الميزة اللوجستية، والتي يجب الاستفادة منها في مجال تحفيز وانعاش قطاع التجارة الخارجية، من حيث الصادرات والواردات وعمليات إعادة التصدير.

الهوية الاقتصادية

وتوصلت نتائج الدراسة إلى أن للهوية الاقتصادية دورا مهما في تحديد توجه المجتمعات وتحديد خياراتها لمناحي الأنشطة المختلفة من سياسية واقتصادية واجتماعية، فتحديد الهوية الاقتصادية يعتبر بمثابة الخطوط العريضة التي تمشي عليها مؤسسات الدولة وتعتمدها في خططها الاستراتيجية الخاصة بالنمو والتنمية، والتي تؤدي بالتأكيد إلى تحقيق الأهداف المنشودة للدولة والمتمثلة في تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار الاقتصادي. وحققت السلطنة خلال العقود الثلاثة الأخيرة إنجازات على أكثر من صعيد في مضمار التنمية الاقتصادية والاجتماعية ..الخ؛ فالتجربة العمانية شملت كل شيء بدءا بالصناعة والزراعة وانتقالا للسياحة بعدها الصناعات الثقيلة والصناعات البتروكيماوية والاستيراد والتصدير، ولكن كل هذه المحاولات لم تستطع خلق هوية للاقتصاد الوطني في السلطنة أو بمعنى أدق لا يمكن القول بأن الاقتصاد العماني هو اقتصاد سياحي أو زراعي أو صناعي أو متخصص في اقتصاديات المعرفة (التعليم وتنمية الموارد البشرية)، كما لا يمكن القول بأن السلطنة لديها مدن ذات هوية سياحية أو صناعية ذات وجهة ثقافية وفنية ...الخ.

بالإضافة إلى أن عدم وضوح هوية الاقتصاد العماني جاءت كمحصلة للعديد من الصعوبات، والتي من أهمها عدم الأخذ في الاعتبار الأسس والمعايير المحددة للهوية الاقتصادية في الخطط الاقتصادية السابقة أو بمعنى انه لم يتم دراسة خيار محدد والالتزام به والتخطيط جيدا لتنفيذه وتطبيقه وتنفيذه ومتابعته حتى ينتج عنه طابع أو هوية اقتصادية محددة.

كما أن عدم إدراج موضوع الهوية الاقتصادية في خطط التنمية السابقة ترتب عليه استمرار الخلل في هيكلية الاقتصاد الوطني، فهو لا يزال اقتصادا ريعيا احادي المورد يعاني من عدم تنوع القاعدة الانتاجية من جانب، كما يعاني من ظاهرة المرض الهولندي من حيث هيمنة القطاع النفطي وقطاع الخدمات على جل النشاط الاقتصادي، كما يعاني من ظاهرة المرض الخليجي متمثلة في هيمنة العمالة الوافدة على جل الوظائف في القطاع الخاص الذي يعاني اصلا من عدم حصوله علي النصيب العادل من الاستثمار في المشاريع الضخمة بالسلطنة.

موضوع ليس جديدا

وتكمن أهمية تحديد الهوية الاقتصادية في وجود عنوان أو هوية أو خط عريض تمشي عليه مؤسسات الدولة وتعتمده في خططها الاستراتيجية الخاصة بالنمو التنمية سوف يؤدي بالتأكيد إلى تحقيق الأهداف المنشودة للدولة والمتمثلة في تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار الاقتصادي؛ لأن للهوية الاقتصادية دورا مهما في تحديد توجه المجتمعات وتحديد خياراتها لمناحي الانشطة المختلفة من سياسية واقتصادية واجتماعية، كما يؤدي الى تحديد المسار العام للدولة وتوحيد قوانين المنظمة للهوية الاقتصادية وتحقيق تلك الهوية المعلنة والواضحة والواجبة التطبيق.

ومن خلال الدراسة اتضح بأن موضوع الهوية الاقتصادية موضـــــوع ليس بالجديد ففي تاريخ الفكر الاقتصادي أمثلة كثيرة علي القضايا الأساسية التي من خلالها تتحدد هوية اقتصاد ما؛ فمن حيث النظريات فمند القرن الثامن عشر ظهرت نظريات التجارة الخارجية الخاصة، نظرية المزايا النسبية التي بمقتضاها يتخصص بلد ما في إنتاج السلع والخدمات التي لديه ميزة نسبية في إنتاجها او النظريات الحديثة في مجال التجارة مثل نظرية “هيكشر اولين” التي تركز على الكثافة في عنصر رأس المال أو عنصر العمل.