886005
886005
تحقيقات

ماذا بعد مشروع التخـرج؟

02 يناير 2017
02 يناير 2017

886002

مجلس البحث العلمي يؤسس برنامجا لتحويل أجود مشاريع التخرج الطلابية إلى شركات ناشئة -

المدن الذكية وإنترنت الأشياء والأمن السيبراني وخدمات الحكومة الإلكترونية مشاريع النسخة الأولى -

دعم مادي واستشاري وفني من «عمانتل» و«ساس» و«ريادة» والشركة العمانية لتطوير الابتكار -

تحقيق :‏ عبدالله بن سيف الخايفي  -

«ماذا بعد تنفيذ مشاريع التخرج؟ كيف يمكن تحويلها الى مشاريع يستفاد منها على ارض الواقع؟ متى ستصبح شركات؟؟ من سيدعم تمويلها وتطويرها؟ وكيف يمكن الذهاب بها بعيدا الى آفاق خدمة المجتمعات؟ أسئلة يطرحها كثير من الطلاب الخريجين المبتكرين الذين تراودهم أحلامهم برؤية نتائج بحوثهم ومشاريع تخرجهم وابتكاراتهم حقيقة تلامس الواقع وتتحول الى شركات ومنتجات.. مشاريع وليدة هي أشبه ما تكون ببذرة تحتاج من يهتم بها ويتعهدها بالعناية والرعاية حتى تكبر وتورق ثم تزهر وتثمر.. لكن سرعان ما يرتد صدى تلك الأسئلة عندما لا تجد إجابة ومعه يستيقظ أولئك الخريجون على واقع تتكسر فيه الآمال والطموحات.. لكن يبدو أن هذه الأسئلة لن تعود هاجسا بعد اليوم فستجد لها إجابات شافية وذلك بعد توجه مجلس البحث العلمي لتحويل المعرفة ومخرجات البحوث إلى منتجات في السوق وتخصيصه برنامجا لتحويل مشاريع التخرج الطلابية إلى شركات ناشئة.

المجلس أسس بالشراكة مع عدد من المؤسسات الحكومية والخاصة برنامجا اختار ان يركز في نسخته الأولى على قطاع الاتصالات ونظم المعلومات حيث تقوم فكرته على منح مشاريع التخرج الطلابية في هذا القطاع فرصة للتحول إلى شركات ناشئة قادرة على النمو بوتيرة مستدامة من خلال توفير سلسلة من الدعم المادي والاستشاري والفني عبر مختلف الشركاء الداعمين للبرنامج.

عمان تتابع هذه الخطوة الرائدة من قبل مجلس البحث العلمي وشركاء برنامج upgrade وتسلط الضوء على باكورة برنامج مشاريع التخرج الطلابية.. فما الهدف من تخصيص هذا البرنامج وما هي أهميته وعدد المشاريع في النسخة الأولى منه ونوعية المشاريع والموضوعات التي تطرحها وكيف سيتم اختيار الفائزين ومستوى الدعم المالي والفني ثم كيف سيتم احتضان ورعاية وحماية هذه الشركات الناشئة وتنميتها وتطويرها، وآفاق استمرار هذا البرنامج.. التحقيق التالي يجيب عن هذه الأسئلة..

الدكتور علي بن عامر الشيذاني مدير قطاع بحوث الاتصالات ونظم المعلومات بمجلس البحث العملي مدير برنامج upgrade أكد على أهمية هذه التجربة الأولى التي ستكون باكورتها في قطاع الاتصالات ونظم المعلومات باعتباره قطاعا متطورا وناشطا وفاعلا في السوق وقال إن مشاريع التخرج المستهدفة يجب أن تكون مواكبة للتطورات الحديثة في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات. وأوضح ان النسخة الأولى من البرنامج ستتضمن اختيار ثلاثة مشاريع مبتكرة ومبدعة من بين المشاريع المنافسة في موضوعات حلول المدن الذكية و إنترنت الأشياء و الأمن السيبراني وخدمات الحكومة الالكترونية.

شركات ناشئة ابتكارية

وأضاف: سيتم تبني المشاريع الفائزة والعناية بها لتحويلها إلى شركات ناشئة ابتكارية عبر حاضنات ريادة الأعمال وتوفير التمويل التأسيسي اللازم وإكساب فريق المشروع المهارات التجارية والمالية اللازمة وستتاح للمشاريع الفائزة الفرصة لتصبح شركات محاطة برعاية من قبل شركاء البرنامج لثلاث سنوات بدءا من فترة تأسيسها ونهوضها وحتى تتمكن من الاعتماد على نفسها.

مدير البرنامج قال ان كل مشروع سيكون له دراسة جدوى ومعه نموذج لتكلفته وطريقة عمله وأكد على أن شركاء البرنامج سيوفرون البيئة الاساسية الحاضنة لهذه الشركات الناشئة كدعم استشاري وفني ودعم مادي تأسيسي ولن يتدخلوا في العمل وادارته بتلك الشركات والذي سيكون من اختصاص اصحاب المشروع أنفسهم وسيكون لهم الرأي لتسجيل وحفظ ملكيتهم الفكرية وقال «عليهم ان يكونوا مؤمنين بأفكارهم وقدرتهم على تحويلها الى شركات».

الدعم المالي

الدعم المالي جزء مهم لقيام هذه الشركات إلى جانب الدعم الاستشاري والفني فـ»عمانتل « ستتولى التمويل المالي الأساسي لإنجاح هذا البرنامج حيث ان الدعم التأسيسي هو أهم ما تحتاجه الشركات الناشئة .وستقدم عمانتل عشرة الاف ريال عماني لتأسيس كل شركة من الشركات الثلاث الناشئة ورغم ان المبلغ لا يبدو بالرقم الكبير إلا ان الدكتور علي الشيذاني «اعتبره مناسبا كمبلغ تأسيسي وفاتحة لتسهيلات تمويلية قد تقدم من جهات أخرى» لافتا إلى ان أهم ما يقدمه البرنامج هو أن الشركات الفائزة ستكون تحت اعين الشركاء وأهم المؤثرين فيما يخص تقنية المعلومات وريادة الاعمال. وأوضح أنه من المهم أن ندرك أن هذه الشركات عندما تنمو فذلك يتم تحت عيون عدة جهات وتعتبر تلك الجهات موردا مهما وربما تصلهم بجهات اخرى.

قيمة معنوية وحماية

وأكد الشيذاني على أن الشركات الثلاث الناشئة ستكون محط أنظار الشركاء مما يضيف لها قيمة معنوية ورعاية خاصة وحماية وستكون هناك متابعة لأية عقبات قد تواجه هذه الشركات والتي ربما تظهر خلال المرحلة التأسيسية التي ستكون «ساس» حاضرة لتذليلها بالتنسيق مع بقية الشركاء لافتا إلى أن شركاء البرنامج ليسوا اصحاب هذه المشاريع ولن يكون لهم نسبة فيها او يتتدخلون في ادراتها وإنما سيديرها أصحابها وقال إن العائد من وراء تكوين هذه الشركات سيكون وطنيا من خلال دعم المجيدين وإيجاد فرص عمل والمساعدة في صناعة تقنية المعلومات.

التسجيل فبراير المقبل

من جانبها اوضحت أصيلة الزيدية اخصائية برامج استراتيجية في قطاع الاتصالات ونظم المعلومات بمجلس البحث العلمي مزيدا من التفاصيل عن البرنامج وكيفية التنافس فيه بين الطلاب الخريجين وقالت: أعلنّا عن البرنامج في سبتمبر الماضي وفي الشهرين الماضيين زرنا 16 جامعة وكلية لتعريف اكثر من 800 طالب وطالبة وتحفيزهم وتشجيعهم للمشاركة والمنافسة. وأوضحت أن شروط المشاركة تتلخص في أن يكون مشروع تخرج مجازا من الجامعة أو الكلية وأن يكون ضمن موضوعات النسخة الأولى من البرنامج في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات.

نبحث عن الطلاب الجادين

وأوضحت ان باب التسجيل سيفتح في فبراير المقبل ولمدة شهرين يعقبه فرز المشاريع المشاركة وتصفيتها من قبل لجنة تحكيم بين المشاريع المتنافسة لاختيار ثلاثة مشاريع فائزة، ثم اجراء المقابلات مع الفائزين وبعدها ستبدأ عملية احتضان المشاريع من قبل شركاء البرنامج. وقالت أصيلة :»نبحث عن طلاب جادين مستعدين لتحويل مشاريعهم الى شركات ناشئة فاذا وجدنا ثلاثة مشاريع جادة ومبتكرة في السنة الأولى نعتبره نجاحا فلا يمكن تبني مشاريع اكثر فربما لا يتوفر لأصحابها الاستعداد لتنفيذ مشروعاتهم بعد تخرجهم» مشيرة إلى أن التركيز سيكون على مشاريع التخرج التي أنجزت حديثا كما يمكن للخريجين العمانيين من جامعات خارج السلطنة المشاركة والتنافس ولكن لابد ان يكون مشروع تخرج و ضمن المحاور الأربعة المحددة وعلى ان يكون أصحاب المشاريع متواجدين في السلطنة اثناء فترة الاحتضان. وقالت أن اختيار هذه الموضوعات تكفلت به شركة عمانتل وتعتبر المواضيع من الأكثر إلحاحا في عالم الاتصالات ونظم المعلومات حاليا.

مدن ذكية وانترنت الأشياء

وقالت اصيلة: من اهدافنا البعيدة المدى توجيه الطلاب الى المشاريع الجديدة التي يهتم بها العالم والاكثر احتياجا وليس الافكار التي اصبحت قديمة وعديمة الجدوى. واضافت:منذ زمن ونحن نتحدث عن الحكومة الالكترونية والعالم الان متجه الى تحويل المدن الى مدن ذكية وانترنت الاشياء وصولا الى الحكومة الذكية وحتما فان هذه الحلول الذكية بحاجة الى أمن تقني وهو احد الموضوعات المختارة للبرنامج في السنة الاولى ، واكدت:» هذه الموضوعات هي فعلا عاجلة في العالم ومهمة وربما نضيف مواضيع جديدة في النسخ المقبلة من البرنامج».

ساس تحتضن الفائزين

عمان تابعت اجتماعا تنسيقيا مشتركا في مجلس البحث العلمي ضم شركاء برنامج upgrade والتقت ممثلين عن شركاء البرنامج حيث اوضحت ايمي هاون استشارية تطوير الاعمال في هيئة تقنية المعلومات دور«ساس» كشريك في البرنامج وقالت:سنكون ضمن لجنة تقييم المشاريع المتقدمة لاختيار الافضل من بين المشاريع المتنافسة ثم سنتولى احتضان المشاريع الثلاثة الفائزة لمدة ثلاث سنوات كجزء من مهمتنا في البرنامج وسنأخذ بأيدي أصحاب هذه الشركات الناشئة حتى تتمكن من التأسيس والمضي قدما في اعمالها.

وتطرقت ايمي إلى نوعية الدعم الذي ستقدمه ساس فقالت: سنساعد في التأسيس وسنقدم التدريب في إدارة الأعمال واختيار نوعية ونماذج الأعمال وكيفية البحث واختيار مشاريعهم بطريقة علمية ومبتكرة وذات جدوى للسوق. وأضافت: سنساعدهم في كل جزء من تأسيس مشاريعهم وكيفية تسويق منتجاتهم وتعليمهم طرق التمويل والبيع وكيفية المشاركات الدولية وستستمر خدمات ساس لمدة ثلاث سنوات حتى يتمكنوا من الاستفادة من كل الخبرات الاستشارية المتاحة من خلال مستشارين في كل جزء من الأعمال.

ريادة والتدريب التأسيسي

من جانبه أكد خالد الصافي الحريبي نائب الرئيس التنفيذي للعمليات في»ريادة» على أهمية برنامج upgrade باعتباره فرصة للطلاب الخريجين لتجسيد مشاريعهم وتحويلها إلى شركات ناشئة قادرة على النمو والتطوير ومشيرا إلى دور شركاء البرنامج في توفير سلسلة من الدعم المادي والاستشاري والفني.

بدوره قال ابراهيم الجهوري نائب مدير دائرة الدعم وتطوير المؤسسات في الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ان «ريادة» ستتولى تقديم الاستشارات الفنية والمساهمة من خلال برنامج التدريب التأسيسي والتوجيه وكذلك في دراسات الجدوى للمشاريع ثم عند بدء هذه الشركات الناشئة في التطورسنكون حاضرين لتقديم خدمات الدعم الفني والتواصل مع الجهات الاخرى كوزارتي التجارة والصناعة والقوى العاملة.

وبدا نائب مدير دائرة الدعم وتطوير المؤسسات في «ريادة» متفائلا وعلّق آمالا عريضة على تكوين شركات ناجحة وارجع ذلك الى احتضان هؤلاء الفائزين من قبل شركاء لهم خبرتهم في تأسيس الشركات وريادة الاعمال وستخرج شركات على مستوى جيد.

من جهتها قالت ليلى بنت محمد الوهيبية مديرة المسؤولية الاجتماعية بعمانتل عن برنامج Upgrade : مع الثورة في قطاع الاتصالات ونظم المعلومات حرصت الشركة على تقديم الدعم اللازم لفئة الشباب الطلابية الشغوفين في هذا المجال لتنفيذ مشاريع التخرج وتحقيق امانيهم في ابتكار وابداع تطبيقات الكترونية وبرامج لحلول الاتصالات ومع هذا المبدأ تعاونت عمانتل مع كل من مجلس البحث العلمي ومركز ساس وريادة والشركة العمانية لتطوير الابتكار لإيجاد البيئة الملاءمة لابتكار الطلاب في المراحل الجامعية وتحويل المشاريع الطلابية الخاصة بقطاع الاتصالات ونظم المعلومات الى شركات ناشئة قادرة على توفير حلول اتصالات والمساهمة في دعم الحكومة الالكترونية.

وأكدت ليلى على ان الهدف الرئيسي من مشروعUpgrade هو تعزيز قدرة الشباب العماني واثبات امكانياته لإدارة وقيادة الشركات بوتيرة مستدامة من خلال توفير سلسلة من الدعم المادي والاستشاري والفني عبر مختلف الشركاء الداعمين للبرنامج.

واشارت مديرة المسؤولية الاجتماعية الى ان دور عمانتل يركز على اقتراح مواضيع مشاريع التخرج التي تتواكب مع احتياجات السوق في هذه الفترة بالإضافة الى التمويل التأسيسي للمشاريع الفائزة خلال فترة الحضانة في النسخة الأولى وتغطية نفقات التدريب الدولي ، مضيفة ان عمانتل مع الجهات المعنية للمشروع بدأت بجولاتها المكثفة في الجامعات والكليات المختلفة للالتقاء بالطلاب وتعريفهم بفكرة Upgrade واهدافها والمواضيع المقترحة للمنافسة في البرنامج التي يجب أن تكون مواكبة للتطورات الجديدة في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات مثل حلول المدن الذكية وإنترنت الأشياء وأمن المعلومات والحكومة الإلكترونية وغيرها، وعلى جميع الطلاب الراغبين في الاشتراك في البرنامج ان يقدم فكرة جديدة يمكن تطبيقها عملياً .

استثمار رأس المال المغامر

بدوره قال معتصم بن غلام البلوشي مدير الاعلام بصندوق الاحتياطي العام للدولة احدى الجهات المؤسسة للشركة العمانية لتطوير الابتكار شريك برنامج upgrade ان الشركة ستساهم إلى جانب عمانتل في تقديم الدعم المالي للمشاريع الفائزة وذلك من خلال تمويل برنامج تدريبي للمشاريع الفائزة في شركات خارج السلطنة في مجال تطوير المشاريع في قطاع تقنية المعلومات واضاف: نحن شركاء في البرنامج ولكل منا دور في مرحلة معينة من المشروع بحيث نعمل جميعا بصورة متكاملة لإنجاح تأسيس هذه الشركات وتنميتها وتطويرها حتى تتمكن من الاعتماد على نفسها. واعتبر البلوشي ان اختيار ثلاثة مشاريع ابداعية انطلاقة جيدة من خلال أربعة موضوعات مهمة في قطاع واعد هو قطاع الاتصالات ونظم المعلومات.

وعلى الرغم من العدد المحدود للمشاريع التي سيتم انتقاؤها «ثلاثة مشاريع فائزة فقط» والتي تبدو رقما صغيرا مقارنة بالعدد الكبير من مشاريع التخرج السنوية التي تصل الى اكثر من 300 مشروع تخرج لأكثر من 1500 خريج حسب تقديرات مختصين في مجلس البحث العلمي إلا ان مسؤولي النسخة الاولى من برنامج upgrade يعتبرون العدد مناسبا في المجالات المحددة في قطاع الاتصالات ونظم المعلومات وأكدوا على ان الحصول على مشاريع مبتكرة ومتطورة يمثل نجاحا جيدا وستشهد النسخ التالية للبرنامج في السنوات المقبلة مجالات اخرى ستضيف مشاريع جديدة وشركات في قطاعات مختلفة.

وتشير الإحصائيات المتوفرة الى ان عدد خريجي قطاع الاتصالات ونظم المعلومات بالسلطنة في السنة الأكاديمية 2012 -2013 بلغ 1900 خريج وارتفع في 2013 -2014 الى 2500 وتعكس هذه الإحصائيات أن عدد مشاريع التخرج يزيد عن 300 مشروع سنويا.

ويمكن اعتبارupgrade نواة لبرامج ومبادرات اخرى قد تشجع جهات حكومية وخاصة ومؤسسات اكاديمية لتبني استقطاب مشاريع الخريجين وتحويلها الى شركات ومنتجات تخدم السوق وتساهم في تنمية المجتمع وتدعم الاقتصاد. ومن المنتظر ان تغير هذه المبادرات النظرة الى مشاريع التخرج عند الطلبة واكسابها التفكير الجدي والايمان بمردودها وقدرتها على تحقيق مردود اقتصادي وامكانية تحويلها الى شركات واعدة.