humada
humada
أعمدة

خطوة

01 يناير 2017
01 يناير 2017

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

مع بداية كل عام يخرج الكثيرون منا مفكراتهم وأقلامهم للعمل على وضع أهداف للعام الجديد يحدوهم الأمل بأن يكون هذا العام أفضل عما سبقه، وسيكون كريما معنا في أنه سيمدنا بالحماس الذي ضنت به علينا الأعوام التي سبقته، سيخرج الكثيرون الأحذية الرياضية وينفضون عنها الغبار، وربما سيتخذ البعض خطوة أكثر جدية وسيسجلون في نادٍ صحي على أمل أن يدفعهم المبلغ الذي صرفوه مقدما كعضوية للمواظبة على الرياضة، وهلم جرا، وستعمل النوايا الحسنة على دفع الكثيرين منا إلى بذل جهود جبارة لنجاح أهداف هذا العام بالعمل بكل جهد وإخلاص لمدة أسبوع أو اثنين وربما حتى شهر ثم رويدا رويدا سيبدأ الحماس بالتناقص شيئا فشيئا وستعود الأحذية الرياضية إلى مخبئها، وستنتهي عضوية النادي الصحي قبل أن نستخدمها، وسيصرف المبلغ الذي ادخرنا بعد أن ظهر أكثر عن سبب وجيه يدعونا لصرفه. إنها قصة تتكرر كل عام في أرجاء المعمورة، نعم في أرجاء المعمورة، فأنت لست وحدك، إذ أن أفضل الناجحين لا يحققون أكثر من 30% من أهدافهم التي يضعونها، وإن كان هؤلاء يحققون أهدافا أخرى قد تكون أكبر وأهم، مما يعني أنك إن لم تحقق أهداف العام المنصرم وحققت بعضا منها، فتستحق نفسك الاعتراف لها بالإنجاز على كل حال، فلا شيء مثل اللوم والتقريع يعمل على تثبيط الهمم عن معاودة الكرة من جديد، كثيرون سيحدثون أنفسهم بالقول: لقد حاولت مرارا وتكرارا، وجربت (كل) الطرق الممكنة لكني لم أنجح في تحقيق هدفي، والواقع أننا لا نجرب (كل الطرق) نحن نجرب الطرق (ذاتها) كل مرة ولا نستمر فيها بما يكفي لرؤية النتائج، وهذا ما يعرفه بعض الخبراء بالجنون، حيث يعرف الجنون على أنه تكرار العمل نفسه عدة مرات متوقعين نتائج مختلفة. لذا دعونا نبدأ هذا العام بتقييم عادل صريح لإنجازاتنا، دون أن نبخس أنفسنا حقها، فلا شك أن البعض منا قد أنجز أكثر بكثير مما خطط له، قد يكون انحرف به الطريق عن الأهداف التي رسمها، لكن في المقابل ما حقق كان أفضل بكثير مما رسم.

دعونا أن نكون منصفين مع ذواتنا فلا نحملها ما لا تطيق فالله جلت قدرته لا يحمل نفسا إلا وسعها، لنكن واقعيين ومنصفين مع ذواتنا فيما نطلبه منها، دون أن نفقد اليقين بأن الله سبحانه قادر على كل شيء. قد يكون العام فترة طويلة جدا علينا، وقد لا يملك البعض (طول البال) ليرى نتائج أهداف سنوية، فلا بأس دعونا نبدأ بأهداف أسبوعية صغيرة، في النهاية العمارة الكبيرة التي تراها حولك بنيت لبنة فوق لبنة وعلى مدى بضع سنوات، أسابيعك القصيرة ستشكل في النهاية عامك الجديد، وسيسهل عليك تقسيم أهدافك لمراحل أسبوعية أن ترى الإنجاز يتحقق في فترة أقصر وبالتالي سيمنحك ذلك دافعا لبذل الجهد لأسبوع آخر وهكذا، مشوار الألف ميل كما ذكرت هنا مرارا وتكرارا يبدأ بخطوة، خطوة صغيرة هي كل ما يتطلبه الأمر منك، لكن عليك أن تتخذها الآن لأن الآن، كما أسلفت أيضا مرارا وتكرارا هي كل ما تملك من حياتك، تمنياتي لكم بعام حافل بالإنجازات والأفراح والمسرات.