أعمدة

إضاءة :كيف نؤديها

29 ديسمبر 2016
29 ديسمبر 2016

سالم بن حمدان الحسيني -

جاء ذكر الصلاة في سائر آيات الذكر الحكيم مسبوقا باللفظة الدالة على وجوب إقامتها لما في ذلك من دلالة واضحة على أن أداءها لا يكون كيفما كان وإنما يكون أداؤها باكتمال شروطها وأركانها على النحو المشروع، فإن التأكيد الذي جاء في قوله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) ليدل دلالة قاطعة أن هذه الصلاة اذا أداها العبد كما أمر مولاه سوف تؤدي وظيفتها كما أراد الحق سبحانه وتعالى أن تكون تغرس في النفس البشرية التقوى وتجعل الإنسان دائم الصلة بخالقه سبحانه مراقبا له في كل شؤونه فيفعل ما يأمره به خالقه ويذر ما ينهى عنه.

ولكن ما هي الكيفية التي على الإنسان أن يؤدي بها هذه الصلاة حتى يكون لها ذلك المفعول لا شك أن أول ذلك الأمر هو أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى لا يريد بها صاحبها رياء ولا سمعة وان تكون مكتملة الأركان تنبض بروح الخشوع، فهناك بون شاسع بين أدائها وإقامتها فالحق سبحانه وتعالى يقول: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) وقال: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وقال:(وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) وجاء قوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) وقوله سبحانه: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ) فتلك جميعها مؤكدات على أن الأمر بإقامة الصلاة وليس بأدائها بأي كيفية كانت.

كذلك الحق سبحانه وتعالى يقول: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) فهي تحتاج الى صبر ومصابرة كي يؤديها الإنسان في الوقت المحدد وبالهيئة التي يجب أن تكون وإلا فإنها خاوية فارغة لا تمثل إلا مجرد حركات وسكنات يؤديها صاحبها كما يؤدي الحركات الرياضية دون أن يكون لها معنى روحي يملأ قلبه سكينة واطمئنانا وسعادة وهناء.

وقد جاءت الأحاديث الشريفة مؤكدة ذلك

فقد جاء في الحديث الشريف: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدًا)، وكذلك ما روي عنه صلى الله عليه وسلم: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له).

وكذلك روي عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: (بُنِيَ الإسلام على خمسٍ، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحجِّ، وصوم رمضان) فإذا الصلاة في الإسلام هي ركن ركين وأساس مكين وهي عمود الدين كما جاء ذلك في قوله عليه والسلام: (رأس الأمر: الإسلام، وعَمُوده: الصلاة، وذروة سنامه: الجهاد). والصلاة اذا أقامها الإنسان على أكمل وجه كانت له نورا ونبراسا يمشي به بين الناس تأمره بكل خير وتنهاه عن كل شر تبعده عن الغرور والتكبر والخيانة والبغضاء وفحش الأقوال والأفعال فيكون محبوبا عند الخلق وخالقهم يعيش بينهم زاكي النفس طيب المعشر يحب الخير للبشرية جمعاء اذا فيجدر بالإنسان أن يكون دائم الدعاء، كما جاء على لسان سيدنا إبراهيم الخليل: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ).