كلمة عمان

مجلس الأمن الدولي والاستيطان الإسرائيلي

28 ديسمبر 2016
28 ديسمبر 2016

ليس من المبالغة في شيئ القول بأن إسرائيل تعيش حالة من الانزعاج الشديد، بعد القرار رقم 2334 الذي اصدره مجلس الأمن الدولي، قبل أيام، والذي طالب فيه إسرائيل، باعتبارها دولة احتلال، بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، واعتبار الاستيطان عقبة أمام تحقيق السلام. صحيح أن مجلس الأمن الدولي اصدر قبل سنوات طويلة عددا محدودا من القرارات تتعلق بالاستيطان بشكل أو بآخر، ولكن الصحيح أيضا هو أن القرار 2334 كان شديد الوضوح والتحديد أيضا في المطالبة بوقف الاستيطان الإسرائيلي وعدم إقامة مستوطنات جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما تتحسب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للنتائج التي يمكن ان تترتب عليه خلال الفترة القادمة.

ولم يكن غريبا أن يكون محور الانزعاج بشكل أساسي هو امتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت، وهو ما افسح المجال في الواقع لصدوره بموافقة الدول الأربع عشرة الأخري الأعضاء في مجلس الأمن، فموقف واشنطن هو رسالة فهمها نتانياهو جيدا، خاصة على خلفية علاقته غير المريحة مع الرئيس الأمريكي باراك اوباما، بل وانتقاده وتحديه له في داخل بعض المؤسسات الأمريكية ذاتها، ومن هنا جاء رد الفعل الغاضب من جانب نتانياهو، والذي تجاوز تقاليد الحوار والعلاقة بين واشنطن وتل ابيب. ومع حقيقة أن إدارة أوباما، وباعتراف نتانياهو نفسه، هي اكثر إدارة أمريكية دعمت إسرائيل امنيا وعسكريا، عبر صفقة المليارات الثمانية والثلاثين من المساعدات العسكرية الأمريكية خلال عشر سنوات، التي تم إبرامها هذا العام ، إلا أن إسرائيل لا تقبل بأية مواقف أمريكية غير مؤيدة لها ولسياساتها ، كما أنها تخشى أن تؤدي أية مواقف أمريكية غير مؤيدة لها إلى تشجيع أطراف دولية أخرى على إدانة إسرائيل بشكل أو بآخر.

على أية حال فان قرار مجلس الأمن الدولي 2334 هو من تلك النوعية من القرارات التي يمكن البناء عليها من جانب العرب والفلسطينيين من اجل العمل على استعادة القضية الفلسطينية لمكانها، الذي طالما شغلته، ولتأييد العالم لها، بعد أن انشغل العالم في السنوات الأخيرة بالتطورات المختلفة في المنطقة، والتي أثرت بكل أو بآخر على مواقف أطراف دولية كثيرة وعلى أولوياتها. ولذا فانه من الأهمية بمكان أن تحرص السلطة الوطنية الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، على الاستفادة من هذا القرار، والعمل على حشد أوسع تأييد للحقوق الفلسطينية بوجه عام ولوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بوجه خاص، وبالذات في القدس الشرقية المحتلة، التي تسعى حكومة نتانياهو إلى تهويدها بأسرع وقت ممكن، عبر المخططات التي تنفذها فيها. ومن الطبيعي والضروري أن يكون هناك دور نشط وملموس لجامعة الدول العربية ولمختلف المنظمات العربية لاستثمار هذا التطور ، الذي تحاول إسرائيل شن حملة دولية شرسة ضده لأنها تدرك تماما ما يمكن أن يترتب عليه إذا تحرك الفلسطينيون والعرب بشكل فعال لاستثماره.