أفكار وآراء

الاستثمار في أسهم الشركات

28 ديسمبر 2016
28 ديسمبر 2016

د. عبدالقادر ورسمه غالب -

الاستثمار في الأسهم والسندات والصكوك بجميع أنواعها يعتبر من مجالات الاستثمار المجزية التي يلجأ لها الكثير من رواد الاستثمار كأفراد ومؤسسات وحكومات وذلك لأن هذا النشاط الاستثماري، بصفة خاصة، تحكمه القواعد القانونية وضوابط ممارسة العمل التي تصدرها هيئات أسواق المال والبورصات وتلتزم بالسير على هداها أسواق المال المختلفة في شتى بقاع العالم.

ومن الجدير بالذكر أن أهم ما يميز القوانين والإجراءات والضوابط الحاكمة للاستثمار في أسواق المال، هو الحرص على وضع كل الضمانات القانونية وللدرجة الكافية لمنح كل الحماية للمستثمر في هذا القطاع باعتبار أن المستثمر هو عماد وركيزة هذه الأسواق ولو لا وجوده لتم قفل الأسواق لعدم وجود اي نشاط يذكر فيها.

وأسواق المال أو البورصات تنشأ في الأساس لتكون المكان ذا الصلاحية القانونية للتعامل في الأسهم والسندات والصكوك وغيرها بالبيع أو الشراء وفق الإجراءات والضوابط القانونية التي تحكم العمل في سوق المال المعني. وهذا النشاط الاستثماري يلعب دورا كبيرا في تحريك الأموال بغرض شراء ما تعرضه الشركات المسجلة في السوق من «بضاعة» من الأسهم والسندات المسجلة في السوق.

وهنا كلما كان أداء الشركة متميزا كلما ارتفع سعر البضاعة، المتمثلة في الأسهم والسندات والصكوك، وبالتالي وبصورة طبيعية ترتفع القيمة السوقية للشركة نفسها، وهذا في حد ذاته يعتبر دافعا كبيرا للشركة لتجويد الأداء حتى يقبل عامة الجمهور من المستثمرين على شراء ما تعرضه الشركة في سوق المال لكافة الجمهور والمؤسسات من المستثمرين.

ان أهم وأكثر بضاعة تعرضها الشركات في أسواق المال هي الأسهم (ستوكس)، أي أسهم الشركة التي يملكها ملاك الشركة وهم المساهمون. ويتم عرض الأسهم في أسواق المال بالبيع أو الشراء على حسب سعر السوق في ذلك الوقت، وكلما كان الإقبال كبيرا على السهم كلما زاد سعره وكل هذا يخضع بالطبع لضوابط العرض والطلب الشفافة التي تشرف عليها إدارة السوق إشرافا دقيقا وتاما، وكما قلنا، لمنح الحماية الكافية للمستثمر.

تعتبر الأسهم في أسواق المال، وبصفة عامة، نوعين. النوع الأول وهو ما يطلق عليه اسم «الأسهم العادية – الأسهم العامة» والنوع الثاني وهو ما يطلق عليه اسم «أسهم الامتياز – الأسهم المميزة التفضيلية». وبالرغم من أنهما أسهم، الا ان هناك فروقات بين هذين النوعين من الأسهم. وعادة عندما يتحدث الناس عن الأسهم أو عندما تكون هناك أي إشارة للأسهم فان المقصود يكون هو «الأسهم العادية – كومون ستوكس».

وفي واقع الأمر فان غالبية الأسهم التي يتم إصدارها تكون في شكل «أسهم عادية عامة». إن امتلاك أسهم عادية في الشركة يعني المشاركة العامة بنية الاستثمار مع آخرين في ملكية الشركة لأن المساهمين هم ملاك الشركة. وهذا الحق في الملكية يخول للمساهم المالك الحق في المطالبة بعوائد ريع الأسهم ونسبة مقدرة من أرباح الشركة السنوية تكون بقدر الأسهم التي يملكها. ومن القوة التي يمنحها السهم لمالكه هي ذلك الحق القانوني الثابت في انتخاب أعضاء مجلس ادارة الشركة ومراقبة أعمالهم حتى مرحلة إجازة التقرير السنوي النهائي. وهذا الحق يتمثل في مقدار الأسهم التي يملكها المساهم لأن لكل سهم صوتا واحدا.

إن امتلاك أسهم الشركات، وعلى المدى البعيد، يعني استثمارا في الشركة وما تحققه في نمو وزيادة رأس المال والذي ينتج عنه فوائد عالية مقارنة مع الاستثمارات الأخرى وهذا المكسب هو الدافع الحقيقي للاستثمار في أسهم الشركات. ولكن هذه المكاسب الربحية، خاصة بالنسبة للأسهم العامة العادية، قد لا تخلو من المخاطر العالية جدا لأن أي شركة اذا تعرضت للإفلاس أو تمت تصفيتها فان ملاك وحملة الأسهم العامة العادية لن يحصلون على أموالهم الا بعد استيفاء الدائنين وحملة السندات والصكوك والأسهم الممتازة لحقوقهم التي يمنحها القانون الأولوية والأفضلية على ملاك الأسهم العامة.

وبالنسبة للأسهم الممتازة، على سبيل المقارنة، فان ملاكها أيضا يعتبرون، ولحد ما، من ملاك الشركة وذلك بقدر ما يملكونه من الأسهم الممتازة في الشركة. الا أن هذه الملكية لا تمنحهم نفس قوة حقوق التصويت التي يتمتع بها ملاك وحملة الأسهم العادية. هذا مع ملاحظة أن هذه النقطة تعتمد أولا وأخيرا على النظام الأساسي للشركة لأن هذه الأنظمة تختلف من شركة لأخرى.

في العادة يمنح المستثمرون، في الأسهم الممتازة، نسبة محددة ومضمونة في ريع سعر الأسهم ويكون هذا الحق دائما ولأجل غير مسمى. وهذا الوضع يمثل اختلافا جوهريا عن ملكية الأسهم العامة لأن ريع الأسهم العادية يتم تحديده عبر السوق «أي غير محدد» وهو كذلك غير مضمون. ونضيف أن من أهم مميزات الأسهم الممتازة أن حاملها أو مالكها، في حالة التصفية، يحصل علي حقوقه قبل حملة الأسهم العامة ولكنهم في جميع الأحوال لا يتقدمون على الدائنين لأنهم أصحاب الأولوية الأولى في جميع الأحوال.

والأسهم الممتازة لها خاصية أخرى تتمثل في أنه يجوز للشركة ولأي سبب من الأسباب، وفي أي وقت، شراء الأسهم الممتازة من ملاكها مقابل سعر «برميم» يتم تحديده بواسطة الشركة. ونظرا لهذا فهناك من يعتبر الأسهم الممتازة نوعا من أنواع الدين «ديبت» وليس سهما استثماري «اكوتي»، أي أنها أقرب الى تمثيل نوع من السندات أكثر من أنها تمثيل نوع من الأسهم كتلك الأسهم العامة العادية...

ما ورد أعلاه يمثل نوعان من الأسهم وهما أكثر أنواع الأسهم شيوعا في الأسواق. الا ان هذا لا يعني أنه لا يجوز للشركات استنباط أو استحداث أنواع أخرى من الأسهم، وفق الكيفية التي يحددونها، والتي يجوز للمساهمين من المستثمرين تملكها. والمحور الأساسي الذي بموجبه يتم تحديد أنواع الأسهم أو استحداثها هو الكيفية التي تراها الشركة أو ترغب فيها في منح حق التصويت لملاك وحملة الأسهم. وهنا ربما ترى الشركة منح صلاحية حق التصويت لفئة معينة ومختارة من حملة الأسهم مثل «الفئة أ» ويتم منح هذه الفئة عشرة أصوات مقابل السهم الواحد بينما تظل الفئات الغالبية الأخرى مثل «الفئة ب» تتمتع بصوت واحد مقابل كل سهم كما هو معتاد. وكل هذا التنويع يتم وفق الأحكام الواردة في النظام الأساسي للشركة وهو بالطبع يبين رغبة مؤسسي ومساهمي الشركة.. ولذا عندما نرغب في الدخول في شركة، علينا الاطلاع على النظام الأساسي للشركة ليتسنى لنا معرفة أنواع الأسهم في الشركة، وحقوق حملة وملاك هذه الأسهم، وكيفية الاستثمار في هذه الأسهم.

Email: [email protected]