أعمدة

وجهة نظر : ما بعد حلب..!

25 ديسمبر 2016
25 ديسمبر 2016

سالم الجهوري -

[email protected] -

لا يشك أحد أن معركة حلب تعد مرحلة فاصلة جدا في مسيرة الأزمة السورية التي اندلعت شوارعها قبل 5 سنوات، والتي أكلت الأخضر واليابس والبشر والحجر ولم تترك في كل إنسان سوري إلا ندبة على ما حدث ويحدث بين الأشقاء في الوطن الواحد.

معركة حلب خسر فيها البعض من الداخل والخارج، وربح البعض في الداخل والخارج، لكنها تبقى مفترق طرق، أما إعادة سوريا الى وضع ما قبل 2011، أو إلى المزيد من الدمار والخراب والقتل والألم خلال المرحلة المقبلة.

الرابحون في هذه المعركة التي ركزت فيها الحكومة السورية وحلفاءها فيها لاعتبارات عدة، أولها ان استعادة حلب ستشكل منعطفا مهما في أي مفاوضات سلام خلال الفترة المقبلة، والتعجيل باستعادة شطرها الشرقي قبل انتهاء ولاية أوباما في العشرين من يناير القادم، وقبل تولي إدارة ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.

أضف الى أن استعادة الجيش السوري لكامل حلب يعني إن هناك بعض خطوات أخرى في حمص وتدمر ودرعا والحسكة والرقة وكلها مواقع تمثل مسارات مهما للجيش السوري الذي تجاوز مرحلة صعبة خلال الشهور السنة الماضية، كما أنها توضح الكثير من الحقائق حول ماهية المقاتلين في شرق المدينة والذين يبدو أن غالبيتهم من خارج حدود الدولة السورية، كما انه يمنح المزيد من المسؤولية على عاتق الحكومة السورية لتسوية أوضاع اللاجئين فيها، وتوفير الأغدية والمساكن لهم وحماية النازحين من شرقها إلى غربها.

الدلالات تشير إلى أن الجيش السوري استخدم أساليب جديدة في الحرب على الجماعات والتنظيمات المسلحة، ولعل أبرزها هي فتح عشرات الجبهات في المدينة الواحدة لتشتيت تركيز عناصرها، وهذه الطريقة يبدو أنها استطاعت خلخلة جبهة هذه التنظيمات وأسقطت صفاً بعد آخر في المدينة.

ثم إن استعادة المدينة تعد خطوة هامة نظرا لما تمثله حلب من مدينة استراتيجية وثقل في المجتمع السوري، وكذا لقربها من الحدود التركية ومعقلا للجماعات التي تتسلل الى الأراضي السورية.

أما الخاسرون لحلب فإن المهمة ستكون صعبة عليهم في إمكانية استعادتها مرة أخرى في الأيام القريبة، وكذلك يوضح أن قيادة هذه الجماعات المسلحة تحتاج الى المزيد من التنسيق الميداني خلال المعارك، ثم إن الأهم هو أن سقوطها سبب حالة معنوية لدى هذه التنظيمات إضافة الى إنها خسرت الكثير من العتاد والأرواح في سبيل الصمود والبقاء في الجزء الشرقي منها، ثم ان عليها أن تراجع استراتيجيتها إن كانت معاركها رابحة أم خاسرة خلال المرحلة المقبلة.

نعم حلب كانت قاسية على المدنيين لان عناصر هذه الجماعات تختلط بأهالي الأحياء ومن الصعب التفريق بينهم، وهذا ما عقد ويعقد مهمة الجيش السوري في الكثير من الجبهات خاصة التي داخل المدن المكتظة بالسكان.

المهم أن حلب ستحدد اتجاه مسيرة الدولة السورية خلال المرحلة المقبلة، إن كانت نحو مرافئ السلام أو انهر الدماء.