untitled-1
untitled-1
إشراقات

رسالة في الحثّ على تعليم العربية

22 ديسمبر 2016
22 ديسمبر 2016

ليزيد بن محمد العدوي (ق 6 هـ) -

تتضمن «رسالة في الحث على تعليم اللغة العربية» لمؤلفها يزيد بن محمد العدوي البهلوي أحد علماء عمان في القرن السادس الهجري، حظا ودعوة إلى تعلم علوم اللغة العربية وتعليمها، وبيان فضلها ومكانتها. الرسالة صدرت في كتاب عن مؤسسة ذاكرة عمان ضمن سلسلة أشتات مؤلفات من ذخائر التراث العماني، وقد ضبط نصها وأخرجها الباحث سلطان بن مبارك الشيباني، معتمدا على نسخة محفوظة بدار المخطوطات بوزارة التراث والثقافة، مع مراجعة نسخة أخرى محفوظة بمكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي.

يغلب على لغة الرسالة أسلوب السجع، إذ جاءت أغلب جملها مسجوعة موقعة، وقد كان الداعي إلى كتابة هذه الرسالة كما يقول المؤلف، هو شيوع اللحن، وعدم العناية بعلوم العربية عند العامة من الناس حينذاك، إذ يقول: «فإني لما رأيت اللحن قد استولى على كافة الأنام ، وأفسد جميع الكلام، وصار النحو ضحكة عند العوام، رغبت أن أشرح فيه أصولا مختصرة، وفصولا مقتصرة، ليهون على المتعلم أخذها وتلقينها، ويخف على المعلم شرحها وبيانها».

وليس ازدراء النحو، والانكفاء عن تعلمه وتعليمه؛ إلا جهل بأهميته في الفهم والتحصيل: يقول العدويّ البهلوي: «وإن ازدرى على الأدب واش، وطعن عليه عاش، فذلك لجهله وقلة عقله، لأن من جهل شيئا عاداه، قال الشاعر:

جهلت فعاديت العلوم وأهلها

كذاك يعادي العلم من هو جاهل

ولو كان في الأدب عيْب، أو في العربية ريْب، لم يأمر الرسول به، ويحث على طلبه، ومنزلة النحو في الكلام، كمنزلة الملح في الطعام، وكل العلوم محتاجة إلى النحو، والنحو مُستغنٍ عنها، يقول الشاعر:

كل العلوم إلى الإعراب محتاجة

وما إلى سبب منها له حاجة

وصاحب النحو عند الناس حرمته

كسيد لابس في قومه تاجه»

وفي سياق آخر جاء في الرسالة : «والأدب جلاء اللسان، وجلالة الإنسان، وبه يصح البيان، ويتضح البرهان»، فينبغي لكل متعلم أن يبتدئ بالأدب، لقول سيّد العجم والعرب، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم : «من تعلم العلم قبل الأدب فقد استعد أن يكذب على الله وعلى رسوله».

ويستطرد المؤلف الحديث في الحث على تعلم علوم العربية، مستندا على نصوص من القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، ونصوص من التراث والآثار العربية. من ذلك ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن من الكلام لحكمه، وإن من البيان لسحرا»، وتكلم رجل بحضرة ابن عباس بفصاحة فقال: هذا السحر الحلال، والرسول - صلى الله عليه وسلم - عربيٌّ مدح نفسه فقال: «أنا أفصح العرب ولا فخر» وفي رواية أخرى : «أنا أفصح العرب بيد أني من قريش».

وجاء في ختام رسالة الحث على تعليم العربية: «والعلوم فنون، والحديث ذو شجون، وهذا ما لا يحصيه كتاب، ولا يأتي عليه شرح ولا خطاب، ولم أطل في هذا الباب إلا على سبيل الحضّ على تعليم العربية، والحث على اللغة العربيّة، راجيًا في ذلك جزيل الأجر والثواب، خائفا أليم العقاب والله الموفق للصواب».