untitled-2
untitled-2
مرايا

دعوى عدم نفاذ التصرف (الدعوى البوليصية)

21 ديسمبر 2016
21 ديسمبر 2016

اعداد- رجب السيد قاسم -

محام ومحكم دولي -

[email protected] -

شروط دعوى عدم نفاذ التصرف

* الشروط التي ترجع إلى الدائن:

1- أن يكون حق الدائن محقق الوجود وليس احتمالي او معلق على شرط.

2- أن يكون حق الدائن مستحق الأداء وسابقاً في نشوئه على التصرف المطعون فيه إذا كان التصرف الصادر من المدين إلى الغير من قبيل المعاوضات كالبيع مثلاً فإن المشرع تتطلب في هذه الحالة أن يكون حق الدائن مستحق الأداء وقت قيام المدين بإبرام التصرف.

أما إذا كان التصرف الصادر من المدين إلى الغير من قبيل التبرعات كالهبة مثلاً، فيحق لجميع الدائنين أصحاب الحقوق الموجودة وقت إبرام التصرف بالطعن على هذا التصرف بعدم النفاذ في مواجهتهم.

وعلة هذه التفرقة بين ما إذا كان تصرف المدين بمقابل[ معاوضة ] وتصرفه تبرعاً، أن تصرف المدين المعسر إذا كان تبرعاً يفترض فيه أنه وقع إضراراً بالدائنين.

* الشروط التي ترجع إلى المدين:

3- الإعسار: يشترط أن يكون تصرف المدين مؤدياً إلى إعساره وأن يبقى الإعسار حتى وقت رفع الدعوى.

والإعسار متصور حتى في الفرض الذي يتصرف فيه المدين معاوضةً، ذلك أنه قد يبيع أمواله بثمن بخس. أو قد يبيع في وقت تتسم فيه الأثمان بالاتجاه إلى الانخفاض، كذلك قد يشتري المدين شيئاً بثمن مغالى فيه أو في وقت تتسم فيه الأثمان بالاتجاه إلى الارتفاع.

ويقع عبء إثبات إعسار المدين على الدائن رافع الدعوى، وهذا ما افصحت عنه المادة (273) من قانون المعاملات المدنية العماني التي تنص على:” إذا ادعى الدائن إعسار المدين فعلى الدائن أن يثبت ما في ذمة المدين من ديون، وإذا ادعى المدين أنه موسر فعليه أن يثبت أن له مالاً يساوي قيمة الديون أو يزيد عليها.” على أنه يكفي هذا الدائن أن يثبت ما في ذمة المدين من ديون، فينتقل عبء الإثبات إلى المدين ليثبت أن له من الأموال ما يكفي لسداد ديونه.

4- الغش أو التواطؤ:

يجب أن يكون تصرف المدين منطوياً على غش أو تواطؤ، وأن يتصل هذا الغش بعلم المتصرف إليه حتى يمكن الطعن على التصرف بعدم النفاذ.

ولكن يجب أن نفرق هنا بين حالتين: فرقت المادة (272) من القانون بين ما إذا كان التصرف الصادر من المدين معاوضة، وبين ما إذا كان التصرف الصادر عنه تبرعاً:

الحالة الأولى: إذا كان تصرف المدين بعوض كالبيع مثلاً فيشترط لإمكان الطعن على هذا التصرف أن يكون منطوياً على غش من المدين وأن يكون من صدر له التصرف على علم به.

ونظراً لأن إثبات الغش أمر صعب على الدائن رافع الدعوى، فإن المشرع قد يسر له هذا الإثبات فقرر أن الدائن عليه فقط لإثبات الغش أن يثبت أن المدين قد تصرف وهو معسر، ويعتبر من صدر له التصرف عالماً بهذا الغش إذا أثبت الدائن أن المتصرف إليه كان يعلم بإعسار المدين وقت التصرف.

وعلى ذلك فإن المتصرف إليه يمكن له التخلص من الطعن على التصرف بعدم النفاذ إذا أثبت أنه كان حسن النية ولا يعلم بإعسار المدين وقت التصرف.

ومع ذلك يستطيع المتصرف إليه أن يثبت حسن نيته حتى ولو قام الدائن بإثبات علمه بإعسار المدين، وذلك حين يثبت أنه بالرغم من علمه بإعسار المدين، فإنه كان يجهل أن التصرف قد تم إضراراً بالدائن.

الحالة الثانية :إذا كان تصرف المدين تبرعاً كالهبة فإن هذا التصرف لا ينفذ في حق الدائن حتى ولو كان المتصرف إليه حسن النية، وحتى ولو لم يثبت الدائن أن المدين قد ارتكب غشاً. وعلة ذلك هو أن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، فالمتصرف إليه تبرعاً ينتظر الحصول على منفعة بحتة دون مقابل، أما الدائن فإن التصرف قد أصابه ضرر لأنه بدون مقابل، فمصلحة الأخير تقدم على مصلحة المتبرع إليه لدرء المفسدة عنه.

ويطبق عدم نفاذ التصرف أيضاً في حالة صدور التصرف من الخلف، وهذا ما أكده البند (ج) من المادة (272) من القانون ذاته :” تطبق الأحكام السابقة في حالة صدور تصرف من الخلف الذي انتقل إليه الشيء من المدين”.

كما تنص المادة 272 في البند 2 منها على « اذا وفي المدين المعسر احد دائنيه قبل انقضاء الأجل كان كل دائن دينه مستحق الأداء أن يطالب عدم نفاذ التصرف «.

• الشروط التي ترجع إلى التصرف المطعون فيه:

1- صدور تصرف قانوني من المدين: فإن ما يصدر من المدين من أعمال مادية ولو كانت أعمال ضارة كحوادث السيارات التي يتسبب فيها المدين لا يمكن الاحتجاج بعدم نفاذها في مواجهة الدائنين وإن ترتب عليها تحميل المدين بالتزامات. وذلك لأن القول بعدم الاحتجاج بهذه الأعمال في مواجهة الدائنين معناه عدم حصول المضرور على التعويض عما أصابه من حوادث وهو ما لا يجوز.

2- أن يكون تصرف المدين ضاراً بالدائنين:

ويعد التصرف ضاراً بالدائنين إذا كان تصرفاً مفقراً للمدين، وهو لا يكون كذلك إلا إذا أدى إلى الانتقاص من حقوق المدين ( كإخراج مال من ذمته تبرعاً أو بمقابل بثمن بخس )، أو أدى إلى زيادة التزاماته كأن اقترض المدين بعقد قرض بفوائد.

أما إذا كان التصرف لا ينقص من حقوق المدين أو يزيد من التزاماته كعدم قبول المدين الهبة مثلاً فلا يجوز للدائنين الاحتجاج على هذا التصرف بعدم النفاذ لأن قبول الهبة من عدمه يقوم على اعتبارات شخصية وأدبية لا يستطيع تقديرها إلا المدين.

3- أن يكون تصرف المدين تالياً في النشوء حق الدائن: فلا يتصور بالطبع أن يصيب الدائن ضرراً من جراء تصرف المدين إذا كان تصرف المدين قد تم قبل نشوء حق الدائن.

ومع ذلك فإنه إذا أبرم المدين تصرفاً يريد به الإضرار بدائن مستقبل، فإن أي دائن يستطيع أن يحتج على هذا التصرف بالدعوى البوليصية ومن أمثلة هذه الحالة أن يبيع المدين عقاراته كلها قبل أن يبرم عقد القرض، ففي هذه الحالة فإن الغش يؤدي إلى استبعاد هذا الشرط. ويقع على الدائن عبء إثبات أن تاريخ التصرف المطعون عليه لاحق على حقه.

آثار دعوى عدم نفاذ التصرف

أ- آثار الدعوى بالنسبة للدائنين:

متى تقرر عدم نفاذ التصرف يستفيد منه جميع الدائنين الذين صدر التصرف إضراراً بهم حسبما ورد بالمادة 275 من قانون المعاملات المدنية العماني، وعلى ذلك فإن الدائن رافع الدعوى وغيره من الدائنين لا يمكن الاحتجاج بالتصرف في مواجهتهم فيستطيع أي دائن منهم اتخاذ كافة إجراءات التنفيذ على المال محل التصرف كما لو كان باقياً في ذمة المدين.

ب- آثار الدعوى على العلاقة بين المتصرف والمتصرف إليه:

إن دعوى عدم نفاذ التصرف لا تمس وجود التصرف المبرم بين المدين [ المتصرف ] والمتصرف إليه، فإن هذا التصرف يبقى صحيحاً منتجاً لجميع آثاره، وعلى ذلك فإن للمتصرف إليه أن يرجع على المدين المتصرف.

وقد ورد بالمادة 274 من قانون المعاملات المدنية العماني» للمتصرف اليه ان يتخلص من الدعوي اذا اودع قيمة المال المتصرف فيه خزينة المحكمة بما لا يقل عن ثمن المثل «

كما ورد بالمادة 276 من القانون ذاته «لا تسمع دعوي عدم نفاذ التصرف بعد انقضاء ستة أشهر من اليوم الذي علم فيه الدائن سبب عدم الصرف وفي جميع الأحوال لا تسمع الدعوى بعد انقضاء خمسة عشر سنة من وقت صدور التصرف»