أعمدة

وتر : الأمومة أولاً

21 ديسمبر 2016
21 ديسمبر 2016

شريفة بنت علي التوبية -

ما من عمل أهم من تربية طفل، استوقفتني هذه العبارة طويلاً رغم أنها أتت على لسان إحدى الممثلات في فيلم فتاة القطار، فيا لهذا المعنى العميق الذي لا تدركه كثير من الأمهات الآن في زحمة الأدوار وتعدد طرق البحث عن الذات وإثبات الوجود بزمن أصبحت فيه الأمومة مجرد اسم وشعار كغيره من الأسماء والشعارات، أو حدث قدري أتى دون تخطيط، نحتفي به بصورة منشورة للجميع.

تباً لعمل يأخذ الأمهات من أطفالهن، ذلك ما أقوله كلما رأيت مقطع فيديو لخادمة تعذّب طفلاً، وكلما سمعت عن حالات التحرش أو التعذيب التي يتعرض لها الأطفال حتى في الحضانات التي تظنها الأمهات مكاناً آمناً لهم، فأي مكان آمن أكثر من حضن أم، وأي يد أحن من لمسة أم، وأي امرأة مأجورة من الممكن أن تمنح الطفل المحبة التي تحرمه أمه إياها، ولكن ما أكثر البيوت التي أصبحت فارغة لساعات طويلة سوى من طفل وخادمة، وما أكثر الأمهات اللواتي تركن أطفالهن بعد شهر من الولادة لامرأة أخرى لا تملك عاطفة الأم ولا حنانها.

من الطرائف المضحكة المبكية عن أم تخبئ مجوهراتها في مكان آمن حتى لا تصل إليه يد الخادمة، لكنها في نفس الوقت تسلمها طفلها، فإلى أي مدى وصل بنا الحال وإلى أي مدى أصابنا التشوه العاطفي حتى تجاه أبنائنا، ترى لو خيرت إحدانا بين أن تترك عملها وتتفرغ لتربية أبنائها ماذا ستختار؟ كم واحدة منا ستختار الأبناء، وكم واحدة منا لن تعتبر ذلك تضحية منها في زمن غدت فيه الأمومة دورا ثانويا، ترى هل نجاحنا لا يمكن قياسه من خلال نجاحنا كأمهات ومربيات وربات بيوت، وهل مقاييس النجاح محصورة في أن تكون المرأة عاملة فقط بحيث تصبح الأم المتفرغة وربة البيت في المرتبة الأدنى؟!

العمل حق من حقوق المرأة، ولكن مع هذا الحق تراجعت حقوق أخرى كمنح الأمهات العاملات إجازة ولو بنصف راتب أو تفرّغ كما يمنح طالب الدراسات العليا، فنحن بحاجة لأمهات حقيقيات وليس إلى بطون تحمل وتلد، فمتى تمنح الأمهات حق أمومتهن ومتى يمنح الأطفال حق طفولة آمنة، ومتى يتم تنفيذ فكرة حضانات لأطفال الأمهات العاملات في أماكن العمل، أم أن الطفل في آخر القائمة رغم كل ما يقال وكل ما يكتب، ومتى تعي بعض الأمهات أن الأمومة أولاً وثانياً وبعد ذلك تأتي الحياة وما بها.