أفكار وآراء

تجربتي مع «تنفيذ»» «2-2»

17 ديسمبر 2016
17 ديسمبر 2016

سالم بن سيف العبدلي -

كاتب ومحلل اقتصادي  -

المرحلة الثالثة من مراحل البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي «تنفيذ» والتي أطلق عليها (مرحلة المشاركة المجتمعية) استمرت لمدة ثلاثة أيام وأقيمت بمركز عمان للمؤتمرات والمعارض الجديد والذي يقع بحي العرفان بمحافظة مسقط في أواخر شهر نوفمبر المنصرم، وشهدت حضورا جيدا من مختلف فئات المجتمع وقد اكتسبت هذه المرحلة أهمية كبيرة لعدة أسباب سوف نستعرضها في هذا المقال.

كان الغرض من إقامة الأيام المفتوحة هو مشاركة المجتمع المحلي وعرض النتائج النهائية لحلقات العمل (المختبرات) وتعريف الحضور بما تم التوصل اليه في تلك المختبرات وأخذ مرئياتهم ومقترحاتهم والمشاركة في استيفاء الاستبيان المصاحب حيث ان معطيات هذه المرحلة سوف تحدد مسار عمل البرنامج في المراحل اللاحقة.

من هنا تأتي أهمية هذا الأيام حيث انه ولأول مرة يترك المجال للجميع ان يشاركوا في ابداء ملاحظاتهم حول المشاريع التنموية والاستثمارية التي تعتزم الحكومة إقامتها والترويج لها بالتعاون مع القطاع الخاص وكما هو معلوم أن الخطط الخمسية والموازنات السنوية تعتمد دون اشراك المجتمع الا من خلال مجلس الشورى الذي تمرر عليه في زمن محدد.

المشاريع والمبادرات المعروضة أخذت طابعا آخر حيث إن القطاع الخاص سوف يكون شريكا أساسيا في تنفيذها ومساهمته تصل الى 80% واكثر إضافة الى ان هذه المشاريع هي ليست إقامة بنى أساسية تنموية وإنما مشاريع استثمارية هدفها تنويع مصادر الدخل وإيجاد فرص عمل للشباب العماني ، لذا فإن معرض الأيام المفتوحة للبرنامج الوطني «تنفيذ » نعتقد أنه حقق العديد من المزايا حيث استطاع ان يعرض نماذج لمشاريع ومبادرات وطنية بتفاصيلها المختلفة ومؤشراتها الاقتصادية وفرص العمل التي من المتوقع ان يوفرها ومساهمتها في تعزيز الاقتصاد الوطني .

من الملاحظ أن العديد من الشباب الذين شاركوا في المختبرات التي استمرت لستة أسابيع متتالية كان لهم حضور وتواجد في أيام المعرض والبعض منهم كان متواجدا يوميا من الساعة التاسعة صباحا وحتى الساعة التاسعة مساء وهي فترة فتح المعرض دون انتظار مقابل مادي أو ثناء من أحد وانما كان هدفهم خدمة الوطن وهذا يدل دلالة قوية على حرص هؤلاء الشباب على نجاح البرنامج وتنفيذ مبادراته.

ومن وجهة نظر شخصية ومن خلال تواجدنا في المعرض نستطيع تصنيف الفئات التي زارت الفعالية في أيامها الثلاث من حيث الانطباع والرأي الى ثلاث فئات وهي على النحو التالي:

الفئة الأولى: كانت متفائلة جدا بهذا البرنامج وتضع آمالا عريضة عليه وتعتبره فرصة جيدة وتجربة رائدة وبداية انطلاق نحو التنويع الاقتصادي المنشود هذه الفئة كانت تسأل أسئلة محددة وواضحة حيث كانت تركز على المزايا التي يمكن ان توفرها المشاريع والمبادرات المعروضة وفترة التنفيذ المقترحة وغيرها من الأسئلة المهمة.

الفئة الثانية: ما زلت مشككة في مدى قدرة الجهات المختصة على تنفيذ هذه المشاريع والمبادرات بل ان البعض استبعد ذلك نهائيا وكان لسان حالهم يقول إننا سمعنا كثيرا عن مبادرات ومشاريع يتم الترويج لها ولم نر شيئا منها على ارض الواقع مثل هذه الفئة موجودة بكثرة وربما انطباعهم هذا ناتج عن تراكمات سابقة وعن انعدام ثقة، حيث إنه في السابق تم الإعلان عن عدد من المشاريع المهمة خاصة في قطاع السياحة والعديد منها تم الترويج لها عبر وسائل الإعلام المختلفة الا ان تلك المشاريع قد تبخرت وأصبحت في مهب الريح.

الفئة الثالثة: كانت دقيقة جدا في طرحها وفي مناقشاتها وكانت أكثر إيجابية وتسأل عن ادق التفاصيل ونستطيع القول إن هذه الفئة كانت آراؤها تتراوح بين الفئتين الأولى والثانية وما زال لديها بصيص أمل في التنفيذ، هذه الفئة اغلبها فئة المتعلمين والمثقفين والذين يرغبون في المشاركة في اتخاذ القرار ويطرحون أفكارا ومقترحات جيدة ومفيدة وهم حريصون كل الحرص على ان تنفذ هذه المبادرات على أكمل وجه. بعد هذا الاستعراض السريع لتجربتي مع «تنفيذ» نستطيع القول ان امام السلطنة فرصة كبيرة للاستفادة من هذه التجربة وجعلها حقيقية من خلال قبول التحدي وتنفيذ هذه المبادرات التي اعلن عنها خاصة وان الجميع اصبح يعرف عنها وبالتالي لا مناص من المضي قدما في إجراءات تنفيذها، وطبعا هذا كما ذكرنا في السابق يتطلب تضحيات وجهود كبيرة من جميع الأطراف ذات العلاقة ونؤكد على أهمية التعديلات الهيكلية التي ينبغي ان تصاحب هذا البرنامج هذه التعديلات تشمل دمج العديد من المؤسسات التي تمارس نفس العمل والتي تتقاطع فيما بينها وضخ دماء جديدة قادرة على التأقلم والتكيف مع المرحلة القادمة فحان الوقت للتغيير من أجل مصلحة الوطن الذي ينتظر منا الكثير.