869945
869945
المنوعات

مسجد «المؤيد شيخ» درة المساجد المعلقة بالقاهرة

16 ديسمبر 2016
16 ديسمبر 2016

القاهرة، العمانية: يعد مسجد «المؤيد شيخ» بالقاهرة تحفة معمارية مبهرة وخير دليل على روعة العمارة المملوكية في مصر،كما يعد أحد أضخم المساجد فيها، ويقع بجوار باب زويلة بالقاهرة وقام بإنشائه السلطان الملك المؤيد أبو النصر شيخ المحمودية الظاهري.

وقد تضرر المسجد نسبيا إبان حالة الانفلات الأمني التي شهدتها مصر عام 2011م مما حدا بوزارة الآثار إلى ترميمه، لإعادته إلى رونقه وجماله.

ويقول طلعت محرم مدير عام ترميم آثار شمال القاهرة: «إنه تم رسم أجزاء المنبر بالمسجد بحرفية شديدة على برامج «الأوتوكاد» لإعادة تجميعها مع استقدام قطع أخشاب جديدة من نفس النوع لتعويض بعض القطع التي كانت حالتها سيئة وشبه مدمرة». وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء العمانية: أنه نظرا لأن منبر المسجد كان مطعما بسن الفيل والمعادن فقد استغرق الأمر وقتا وجهدا كبيرا لترميمه وإعادته لحالته الأصلية ، وتمت إعادة إظهار وتنظيف جدار المنبر والقبلة وما بهما من زخارف ورسوم .

وقد أعجب المؤرخ الشهير المقريزي بالمسجد وذكر في إحدى كتاباته أن للمسجد أربع واجهات، الواجهة الشرقية وهي الواجهة الرئيسية وهي مرتفعة تزينها وزرات رخامية في أعتاب نوافذها كما غطى كل شباكين من شبابيكها بقرنص واحد، ويقع المدخل الرئيسي في الطرف الشمالي ويتميز ببابه المصنوع من الخشب المصفح بالنحاس والمغطى بالذهب والفضة والذي نقله «المؤيد شيخ» من مدرسة السلطان حسن، وما يزال اسم السلطان حسن منقوشا على هذا الباب الذي يعتبر من أجمل وأدق الأبواب النحاسية في زمانه.

ويؤدي الباب إلى مدخل سقفه مرتفعا على هيئة مصلبة حجرية وبها تربيعتان من الرخام مكتوب في كل منهما بالخط الكوفي المربع آية الكرسي، وعلى يمينه ويساره بابان الأيمن يؤدي إلى طرقة مفروشة بالرخام على يسارها مزيرة عليها حجاب من خشب الخرط كتب عليها تاريخ إصلاحه (1308هـ - 1890) وتنتهي هذه الطرقة بباب يؤدي إلى مؤخر الرواق الشرقي.

أما الباب الثاني فهو في يسار المدخل ويؤدي إلى قبة شاهقة الارتفاع مبنية بالحجر، وحلي سطحها بزخارف دالية، وبهذه القبة قبران أحدهما قبر ابنه الصارمي إبراهيم وإخوته المظفر أحمد، وأبو الفتح موسى، والقبر الثاني هو قبر السلطان المؤيد شيخ، وعليه تركيبة رخامية تحيط بها مقصورة من الخشب الخرط، ولقد كانت له أربعة أروقة تحيط بالصحن لكنها تهدمت ولم يبق منها سوى الرواق الشرقي.

ويعتبر مسجد «المؤيد شيخ» من المساجد المعلقة وكان يستغل أسفل المسجد كحواصل (محلات) ينفق ريعها على المسجد بالكامل، وعند الدخول من باب المسجد الرئيسي نجد على اليسار سبيلا للمياه كان يستخدم قديما في إرواء ظمأ رواد المسجد وعابري السبيل.

ويتمتع المسجد بصحن داخلي ضخم نصفه مسقوف وهو بجوار المحراب والمنبر ويقع أمام المنبر جزء منه مرتفع عن الأرض كان يقف عليه المبلغ (المنادي) وذلك للترديد وراء الإمام في الصلوات لكي يسمعه الناس على طول امتداد المسجد ويتميز المسجد بوجود قبة داخلية ضخمة يبلغ ارتفاعها تقريبا 40 مترا.

ويتوسط صحن المسجد ميضأة دائرية كان المصلون ولا زالوا يستخدمونها في أغراض الوضوء، ورواق القبلة مغطى بسقف خشبي تعلوه زخارف نباتية ليس لها بداية أو نهاية وأسفل الزخارف شريط كتابت عليه آيات قرآنية مكتوبة بالخط الثلثي المملوكي مطلية بماء الذهب وجميعها تحث على إقامة الصلاة.

ويوجد في أعلى الشبابيك الرئيسية للمسجد شبابيك مصنوعة من الجبس الأبيض وبها زجاج معشق بالألوان، وكان للمسجد ثلاث مآذن اثنتان منها فوق باب زويلة واللتان تشكلان الآن أبرز معالم البوابة ومئذنة ثالثة مختلفة الشكل قرب المدخل الغربي ولكنها اختفت في القرن التاسع عشر الميلادي.

وتفيد الروايات التاريخية بأن المسجد ظل قائما حتى زمان حكم الدولة العثمانية لمصر وحتى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، لكن أثناء فترة ولاية أحمد باشا على مصر كانت هناك مجموعة من المتمردين على الحكم قد احتمت بالمسجد فأمر الوالي بضربهم بالمدفعية، ونتج عن ذلك تهدم ثلاثة أروقة من المسجد، وقد قامت هيئة الأوقاف بزراعة المكان بعدد من أشجار الزينة والفاكهة لحين دخول المسجد مرحلة الترميم خاصة إيوان القبلة والمداخل والمدرسة.